مقالات

التطوع والعمل الخدمي… حين ينهض القلب قبل الأيدي

بقلم : أكرم الفقي

في زمن تتسارع فيه الخطى وتزدحم فيه المسؤوليات، يظلّ العمل التطوعي مساحةً نقيةً يتنفّس من خلالها المجتمع روح الإنسانية. فالتطوع ليس مجرد وقت يُمنَح أو جهد يُبذَل، بل هو لغة صامتة تعبّر بها القلوب عن أرقى ما فيها، ورسالة تقول إن الخير لا يزال قادرًا على أن يشق طريقه مهما ثقلت الهموم.

حين يتحوّل الفرد إلى طاقة نور

المتطوّع أشبه بشمعة تُضيء لغيرها دون أن تنتظر مكافأة. هو ذلك الشخص الذي يرى في ابتسامة محتاج، أو في يد تُنتشل من أزمة، سببًا كافيًا ليواصل الطريق. لا يصنع المتطوع معجزات كبيرة في كل مرة، لكنه يصنع فرقًا صغيرًا، والفرق الصغير حين يتكرر يتحول إلى تغيير كبير يطال المجتمع كله.

العمل الخدمي… نبض المجتمع المستتر

العمل الخدمي هو العمود الفقري لكل مجتمع يريد أن يحيا بكرامة وعدالة. فهو يخفف آلام المرضى، ويفتح أبواب المعرفة أمام من حُرمها، ويعيد الدفء إلى بيوتٍ واهنة الجدران. ففي كل حملة تنظيف، وقافلة طبية، ومبادرة تعليمية، ثمة حكاية إنسانية تستحق أن تُروى، وثمة يد تمتد قبل أن يُنادى عليها.

قوة التطوع في توحيد الناس

من أجمل ما في العمل التطوعي أنه يجمع المختلفين على هدف واحد. فلا تسأل المبادرات التطوعية عن لون أو طبقة اجتماعية أو عمر؛ فكل من يملك قلبًا يؤمن بقيمة العطاء يجد مكانه. وهنا يولد نوع جديد من الوحدة؛ وحدة تصنعها الإرادة الطيبة لا القوانين.

التطوع… مدرسة لصناعة الإنسان

التطوع ليس خدمة للمجتمع فحسب، بل هو أيضًا رحلة يكتشف فيها المتطوع نفسه. ففيها يتعلم الصبر، ويتقن فن الإصغاء، ويكتسب مهارات جديدة، ويقترب أكثر من معنى المسؤولية. إنه يعلّم الإنسان كيف يكون قويًا بلا سلطة، ومؤثرًا بلا منصب، وعظيمًا بأفعاله لا بألقابه.

في النهاية… التطوع أثر لا يزول

يبقى العمل التطوعي أحد أعظم الأبواب التي يطرقها الإنسان ليتقن معنى الحياة. فهو يمنحنا فرصة نادرة لنكون جزءًا من الحل، لا مجرد متفرجين على المشهد. وحين نُقدّم وقتنا وجهدنا بمحبة، نعيد تشكيل العالم قطعةً قطعة، ونترك أثرًا لا تمحوه الأيام.

كاتب المقال:
– عضو محاكاة مجلس الشيوخ المصري
– مسؤول متابعة حياة كريمة

 

Follow us on Google News Button

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى