قمة أسمرة الثلاثية.. مصر والصومال وإريتريا معا لمواجهة التوترات
الالتزام بالمبادئ الأساسية للقانون الدولي والاحترام المطلق لسيادة واستقلال بلدان المنطقة، والتصدى للتدخلات في الشؤون الداخلية لدول المنطقة.. ثوابت أكدت عليها القمة الثلاثية التي جمعت الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس إسياس أفورقي رئيس دولة إريتريا و الرئيس د. حسن شيخ محمود، رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية، في العاصمة الإريترية أسمرة.
جاءت القمة ضمن زيارة الرئيس السيسي لإريتريا في إطار تعزيز العلاقات الثنائية بين مصر وإريتريا والعمل بشكل مستمر على توطيد التعاون الإقليمي لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجه القارة الأفريقية.
كما أنها تعد خطوة على طريق استقرار منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر لما لها من أهمية استراتيجية بالنسبة لمصر، نظرا لتأثيرها المباشر على أمن البحر الأحمر وحركة الملاحة العالمية.
أيضا القمة تمثل خارطة طريق لتعزيز وتعميق العلاقات التاريخية بين الدول الثلاثة، ودعم قدرات الدولة الصومالية في مواجهة التحديات الراهنة، وتمكين الجيش الوطني من القيام بمهامه ومواصلة جهوده في التصدي للإرهاب وحماية السيادة الصومالية على كامل أراضيه.
كذلك تعزيز العلاقات والشراكة الاقتصادية فيما يخص التجارة، حيث ترغب إريتريا والصومال في تنمية علاقاتها التجارية مع مصر، خاصة في مجال الصادرات الزراعية، وجذب الاستثمارات المصرية في مختلف المجالات، إضافة إلى حاجة إريتريا إلى تطوير ميناء عصب ليصبح مركزا تجاريا إقليميا، إضافة إلى الربط الكهربائي.
* رسائل هامة
القمة الثلاثية حملت رسائل هامة بشأن دعم السلام الاستقرار في المنطقة، ومثلت دعما قويا للإستقرار وسيادة ووحدة الصومال في ظل التحديات الراهنة.
كذلك تعزيز العلاقات والشراكة الاقتصادية فيما يخص التجارة، حيث ترغب إريتريا والصومال في تنمية علاقاتها التجارية مع مصر، خاصة في مجال الصادرات الزراعية، وجذب الاستثمارات المصرية في مختلف المجالات، إضافة إلى حاجة إريتريا إلى تطوير ميناء عصب ليصبح مركزا تجاريا إقليميا، إضافة إلى الربط الكهربائي.
وسياسيا، أكدت القمة على تعهد مصر بتقديم الدعم السياسي والفني لمساعي جمهورية الصومال الفيدرالية بحفظ السلم والأمن الدوليين خلال فترة عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي للفترة 2025-2026 باعتبارها ممثلا للقارة الأفريقية.
* توقيت هام
القمة تأتي في توقيت هام في ظل ما تموج به منطقة القرن الأفريقي من متغيرات، وما تشهده المنطقة كلها من توترات واضطرابات ما يعنى أن تعزيز العلاقات والشراكة الاستراتيجية ضرورة حتمية.
وهو ما تحرص عليه الدولة المصرية من أجل عودة الاستقرار الذى يتطلب تعميق الحضور والتواجد المصرى في هذه المنطقة المهمة وأيضا للمساهمة في عودة الأمن للبحر الأحمر وتأثيراته على قناة السويس.
غير أن هذا التقارب بين الدول الثلاث يحقق كثيرا من المصالح، مثل مكافحة الإرهاب فى ظل احتياح اريتريا والصومال إلى الاستفادة من خبرات مصر فى هذا الشأن لأنهما يواجهان تهديدا من الجماعات الإرهابية في المنطقة وكذلك حاجة الجميع إلى تأمين خطوط الملاحية في البحر الأحمر، فى ظل تحركات من قبل أطراف لتهديد مصالحهما.
* التنسيق بين الدول الثلاث
خلال القمة تم الإتفاق على تطوير وتعميق التعاون والتنسيق بين الدول الثلاث من أجل تعزيز إمكانات مؤسسات الدولة الصومالية لمواجهة مختلف التحديات الداخلية والخارجية، وتمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بكافة صوره، وحماية حدوده البرية والبحرية وصيانة وحدة أراضيه.
القمة تناولت بعمق أكبر وتوصلت إلى توافق في الآراء بشأن الأزمة في السودان وتداعياتها الإقليمية والوضع في الصومال على ضوء التطورات الإقليمية الأخيرة وقضايا الأمن والتعاون بين الدول الساحلية للبحر الأحمر ومضيق باب المندب في سياق أهميته القصوى كممر بحري حيوي وآليات التنسيق الدبلوماسى والجهود المشتركة بين الدول الثلاث.
ورحب البيان المشترك الصادر عن القمة بالجهود التي تقوم بها كل من دولة إريتريا وجمهورية مصر العربية في دعم الاستقرار في الصومال الشقيق وتعزيز قدرات الحكومة الفيدرالية، والإشادة بعرض جمهورية مصر العربية المساهمة بقوات في إطار جهود حفظ السلام في الصومال.
وتم الاتفاق على إنشاء لجنة ثلاثية مشتركة من وزراء خارجية إريتريا ومصر والصومال للتعاون الاستراتيجي في كافة المجالات.
* قمة مصرية إريترية
علاقات قوية تربط مصر مع إريتريا أكد عليها الدور المصري الداعم والمؤيد للثورة الإريترية حتى تحقيق استقلالها عام 1993.. وبعد الاستقلال رحبت مصر بإقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين حيث تم إرساء أسس قوية لتطوير العلاقة المستقبلية وتنمية التعاون بين البلدين في المجالات كافة.
واستمرارا للعلاقات التاريخية والتعاون والتنسيق فيما يخص القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وتنمية التعاون بين البلدين في مجالات عدة.. جاءت زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لإريتريا.
تناولت الزيارة بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، بالإضافة إلى الأوضاع الإقليمية وجهود ترسيخ الاستقرار والأمن في القرن الأفريقي والبحر الأحمر، على النحو الذي يدعم عملية التنمية ويحقق مصالح شعوب المنطقة.
مرحلة جديدة من التطور في العلاقات الثنائية في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي التقى بنظيره الإريتري أسياس أفورقي نحو 6 مرات كان آخرها في مصر في يوليو 2020، حيث بحث الرئيسان آخر التطورات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، خاصة فيما يتعلق بملفات القرن الأفريقي وأمن البحر الأحمر، وتم التوافق على تعزيز التنسيق والتشاور الحثيث المشترك لمتابعة تلك التطورات، وذلك تدعيما للأمن والاستقرار الإقليمي.
* مصر وإريتريا يؤكدان تعزيز التعاون
صرح السفير أحمد فهمي، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، بأن مصر وإريتريا أصدرا بيانا مشتركا أكدا فيه ضرورة الالتزام بالمبادئ والركائز الأساسية التالية للقانون الدولي باعتبارها الأساس الذي لا غنى عنه للاستقرار والتعاون الإقليميين، وهي الاحترام المطلق لسيادة واستقلال ووحدة أراضي بلدان المنطقة، ورفض التدخلات في شؤونها الداخلية تحت أي ذريعة أو مبرر، وتنسيق الجهود المشتركة لتحقيق الاستقرار الإقليمي والعمل على خلق مناخ موات للتنمية المشتركة والمستدامة.
كما اتفق البلدان، على تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات تحقيقا لتطلعات الشعبين نحو التنمية والازدهار، وتعميق وتكثيف التشاور السياسي بين البلدين حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية والتطورات الجيوسياسية ذات الاهتمام المشترك، من خلال تدشين لجنة تشاور سياسي على مستوى وزيري الخارجية تجتمع بشكل دوري، وذلك بهدف تعزيز التعاون والتنسيق في المجالات التي تحقق المصالح المشتركة.
* علاقات وطيدة
من شواطئ البحر الأحمر التي تجمع بين البلدين حيث مصر في الشمال وإريتريا بالقرب من مضيق باب المندب الاستراتيجي .. ممرات الاستقرار الإقليمي على مر العصور.. وهو ماجمع البلدين في علاقات لم تتوقف عند مجالات معينة، حيث شملت جميع أنواع التعاون.
وتشكل مصر وإريتريا “بجانب السودان” ساحل ضخم ممتد على البحر الأحمر يشمل 355 جزيرة تابعة للسيادة الإريترية، وهو ما يجعلها من أبرز ممرات الاستقرار لحركة التجارة الدولية.
ويعكس الموقع الجغرافي للبلدين مدى عمق العلاقات، لذلك كان لمصر اهتمام ملحوظ بالقضية الإريترية بدءا من الأربعينيات في القرن الماضي وتبلور ذلك في اتخاذ القاهرة مقرا لتأسيس جبهة التحرير الإريترية في يوليو 1960.
وكان للدبلوماسية المصرية دورا بارزا عندما نشأت حرب حدودية بين إريتريا وإثيوبيا امتدت لعامين (1998-2000)، حيث سعت مصر لتحقيق السلام بين الجانبين.
* التبادل التجاري بين البلدين
بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر وإريتريا ليسجل 119.05 مليون دولار خلال 2018، مقابل 104.8 مليون خلال 2017، وفق تقرير صادر عن إدارة الدول والمنظمات الأفريقية ووحدة الكوميسا بجهاز التمثيل التجاري.
ولفت التقرير إلى:
ارتفاع الصادرات المصرية إلى إريتريا لتسجل 116.99 مليون دولار خلال 2018، مقابل 103.43 مليون خلال 2017 .
ارتفاع الواردات المصرية من إريتريا لتسجل 2.05 مليون دولار خلال 2018، مقابل 1.4 مليون دولار خلال 2017.
كما تقدر نسبة السلع المصرية الموجودة بالسوق الإريترى “بصفة ثابتة” بنحو 10% من إجمالى السلع تبلغ أحيانا نسبة السلع المصرية 60%”.
كما تعد آلية إقامة معارض المنتجات المصرية هى الآلية الأكثر أهمية فى عملية التبادل التجاري، وهناك عدة مؤشرات إيجابية لإمكانية تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية المصرية الإريترية، تتمثل أهم مؤشراتها فى المحادثات القائمة لبدء التعاون فى المجالات التالية:
– التعدين والطاقة والذي يضم شبكة الربط الكهربائى بدولة إريتريا.
– حفر الآبار ومشروعات إنشاء السدود وتخزين مياه الأمطار، واستخدام تكنولوجيا الصوبات الزراعية.
– جذب الاستثمارات المصرية في مجال التصنيع الدوائي بدولة إريتريا.
– عقد لقاءات مستمرة للمستثمرين المصريين والإريتريين.
– التعاون في مجال المصايد وصيد الأسماك.
– المجال الطبي والعلاجي.
– الطيران المدني.
كما أنه في 8/3/2018 قام هاجوس جبر هويت المستشار الاقتصادي لرئيس الجمهورية الإريتري بزيارة إلى القاهرة حيث التقى خلالها المسؤولين المصريين المعنيين بالتعاون مع دولة إريتريا فى عدد من المجالات الاقتصادية.
وأجرى هويت مباحثات تتعلق بتعزيز التعاون القائم فى مجالات صيد الأسماك وإنشاء محطات شمسية لإنتاج الطاقة الكهربائية، بالإضافة إلى التعاون مع شركة المقاولون العرب فى مجال إنشاء وحدات سكنية فى إريتريا، وذلك فى إطار الأولوية التي توليها السياسة الخارجية المصرية لتكثيف التعاون مع الدول الإفريقية الشقيقة، والمساهمة فى زيادة معدلات التنمية بها.
تعزيز التعاون الزراعي
وفي مايو 2016 قام وفد مصري فني من وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي بزيارة لإريتريا لبحث سبل تعزيز التعاون الزراعي المشترك وإمكانية إقامة مزرعة نموذجية مشتركة في إريتريا والتباحث بشأن توقيع مذكرة تفاهم للتعاون المشترك في كافة مجالات البحوث والتدريب وتطوير المحاصيل الزراعية والدواجن.