عاممقال رئيس التحرير

نبيل فكري .. يكتب: مستشفى شرق المدينة .. لا تهدموا الإنجازات من أجل «عبث الجروبات»

منصات التواصل تحركها الأهواء .. وما حققه الدكتور محمد فاروق يستحق الثناء

لو سألتني عن أفضل مستشفى في مصر، سأرد دون تردد: مستشفى شرق المدينة بالإسكندرية، رغم أنني لم أذهب إليها سوى مرة واحدة ورغم أنني لست من الإسكندرية.

هذه المرة كانت منذ سنوات، حيث عانى عمي من أزمة قلبية طارئة، وقتها كان الدكتور محمد سلطان محافظاً للإسكندرية، وكان قبلها محافظاً للبحيرة، وتجمعني به علاقة طيبة، سألته: ماذا أفعل؟، فنصحني بالتوجه إلى مستشفى شرق المدينة، مشيداً بمديرها الدكتور محمد فاروق، وبجودة الرعاية الصحية التي تقدمها المستشفى.

المهم .. في يوم وليلة، جرى كل شيء .. أجرى عمي عملية جراحية في القلب وخرج بصحة جيدة، وعدت أنا من هناك سعيداً لأن في مصر مستشفى حكومي بهذا الشكل وهذه الروح وهذه الإدارة. كانت أفضل من مستشفيات خاصة في مصر، كانت تشبه تلك المستشفيات التي كنا نرتادها أثناء رحلة عملي في الخارج، وظل مشهد المائدة المستديرة الذي يجمع الدكتور محمد فاروق بِفِرَق العمل كل صباح في المستشفى عالقاً بذهني، صورة مضيئة وسط هذا العبث الذي نحياه، ووسط فوضى الإهمال التي تسكن كل ركن في منشآتنا العامة.

تواصلت علاقتي بالدكتور محمد فاروق، أسأله في شأن ما أو أنصح أحد أصدقائي بالذهاب إليه في حالة وجود داعٍ طبي، وظلت «شرق المدينة» على حالها .. تغرد خارج سرب الإهمال والفوضى، وتحاكي بتطلعاتها ونجاحاتها أفضل المستشفيات في المنطقة وربما في العالم.

منذ يومين .. قرر محافظ الإسكندرية تغيير الدكتور محمد فاروق، والسبب كما أعلنوه هو رصد تجاوزات بحق المرضى أثناء زيارة مفاجئة للمحافظ، لكن السبب الأقوى أنه ليس على هوى «جروبات» التواصل الاجتماعي، التي هدمت كل شيء، وتتجه الآن لهدم إنجازات مستشفى شرق المدينة، ولا أدري ما علاقة تلك «الجروبات» بالطب والمستشفيات، وكيف لا زلنا نصدق أن منصات «الخراب» تلك قد يأتي منها خير.

يا سادة: مناط التقييم هو العمل ولا شيء غيره .. ماذا أنجز المستشفى وماذا حقق وكيف يسير، وليست منصات التواصل ولا صفحات «السوشيال ميديا» التي باتت وبالاً علينا، وهو وبَالٌ انتقل من البيوت إلى المؤسسات حاملاً الفوضى والعبث و«الخزعبلات».

أخشى أن هناك سراً خفياً أكثر من «الجروبات» ومنصات التواصل يقف خلف هذه النية التي ستزلزل «شرق المدينة»، فالدكتور محمد فاروق ليس من النوع المستكين، ولا من أولئك الذين يسيرون على هوى الأسياد، وأحسبه لا يعنيه إلا رب العباد، وخدمة العباد، وربما يكون قد أغلق الكثير من «الحنفيات»، وهذا في حد ذاته كفيل بأن يفتح عليه الكثير من الجبهات.

أنا لا أدري كيف سينتهي الأمر، لكن ما أعلمه أن ابتعاد الدكتور محمد فاروق في هذا التوقيت بالذات عن مستشفى شرق المدينة، ستكون له تداعياته الخطيرة، وقد تتحول المستشفى إلى تلك النماذج التي نراها حولنا والتي جعلت المستشفيات الحكومية مأوى للمرض بدلاً من أن تعالج المرض.

لا تهدموا صرحاً مضيئاً يقف شاهداً على أننا نستطيع، ولا تنقادوا وراء «جروبات المغرضين»، فالمحاسبة أبوابها معروفة، وإن كان على الدكتور فاروق مأخذ، فالمؤكد أن الفيصل هو «الطب والإدارة» .. الفيصل المرضى وجودة العيادات، وليس «الشير» والتعليقات واللايكات، ولا هوى الجروبات.

Follow us on Google News Button

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى