عاممقال رئيس التحرير
نبيل فكري .. يكتب: الفشل الذكي !!

العاطفة المصرية، قادرة على «طحن الزلط»، حتى باتت مخرجاً مثالياً وملاذاً آمنا للفساد وللفشل .. تحتدم الأزمة وتشتد، ثم تنتهي بكام صورة لعربية فول وابتسامة مسكين، وونس الأتوبيس، ولمة الشوارع، وضوء خافت في حارة شوارعها طين، وحضن أم لولدها،
وبسالة بطل هو في الحقيقة بريء من كل هذا الفشل، ومن طينة غير هؤلاء الذين يتاجرون به، بعد أو قبل الرحيل.. ننسى اللي مات، ونوجه الحكاية لمشهد آخر.
وبسالة بطل هو في الحقيقة بريء من كل هذا الفشل، ومن طينة غير هؤلاء الذين يتاجرون به، بعد أو قبل الرحيل.. ننسى اللي مات، ونوجه الحكاية لمشهد آخر.من الأمثلة الكاشفة لذلك، حادث سنترال رمسيس، الذي هدأت عاصفته بكام صورة لأبطالنا من الدفاع المدني (وهم فعلاً أبطال) ثم صورة طلابنا من كليات الهندسة والفنيين، يفترشون الأرض ويصلحون الخطوط والكابلات، مع كام كلمة من مهيجات العاطفة، وموسيقى عمر خيرت، ويا حبيبتي يا مصر، ولف وارجع تاني، ولا كأن شيء حصل.
رائعة قطعاً تلك المشاهد، لكن ما هكذا «تورد الإبل» على رأي المثل العربي القديم، فالشرطي الذي يتناول باكو بسكويت كان الأَوْلى بنا أن نظهر له من الاهتمام ما يستحق، وطلاب كلية الهندسة، كان واجباً أن يعملوا في ظروف طبيعية ومثالية تتناسب وحجم الأمر، فالسنترال الذي قُلتم إنه عصب الاتصالات في مصر، لا يمكن أن نصلحه هكذا، في الطرقات، بمفكين و«بنزة».
وطالما أنكم تستدعون الإخوان غالباً في كل المشاهد، فما أدرانا إن كان وسط هؤلاء خائن أو مُندس أو عميل أو حتى «هاكر» يستطيع بشريحة يضعها في كابل أن يتحكم فيما لا نعلم، أو أن يسرق معلومات أو بيانات أو حتى أرصدة.
سرديات الفشل أصبحت بارعة في استخدام البراءة، وأنا هنا لا أُقلل من جهد كل مجتهد ولا من إخلاص أي مخلص، لكن طالما أن الأمر مرهون بالنوايا، وطالما أن أعداءنا كثيرون، وطالما أننا في مصر الحديثة، فالأولى أن نفعل الأمور كما ينبغي، بدلاً من اللعب على أوتار العاطفة، التي تخور في لحظة صفا وتسامح على كل شيء، فتغفر لمَها الصغير سرقتها، وتبكي بعد عودة حسام حسن لزوجته التي كدنا نشد الرحال إليها في الساحل لنحميها من بطشه، وتكتشف أن معادن المصريين الحقيقة تصقلها نيران السنترال.






