عاممقالات

سلوت وكلوب .. و«خيبتنا التقيلة»

فاز ليفربول بالبطولة رقم ٢٠ له بالدوري الانجليزي وهو أفضل دوريات العالم متساويا مع نادى مانشيستر يونايتد وذلك قبل ٤ مباريات من نهاية البطولة، ويُعد هذا الموسم من أفضل مواسم ليفربول خلال العقود الأخيرة.

ولاشك ان الفرحة بهذة البطولة لم تقتصر على مشجعى ليفربول بإنجلترا فقط ولكنها كانت داخل ملايين البيوت المصرية التى كانت تشعر بالفخر حيث إن ابنها النجم المصرى محمد صلاح كان أحد أهم أسباب تحقيق هذا الإنجاز، وهو حتى الأن هداف البطولة بفارق ٧ أهداف عن أقرب منافسية.

ورغم سعادتي من أجل فوز ليفربول وصلاح ولكن ما أستوقفنى خلال الإحتفال الكبير عقب مباراة ليفربول وتوتنهام على إستاد أنفيلد وهو أفضل إحتفال فى تاريخ الدوري الانجليزي شيء أخر، هو عندى أهم وأكبر وأعظم من الفوز بالبطولة، ألا وهو ما فعله وقاله مدرب فريق ليفربول أرنى سلوت عندما كان يُجرى حديثاً تليفزيونياً على الهواء من داخل الملعب وسط الآلاف من مشجعى ليفربول و متابعة الملايين من كل أنحاء العالم أمام شاشات التليفزيون.

كان أول ما نطق به وهو يمسك المايك  «يورجن كلوب La La La» وأخذت الجماهير تردد وراءه .. ما هذا يا ساده؟ وأى شخص أنت يا «سلوت»، وأى قيمة وعظمة ونظافة قلب تمتلكها؟.

في أهم لحظة إنتصار لك وتتويج لك ويشاهدك الملايين من كل أنحاء العالم تقوم بذكر من سبقك فى عملك وتطلب من الجماهير أن تحييه، وكأنك تقول للجميع إن هذا التتويج والفوز ما جاء إلا إستكمالاً لما صنعه من سبقنى في موقعى و الذى أسس وبنى هذا الفريق وأنا جئت لإستكمال هذا البناء.. هكذا تكون عظمة الأخلاق وهكذا تُبني وتنجح المؤسسات الكبيرة.

وبنظرة إلى واقعنا المؤلم تجد أن ما يحدث لدينا فى كل المواقع والمؤسسات والشركات وحتى الفرق الرياضية يناقض هذا النهج تماماً، فما من مسؤل يأتى إلا ويقوم بهدم ونسف ما فعله سابقوه ويبدأ فى تنفيذ ما يعتقده من جديد وما يستتبع ذلك من خلل مؤسسى و إهدار للوقت والجهد والمال، ولا يكتفي بذلك بل يتبارى بإظهار مواطن الفشل والضعف ومساوىء من سبقه.

الأمثلة كثيرة و عديدة، ولكننى أذكر هنا مثالاً واحداً صارخاً لهذا العبث والخلل والخيبة الكبيرة لقتل النظام المؤسسى، ألا وهى وزارة التربية والتعليم، ولعلكم تذكرون معى العقود الثلاثة الماضية وما حدث من خلل وتجارب متعددة فاشلة فكل وزير يأتى يهدم تجربة من سبقه .. إلغاء سنوات ثم عودتها .. إلغاء مواد أو دمج مواد .. نظام ثانوية عامة سنة ثم سنتين .. تحسين ثم إلغاء التحسين .. دمج العلمى والرياضة ثم فصلهما عن بعضهما، نظام إمتحانات أمريكي، ثم نظام البابل شيت، ثم نظام البكالوريا، أى عبث وفقر عقلى وفكرى هذا، فى أهم وزارة فى البلاد وزارة مسئولة عن بناء الأجيال وتأسيسها، ولذا تجدنا في ذيل التصنيف على مستوى التعليم في العالم.

المشهد الذى شاهدناه من «سلوت» تجاه من سبقه فى موقعه كاشف لماذا وصل هذا العالم المتقدم لما وصل إليه، وكاشف أيضاً لثقافتنا العقيمة ولخيبتنا التقيلة وإنحدارنا إلى الأسفل على كل المستويات.

Follow us on Google News Button

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى