لأول مرة منذ عقود نرى ونشاهد ونعايش أكبر حملة مقاطعة للمنتجات والتوكيلات الأمريكية والغربية فى الشارع المصرى بقناعة داخلية مطلقه تنم عن إحساس وطنى وتضامنى قوى مع الأشقاء فى فلسطين وأهل غزة، معتبرين ذلك هو أضعف الإيمان وما بيدهم فعله ضد الغطرسة الأمريكية الغربية المتصهينه والذين يقدمون دعماً مطلقاً للكيان الإسرائيلى المحتل سواء كان دعماً سياسياً أو إعلامىاً أو دعماً بالسلاح والمؤن والمال.
جاء رد الفعل القوى والفاعل فى الشارع المصرى بمقاطعة كل ما هو منتج أو توكيل من تلك البلاد ليكون رسالة لهم بأننا سنقاطع إقتصادكم والذى توجهوا جزءاً منه لقتل وإبادة أشقائنا فى فلسطين المحتلة.
و من المشاهدات التى تسعدك بهذه المقاطعة أن الأطفال المصريين يأتون فى طليعة مشهد المقاطعة، فلقد رأيت وسمعت بنفسى حديثهم وإصرارهم على المقاطعة حتى لو كانت منتجات يحبونها وتعودوا على تناولها، وكل منتج يأتي به أباؤهم يسألون فورا: هل هذا خارج المقاطعة؟.
والمكسب الكبير فى هذا الأمر أن هذه الأجيال بهذا الفكر تتشكل لديها الآن عقيدة وطنية عربية قومية ورؤية واضحة لما يعانيه شعب عربى شقيق يستحق المساندة والتضامن والتضحية بما نمتلكة من قرار، وهذا يهدم ما حاول الفكر والإعلام الأمريكى الغربى وتابعيهم فى المنطقة العربية، بثه وفرضه خلال سنوات ماضية من تغريب الفكر وفقدان للهوية العربية وتهميش للقضية الفلسطينية وإلصاق تهم الإرهاب بالمقاومة الفلسطينية.
ولا شك أن حملات المقاطعة لها جانب إيجابى آخر يجب أن يتم إستغلاله جيدا وعدم تفويت الفرصة، وهو إستبدال المنتجات التى تمت مقاطعتها بمنتجات مصرية وطنية، لم تكن تجد لها فرصة للظهور والتواجد فى السوق المصرى بصورة كبيرة، فها هو الوقت وها هى الظروف مواتية ومناسبة جدا للقبول بهذه المنتجات حتى لو كانت أقل جوده من منتجات المقاطعة.
ولكن ذلك يستوجب بذل جهد كبير وفكر تسويقي وإنتشار واسع وفتح خطوط إنتاج جديدة وسينعكس على ذلك خير كبير سواء للإقتصاد الوطنى بتقليل فاتورة الإستيراد، وخير كبير للمواطنين بخلق الألاف من فرص العمل الجديدة، فهل يتم إستغلال هذه المقاطعة الشعبية غير المسبوقة وهذا الوعى الشعبى الوطنى لدفع عجلة الإنتاج وإعطاء دفعة قوية للإقتصاد والصناعة الوطنية أم سنترك الفرصة تضيع دون إستفادة ؟