زيارة تاريخية للرئيس السوري أحمد الشرع إلى البيت الأبيض دون مراسم استقبال رسمي

في مشهد سياسي غير مسبوق منذ ما يقرب من ثمانية عقود، وصل الرئيس السوري أحمد الشرع، اليوم الاثنين، إلى العاصمة الأمريكية واشنطن، في زيارة رسمية التقى خلالها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب داخل البيت الأبيض، ليصبح بذلك أول رئيس سوري يدخل المكتب البيضاوي منذ استقلال سوريا عام 1946.
وبحسب ما نقلته وسائل إعلام أمريكية، فإن اللقاء بين الرئيسين جرى خلف الأبواب المغلقة واستمر أكثر من ساعتين، وسط حالة من التكتم الإعلامي، إذ دخل الرئيس السوري إلى مقر البيت الأبيض من بوابة جانبية بعيدًا عن عدسات الكاميرات ودون مراسم استقبال رسمية، على خلاف العادة المتبعة في استقبال كبار الضيوف عبر البوابة الشمالية للجناح الغربي.
وأكدت مصادر دبلوماسية أن الزيارة تأتي في توقيت حساس تشهده المنطقة، وتعكس تحولا في الموقف الأمريكي تجاه سوريا، خاصة بعد مؤشرات الانفتاح التي أبدتها واشنطن في الأشهر الأخيرة تجاه دمشق، حيث تنظر الإدارة الأمريكية إلى سوريا كشريك محوري في ملفات الاستقرار الإقليمي ومكافحة الإرهاب.
من جانبها، اعتبرت وكالة الأنباء السورية الرسمية الزيارة حدثًا ذا رمزية سياسية كبيرة، مشيرة إلى أنها تمثل تتويجًا لمرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين بعد سنوات من القطيعة والتوتر، وأوضحت أن اللقاء تناول سبل رفع العقوبات المفروضة على سوريا، وفي مقدمتها قانون “قيصر”، إلى جانب مناقشة ملفات إعادة الإعمار وعودة اللاجئين، والتعاون في مكافحة الإرهاب.
وخلال لقائه بعدد من ممثلي الجالية السورية في واشنطن، قال الرئيس الشرع إن العقوبات الأمريكية المفروضة على بلاده “في مراحلها الأخيرة”، مؤكدًا أن الحكومة السورية تعمل على رفعها بشكل كامل، داعيًا أبناء سوريا في الداخل والخارج إلى المساهمة في جهود إعادة الإعمار وتعزيز الاستقرار الاقتصادي.
وتعد هذه الزيارة الثالثة التي تجمع الشرع بترامب خلال عام 2025، حيث سبق أن التقيا في الرياض خلال القمة العربية – الأمريكية في مايو الماضي، ثم على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر المنصرم، قبل أن يجتمعا مجددًا اليوم في واشنطن في لقاء يوصف بأنه الأهم والأكثر حساسية بين الجانبين.
وكان الرئيس الشرع قد وصل إلى الولايات المتحدة قادمًا من البرازيل، بعد مشاركته في أعمال قمة المناخ “COP30” بمدينة بيليم، حيث أجرى هناك عدة لقاءات مع رؤساء دول ومنظمات دولية، ويرى مراقبون أن هذه الجولة تعكس رغبة دمشق في العودة القوية إلى الساحة الدولية وإعادة بناء علاقاتها مع القوى الكبرى بعد سنوات من العزلة السياسية.
وتبقى الأنظار موجهة إلى نتائج المباحثات بين الشرع وترامب، خاصة ما يتعلق بمستقبل العقوبات والعلاقات الثنائية، وسط ترقب دولي لما قد تحمله هذه الزيارة من انعكاسات على المشهد السياسي في الشرق الأوسط.






