عاممقالات

بين حلم «الكمبوند» .. وحلم «كيس السكر»!

أثناء جلوسى أمام التليفزيون أشاهد العشرات من إعلانات الترويج عن الكُمبوندات الجديدة، أشرد بخيالى وأحلامى فى إختيار إحداهن حيث عيشة الرفاهية الكبيرة والعيش فى فيلات وشاليهات وشقق ذكية وتواجد كل ما يلزمك بجوارك داخل الكُمبوند، لكن سرعان ما أستفيق من تلك الأحلام العبثية عندما أتذكر حلمى الأخر وهو حلم الحصول على كيس سعر مدعم من أبو (٢٧).

الحلم الأول يحتاج إلى ثروة كبيرة حيث إن الأسعار خيالية ولا طاقة لى ولا لغالبية الشعب بها، فلو ظل أعلى موظف حكومي دخلا يدخر كل مرتبة طوال مشواره الوظيفى فلن يستطيع الحصول على إحدى تلك الوحدات وستظل علاقتى وعلاقة غالبية شعبنا بهذة الكمبوندات هى علاقة المتفرج وفقط من خلال التليفزيون.

أما الحلم الأخر، وهو حلم الحصول على كيس السكر أبو ( ٢٧ ) فهو أيضا ليس بالسهل واليسير ولكنه يلزم أن تقف فى طابور طويل جداً للحصول عليه من إحدى السلاسل التجارة الكبيرة، والتي تجد فيها من ينادى طابور السكر هنا يا أستاذ.

هذين الحلمين يُنبئان عن تباين كبير جداً بين طبقتين أصبحا هما المكون الحالى للمجتمع المصرى، بعد أن تآكلت الطبقة المتوسطة وماتت إكلينيكياً ولم يعد يتواجد بها سوى القلة القليلة أما البقية الباقية من هذة الطبقة والتى كانت رُمانة ميزان المجتمع والقادرة على إحداث التوازن والتدرج الطبقى الطبيعى للمجتمع، و التى كانت طبقة غالبية العلماء و المفكرين والأدباء وأصحاب المهن المتميزين من الأطباء والمهندسين والمعلمين والمحاسبين وكذلك صغار التجار، إنحدر بهم الحال وأصبحوا ضمن الطبقة الفقيرة التى لا تستطيع تلبية العديد والعديد من الإحتياجات والمطالب الحياتية اليومية كما كان من قبل.

وبالتبعية تحول أبناء الطبقة الفقيرة إلى تحت خط الفقر، فحالة التضخم الكبيرة وإنفلات الأسعار وضعف سعر صرف الجنية المصرى، كان كفيلاً بإحداث هذا الخلل المجتمعيى وهذا الفارق الكبير بين ثلة من الأغنياء تستطيع أن تشترى كل شيء وأى شيء، وبين غالبية عظمى أصبح حلمها الحصول على كيس السعر المدعم أبو ( ٢٧ ) أو زحاجة زيت مخفضة أو الحصول على كيلو لحم مستورد قليل الثمن.

وهناك فئة أخرى أصبحت غير قادرة على تلبية أدنى الإحتياجات الأساسية وتنتظر كرتونة المساعدات من الجمعيات والمؤسسات الأهلية.

والسؤال الذى يطرح نفسة الآن: هل سيستمر هذا الخلل المجتمعى الطبقى وتزداد الفجوة الطبقية أكثر مما هي عليه الآن، أم أنه يمكن تدارك الأمور وإعادتها إلى نصابها الصحيح لتعود الطبقة المتوسطة إلى مكانها الصحيح بإعتبارها البوصلة ورمانة ميزان المجتمع التى تنجب الملايين َممن يأخذوا بيد هذا المجتمع نحو مستقبل مشرق للبلاد وإمداد البلاد بالنوابغ القادرة على عودة البلاد إلى موقعها الصحيح كقائدة ورائدة للمنطقة بأكملها.

Follow us on Google News Button

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى