
المواقف الحازمة هى التي تُفرز القوى من الضعيف، الشجاع من الجبان، وشاء القدر أن تتعرضى لموقف صعب وحدث جلل فوق الإحتمال، عندما لاحظتِ تغيرات فى سلوك فلذة كبدك وأعز ما لديك فى الدنيا، و أعطيتِ له الأمان فحكى لكِ ما كان يحدث له داخل المدرسة خلال عام كامل من إعتداء خسيس من عجوز جبان فاقد لكل معانى الإنسانية.
كان أمامك خياران: إما أن تصمتى وتَكتُمى ألمك داخلك وأن تُخفى الأمر تحت غطاء العار خوفا من نظرة غير سوية لنجلك من بعض جهلاء الفكر والعقل، كما يفعل كثيرون، أو تتملكى القوة والشجاعة وتختارى الطريق الصعب.
نعم يا “أم ياسين” لقد كنتِ عند حسن ظن ياسين بكِ، و كنتِ عند حسن ظن مجتمع بأكمله، فقد أخترتِ طريق الكرامة، طريق العدل، طريق الحق، طريق الأم التى ترى في ابنها إنسانًا يستحق أن يُسمع، أن يُحتضن، أن يُحترم، لا أن يُلام على ألم لم يقترفه ولم يختره.
وعلى مدار عام ونصف واجهتِ رياحاً عاتيه ومساومات وتهديدات، وحفظ لبلاغاتك ضد الجانى المعتدى على نجلك، ولكنكِ كنتِ كالجبل الصلب الصامد متسلحة بأمومتك و إيمانك القوى بحق ياسين الذى مر بتجربة مريرة، فكان قرارك ألا يُكمل هذا الجرح رحلته فى الظل والخفاء.
يا “أم ياسين” أكتب إليكِ وأنا أعلم أننى مهما قلت لن أجد من الكلمات ما يواسى قلبك الذى يحمل جرحاً وألماً فوق الإحتمال، ولكن لتعلمى يا ” أم ياسين” أنكِ بموقفك وصمودك وشجاعتك، سُطرت فى صفحات النضال التاريخية ضد الجبن والخذلان ودفن الرؤوس وسط الرمال، وسُطرت فى صفحات الإيمان بالعدل والدفاع عن الحق ومواجهة الباطل وكشف المارقين الفاسدين الذين يعيشون بيننا ويعيثون فى الأرض فساداً دون خوف أو رادع وكل ما يهمهم تحقيق نزواتهم الحقيرة دون النظر إلى ضحاياهم وما يسببونه لهم من ألم وتحطيم نفسى.
لتعلمى يا ” أم ياسين” أن شجاعتك وموقفك لم يكن دفاعاً عن ياسين فقط ولكنه كان دفاعا عن مجتمع بأكمله، وإنقاذاً لطابور من الضحايا الذين كان يمكن أن يضعهم حظهم العاثر فى طريق هذا العجوز الفاسد.
ولقد كان دفاعك اليوم عن نجلك أمام القاضى العادل أحد أهم أسباب الحكم العادل بالمؤبد لهذا الجانى الحقير، ولدينا ثقة أن باقى شركاء الجريمة الذين تستروا على الجانى سينالون عقابهم أيضا.
يا “ياسين” آن لك أن ترفع رأسك وتفتخر بأن لك أماً قوية شجاعة مثل أمك كانت السند والدعم والقوة حتى حصولك على حقك.
يا “أم ياسين” آن لكِ أن تستريحى قليلا لتستعيدى قوتك وعافيتك من جديد .. القضية لم تُقفل بعد، ولديك مهمة كبيرة أخرى لا تقل عن معركتك الحالية وهى إعادة تأهيل ياسين نفسيا ليتجاوز كل ما حدث له خلال الفترة الماضية.
وفى النهاية أقول لكِ يا ” أم ياسين”: شكراً لشجاعتك .. شكراً لإصرارك على إظهار الحق، ولتكونى قدوة لكل صاحب حق، وما ضع حق وراءه مطالب.