
لم يكن دافعي لكتابة هذه الحلقات سوى يقيني أنها السبيل للخروج من تلك الشرنقة التي ضاقت بنا وبأحلامنا، ويقيني أن الإدارة المحترفة وحدها هي السبيل لوقف متوالية العبث التي تحيط بنا منذ عقود.
في الحلقة الأولى من هذه السلسلة، أكدت كيف أن خبرات ٢٥ سنة في ادارة المستشفيات، كانت السبب الرئيسي في أن أكتشف أن مشكلتنا الرئيسية في إدارة الموارد البشرية، وأنه لا توجد لدينا معايير حقيقية للتقييم يتم من خلالها قياس الأداء باحترافية حتي بعد صدور قانون الخدمة المدنية الجديد.
وفي الحلقة الثانية، أجبنا من وجهة نظرنا عن السؤال: كيف نصل الي الفئات المطلوبة، وأنه من الممكن أن يتم تصميم نموذج برقم كودي علي الانترنت يشمل جميع الأسئلة المحترفة التي يمكن من خلالها أن يقوم الخبراء بتحليل تلك البيانات وعمل تقسيم لجميع العاملين بالدولة.
وبعد أن شرحنا في الحلقات السابقة أهمية الاستثمار في الموارد البشرية في الجهاز الإداري للدولة، نستعرض معا الفوائد التي سوف تعود علي مصر من تنفيذ هذا البرنامج.
** أولا: اختيار القيادات من أصغرها إلي أكبرها علي أساس الكفاءة والمصداقية وتكافؤ الفرص، مما سيؤدي قطعا إلى زيادة غير مسبوقة في الانتاجية كنتيجة مباشرة لوضع الرجل المناسب في المكان المناسب.
** ثانيا: سعي كل القيادات إلى العمل الجاد المستمر بعد أن تأكد من وجود طريقة تقييم عادلة ستؤدي به إلي مناصب أكبر في حالة تحقيقه أهداف المؤسسة، فضلا عن عدم اطمئنانه إلي وجود دعم أو واسطة والتي لن يصبح لها وجود كما نقترح، وبالتالي حركة نشاط مستمرة داخل أروقة الجهاز الإداري للدولة كنتجة مباشرة للعدالة ووجود فرص حقيقية متاحة لكل مواطن.
** ثالثا: وضع نظام إثابة مالية مبني علي تحقيق الأهداف رقميا سيؤدي حتما إلى انتماء العاملين للمؤسسات التي يعملون بها.
** رابعا: رفع كفاءة العاملين كنتيجة مباشرة لتنفيذ برامج تدريبية متخصصة مبنية علي احتياجات تدريبية واقعية سيؤدي حتما إلى وجود فرص متاحة لهم في القطاع الخاص مما سيثري القطاع الخاص أيضا.
** خامسا: ولو نظرنا بعيدا فإن تلك الكفاءات الحكومية ستجد طريقا للسفر لدول الخليج أو حتى إلى أوروبا وغيرها، كنتيجة مباشرة لكفاءتهم وبالتالي زيادة تحويل العملة الصعبة لمصر.
وفي النهاية فإن الأمم تقوم دوما علي عاتق الموارد البشرية التي كلفها المولي عز وجل بإعمار الأرض.
كل ما سبق سيؤدي حتما إلى زيادة الانتماء للوطن، مما يعزز الأمن القومي المصري ويغير مفاهيم سلبية كثيرة توطنت وترسخت لدي كافة المواطنين مثل الواسطة والمحسوبية ووجود طبقات في مصر تحيا حياة مرفهة وفئة أخرى تكابد، تكتفي فقط بأنها على قيد الحياة.
رؤيتنا التي أسلفناها للإدارات المحتارفة، ترسخ مبدأ واحداً، نلخطه في تلك الكلمات: «عاوز توصل …. تعلم واجتهد» .. لا أن تبحث عن واسطة تحملك إلى مكان لا تستحقه.
أتطلع إلى يوم يتحقق فيه هذا الحلم، حلم أن يحصل من يستحق على ما يستحق، وأن تكونالأولوية للكفاءة ولا شيء سواها .. أن يسود العدل، وأن يتولى أمور العباد أهل الكفاءة والعلم والخبرة والسداد.
وإلى اللقاء في موضوعات وأحلام أخري باذن الله