مقالات

أيمن بدر يكتب: رجال الظل وصقور الدولة

في لحظة مشتعلة من تاريخ المنطقة، وبين نيران الحرب وضجيج الصواريخ، برزت الدبلوماسية المصرية كعنصر توازن وحكمة، لتقود تحركات مكثفة تهدف إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتثبيت التهدئة، وإنقاذ أرواح الأبرياء.

نجحت مصر – كعادتها – في أن تكون صوت العقل وصاحبة المبادرة، بعد تحركات وصفت بـ”الناجحة والمعقدة”، قادها رجال من خلف الستار، يلقبهم كثيرون بـ”الصقور المصرية”.

تحرك سريع ودبلوماسية هادئة

منذ اللحظات الأولى لتصاعد الأحداث، كانت القاهرة في قلب المشهد، تحركت على أكثر من محور، بدأت باتصالات مكثفة مع كافة الأطراف – الفلسطينية والإسرائيلية والدولية – لوقف التصعيد، وفتح قنوات التفاوض غير المباشرة، مع التأكيد على أن الحل الدائم لا يمكن أن يتحقق إلا بوقف شامل للعدوان وحماية المدنيين.

رجال الأجهزة.. جنود المعركة السياسية

وراء هذا التحرك، عملت أجهزة الدولة المصرية بتنسيق عالٍ وسرية تامة، حيث قاد رجال المخابرات العامة ملفات التفاوض الدقيقة، مستخدمين أدواتهم وخبراتهم الطويلة في إدارة الصراعات.
كانت الاحترافية المصرية واضحة في إدارة التوقيت، وفرض شروط التهدئة، وضمان تنفيذ الاتفاق على الأرض.

ما يُحسب لمصر في هذا الملف ليس فقط الوصول إلى وقف إطلاق النار، بل ضمان التزام الأطراف به، وهو ما تحقق عبر ترتيبات فنية وميدانية معقدة، لا يعرف تفاصيلها إلا من خاضوا غمار العمل الأمني والسياسي في مثل هذه الملفات الحساسة.

صوت مصر الموثوق في المجتمع الدولي

المجتمع الدولي أيضًا وجد في مصر الوسيط الأكثر اتزانًا وتأثيرًا. فقد حظيت التحركات المصرية بدعم دولي وإقليمي، وتم تثبيت الرؤية المصرية كإطار أساسي لأي اتفاق طويل الأمد لوقف إطلاق النار، إضافة إلى التأكيد على ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، وفتح المعابر بشكل آمن لتقديم الدعم الطبي والغذائي.

دور مصر.. تاريخي ومتجدد

ليست هذه هي المرة الأولى التي تنجح فيها القاهرة في إنهاء تصعيد عسكري خطير في غزة، فقد لعبت على مدار العقود الماضية دور الوسيط القوي والعادل، القادر على التحدث مع جميع الأطراف، وكسب ثقتهم، لكنها هذه المرة أثبتت أن مصر لا تكتفي بإطلاق بيانات، بل تبادر بالفعل، وتضغط، وتتحرك بحزم وهدوء.

تثبيت التهدئة.. الهدف الأهم

الجهود المصرية لم تتوقف عند إعلان وقف إطلاق النار، بل بدأت فورًا مرحلة جديدة من متابعة الالتزام بالتفاهمات، وضمان تدفق المساعدات، والتمهيد لبدء حوار أوسع حول الهدنة الدائمة، بما يحفظ حياة المدنيين ويدفع بعملية السلام إلى الأمام.

Follow us on Google News Button

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى