تحقيقات وتقارير

المتحف المصري الكبير.. 5,398 قطعة تحكي أسرار مصر القديمة

بدأ العد التنازلي لافتتاح المتحف المصري الكبير، الحدث الذي يترقبه العالم والمقرر له يوم السبت 1 نوفمبر، بمشاركة قادة ورؤساء دول مختلفة، في إنجاز يضع مصر على خريطة السياحة والثقافة العالمية. يمثل المتحف صرحًا حضاريًا متكاملًا يجمع بين عبقرية الماضي وروح الحاضر، ويقدم تجربة فريدة للزوار لم تشهدها أي جهة عرض تاريخية في العالم من قبل، سواء من حيث حجم القطع الأثرية أو أسلوب العرض المبتكر وتقنيات الاستدامة الحديثة.

ويعد المتحف المصري الكبير أكبر تجمع للآثار المصرية القديمة، ومشروعًا وطنيًا يربط بين الحفاظ على التراث وتحقيق التنمية الاقتصادية والثقافية والسياحية، ويعكس التزام الدولة برؤية مصر 2030 نحو مستقبل أخضر ومستدام.

«توت عنخ آمون» نجم العالم ينتظر الظهور

أكد عالم الآثار المصري الدكتور زاهي حواس أن المتحف يمثل “إنجازًا علميًا جبارًا”، مشيدًا بالدور المحوري الذي لعبته اليابان في إنجاز المشروع، والذي يعد تتويجًا لتعاون قوي ومثمر بين البلدين.

وأضاف حواس أن العالم بأسره ينتظر افتتاح المتحف لمشاهدة كنوز الملك الذهبي توت عنخ آمون، الذي وصفه بأنه “نجم العالم كله”، منوهًا بأن المتحف سيكشف عن كنوزه بصورة لم تحدث من قبل.

وأشار إلى أنه لأول مرة سيتم عرض المجموعة الكاملة لتوت عنخ آمون، والتي تضم 5,398 قطعة تم اكتشافها في المقبرة، بالإضافة إلى حوالي 500 قطعة لم تُعرض على الجمهور من قبل، ما يجعل التجربة التاريخية والتعليمية للزائر فريدة ومتكاملة.

وأوضح أن طريقة العرض في المتحف ستقدم للزائر تجربة مختلفة تمامًا عن رؤيته للآثار بالمتحف المصري بالتحرير، حيث سيتم تقديم القطع الأثرية بطريقة جديدة وقراءة وتفسير مختلفين كليًا، لتصبح تجربة التعرف على التاريخ أكثر تفاعلية وإثراءً.

اليابان شريك علمي وفني في المشروع

وأشار الدكتور حواس إلى أن إسهام اليابان في المتحف لم يكن مجرد دعم عادي، بل مشاركة علمية وفنية على أعلى مستوى، خاصة في مشروع ترميم مراكب الملك خوفو، الذي اعتبره إنجازًا علميًا هائلًا يضاف إلى سجل التعاون بين مصر واليابان.

وقال: “ما قدمته اليابان للمتحف وخصوصًا في ترميم مراكب خوفو، هو عمل علمي جبار، ومن الجميل أن تحتفل اليابان بافتتاح المتحف لإعلان قوة التعاون الذي تم بين البلدين لإنجاز هذا الصرح العظيم”.

وأكد أن افتتاح المتحف سيؤثر إيجابًا على قطاع السياحة، مشيرًا إلى أنه سيجلب لأول مرة سياحة يابانية على أعلى مستوى، مع فتح آفاق جديدة لجذب السياحة العالمية إلى مصر.

نموذج عالمي للاستدامة البيئية والثقافية

أكد الدكتور عاطف محمد كامل أحمد، سفير النوايا الحسنة وعضو اللجنة العلمية والإدارية لاتفاقية “سايتس”، أن المتحف المصري الكبير يعد واحدًا من أهم المشروعات القومية التي تجسد التقاء عبقرية الماضي بروح الحاضر واستشراف المستقبل، لا يقتصر دوره على عرض الآثار فقط، بل يتجاوز ذلك ليصبح رمزًا حضاريًا للتنمية المستدامة على المستويات البيئية والثقافية والاقتصادية.

وأضاف أن المتحف يمثل نموذجًا عالميًا رائدًا لتطبيق معايير الاستدامة البيئية والثقافية، حيث حصل على شهادة “EDGE Advanced” للبناء الأخضر، كأول متحف في إفريقيا والشرق الأوسط يحقق هذا التصنيف الدولي المرموق. ويعكس التصميم الهندسي للمتحف التزامًا كاملًا بترشيد استهلاك الطاقة والمياه، مع استخدام أنظمة ذكية للتحكم في درجات الحرارة والرطوبة بما يحافظ على البيئة الداخلية للقطع الأثرية ويقلل الانبعاثات الكربونية.

وأشار إلى أن إدارة المتحف تسعى لتحقيق الحياد الكربوني الكامل عبر خفض الانبعاثات، إلى جانب تنفيذ برامج توعية بيئية للزوار، خاصة الأطفال والشباب، تشمل أنشطة تعليمية ومواد علمية عن التنوع البيولوجي والمحميات الطبيعية والسياحة البيئية، ما يعزز ثقافة الوعي البيئي في المجتمع. كما يولي المتحف اهتمامًا خاصًا برصد جودة الهواء ومستويات الضوضاء داخل محيطه، لضمان بيئة نقية وصحية للقطع الأثرية والزوار والعاملين على حد سواء.

قاطرة جديدة للتنمية والثقافة

أكد الدكتور عاطف أن المتحف المصري الكبير يمثل مشروعًا وطنيًا متكاملًا للحفاظ على التراث الثقافي المصري الذي يمتد لآلاف السنين، حيث يضم مجموعة ضخمة من القطع الأثرية الفريدة التي تم ترميمها باستخدام أحدث الوسائل العلمية.

وأشار إلى أن المتحف سيصبح قاطرة جديدة للتنمية المستدامة من خلال دوره الحيوي في تنشيط السياحة الثقافية وجذب الزوار من مختلف أنحاء العالم، ما يسهم في زيادة العائدات وتحفيز القطاعات الاقتصادية المرتبطة مثل الفنادق والنقل والخدمات التجارية، فضلًا عن توفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة للشباب ضمن منظومة تشغيل حديثة تعتمد على مؤشرات أداء وآليات مالية شفافة.

واختتم تصريحاته بالتأكيد على أن المتحف المصري الكبير يجسد رؤية مصر نحو مستقبل يجمع بين الحفاظ على التراث وتنمية الاقتصاد المستدام والسياحة الثقافية، ويضع مصر في مصاف الدول الرائدة في إدارة المتاحف والآثار عالميًا.

 

Follow us on Google News Button

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى