دراسة قانونية للمستشار خفاجى
التهجير القسرى جريمة حرب تهدر الشرعية الدولية وتعيد البشرية لشريعة الغاب
أكد المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة، أن أي نقل قسري لبعض أو كل أبناء الشعب الفلسطيني من سكان قطاع غزة، خارج ديارهم، سيشكل في حقيقته وجوهره انتهاكا خطيرا للقانون الدولي الإنساني، فضلا عن كونه يمثل “جريمة ضد الإنسانية” بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ومن شأنه أن يؤدي إلى إحداث توترات واضطرابات إقليمية قد تؤدي إلى حرب مدمرة في المنطقة برمتها.
جاء ذلك في دراسة قانونية أعدها المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي، تحت عنوان: “التهجير القسري جريمة حرب تهدر الشرعية الدولية وتعيد البشرية لشريعة الغاب” وذلك على خلفية التصريحات الإسرائيلية والمعلومات والبيانات المتداولة في بعض وسائل الإعلام الغربية، حول وجود مقترح إسرائيلي بنقل سكان قطاع غزة وتوطينهم في شمال سيناء.
وأوضحت الدراسة أن المقترحات الإسرائيلية المتداولة في هذا الشأن، تشكل عدوانا على السيادة المصرية ومخالفة صارخة للشرعية الدولية، حيث إنها ستؤدي إلى محو الوجود الفلسطينى من سياق التاريخ، وتكرار نكبة 1948 حيث أُجبر الفلسطينيون حينها على ترك منازلهم دون أن يتمكنوا من خدمة قضيتهم مرة أخرى.
وأشارت الدراسة إلى أن المادة (49) من اتفاقية جنيف الرابعة تحظر النقل القسري الفردي أو الجماعي أو ترحيل الأشخاص المحميين إلى أي دولة أخرى، بغض النظر عن الدافع إليه، مشددة على أن هذا الإجراء يشكل أيضا انتهاكا خطيرا للمادة (2) من البروتوكول الإضافي الثاني لاتفاقيات جنيف، الذي يحظر الأمر بتهجير السكان المدنيين أو إجبارهم على النزوح، لافتة أيضا إلى أن الترحيل والنقل القسري للسكان يعتبر من بين الجرائم الموصوفة ضد الإنسانية.
وأضافت الدراسة أن عمليات القتل العشوائي للمدنيين والتدمير الشامل لأحياء بأكملها في قطاع غزة، والاستهداف المنهجي للبنى التحتية والممتلكات على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي، تُخل بميزان الحق الدولي للإنسانية، الأمر الذي من شأنه أن يشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وأكدت الدراسة أن ما تقوم به إسرائيل من تخيير أبناء الشعب الفلسطيني المدنيين بقطاع غزة، بين الإبادة الجماعية أو التهجير القسري، يعد عملا انتقاميا خالصا، وأن هذا الأمر مُثبت من واقع الدعوات الرسمية التي أطلقها جيش الاحتلال الإسرائيلي لسكان القطاع، فضلا عن أن العمليات العسكرية الإسرائيلية تنصب على “الضرر وليس الدقة” وأن حجم التفجيرات العشوائية القاتلة لسكان غزة شيوخا ونساء وأطفالا، مع قطع إمدادات الغذاء والماء والكهرباء والوقود والدواء، تشكل في مجموعها جرائم دولية، يتعين على القوى الدولية الكبرى أن تتدخل لوقفها حفظا للكرامة الإنسانية .
واعتبرت الدراسة أن محاولات إجبار المدنيين بقطاع غزة على مغادرة منازلهم وتهجيرهم بشكل يخالف الشرعية الدولية، إنما تعكس نية إسرائيلية مُبيتة لـ “الإبادة الجماعية”.. مشيرة إلى أن هذا الوضع غير الشرعي أو القانوني في الأراضي الفلسطيني، ليس في مصلحة السلام والاستقرار الإقليمي والدولي، فضلا عن كونه يقوض أحكام القانون الدولي الإنساني ومبادىء حقوق الإنسان وجهود التنمية المستدامة، ومن ثم يجب أن يتوقف وإلا ستكون القوى الكبرى متواطئة في الجرائم المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني.