
أشاد الدكتور زياد بهاء الدين نائب رئيس مجلس الوزراء الأسبق بحزمة التسهيلات الضريبية.. مشيراً إلى أنها مثاليةوتهدف لمد جسور الثقة والشراكة بين مصلحة الضرائب ومجتمع رجال الأعمال والممولين بصفة عامة.

فلسفة التسهيلات الضريبية..مد جسور الثقة والشراكة بين الضرائب والممولين
يقول الدكتور زياد لقد اطلعت على فلسفة وتفاصيل حزمة التسهيلات الضريبية، التى أعدتها وزارة المالية ومصلحة الضرائب المصرية، ووجدت معظم النقاط جيدة وإيجابية.
لكن السؤال، الذى ظل يشغلنى دائمًا هو: كيف يمكن أن نترجم كل ذلك على أرض الواقع؟
وقال بهاء الدين إن فلسفة حزمة التسهيلات تنطلق من قناعة واضحة بضرورة مد جسور الثقة والشراكة بين مصلحة الضرائب ومجتمع رجال الأعمال والممولين بصفة عامة.
20 إجراءً لتوسيع القاعدة الضريبية
وأضاف : لقد أحصيت 20 إجراءً لتوسيع القاعدة الضريبية، وتحفيز الالتزام الطوعى، منها نظام ضريبى متكامل لأى مشروعات أو أنشطة لا تتجاوز إيراداتها ٢٠ مليون جنيه سنويًا، ووضع حد أقصى مقابل التأخير لا يتجاوز أصل الضريبة، وتشجيع غير المسجلين على التسجيل، وفتح صفحة جديدة معهم، وآليات مُيسَّرة لتسوية المنازعات الضريبية، واستحداث آليات للتصالح، ورد ضريبة القيمة المضافة ومنظومة متطورة للمقاصة المركزية، والتوسع فى نظام الفحص بالعينة، وتشكيل مجلس استشارى لتوحيد الفتاوى الضريبية، وتعزيز دور وحدة دعم المستثمرين لتلقى الشكاوى والمستندات إلكترونيًا، وإلغاء الإقرارات غير المؤيدة مستنديًا بصورة مرحلية، وتشكيل جهات محايدة؛ لقياس مدى رضا الممولين عن الخدمات الضريبية، لضمان التطوير المستدام.
إجراءات مثالية
وقال نائب رئيس مجلس الوزراء الأسبق إن ما سبق يعد أبرز الإجراءات لتوسيع القاعدة الضريبية، ومن الواضح أنها جميعًا جيدة، بل لا أبالغ إذا قلت إنها مثالية، لكن مرة أخرى فإن السؤال الجوهرى هو: كيف نطبق ذلك على أرض الواقع، وكيف تصل هذه الرسالة إلى الجميع..ولماذا لا تصل هذه الإجراءات المثالية إلى عموم الممولين، وهل لاتزال الثقة مفقودة بين المصلحة والممول؟
قفزات ونجاحات نوعية فى السنوات الماضية
وأوضح أنه للموضوعية، ومن خلال أرقام التحصيل، التى تتزايد سنويًا، وتسهم بمعدلات ضخمة فى تمويل الميزانية، فإن مصلحة الضرائب ووزارة المالية حققتا قفزات ونجاحات نوعية فى السنوات الماضية، ورغم ذلك مازالت هناك ثغرات ينبغى العمل على سدها، عبر المزيد من الجهود لإعادة الثقة الكاملة مع كل الممولين الصغار والكبار، والنزول إلى أرض الواقع؛ لإقناع صغار الموظفين فى مصلحة الضرائب بالمرونة والواقعية فى التعامل مع مجتمع الأعمال.
وقال : الأهم من كل ذلك أن تقوم بقية الوزارات والمؤسسات بدورها فى الاقتصاد القومى، بدلًا من أن تكون مصلحة الضرائب هى المصدر الأساسى فقط لإيرادات الموازنة العامة للدولة.
شئون الاقتصاد
وأكد بهاء الدين إن كل ما نتحدث عنه فى شئون الاقتصاد له أساس ضريبى: تحفيز الاستثمار، العدالة الاجتماعية، العدالة الجغرافية، التنمية الاقتصادية، التنمية الاجتماعية، الصحة، التعليم، الفن والثقافة، كل هذه القضايا الكبرى تجد تعبيرها العملى فى السياسة الضريبية للبلد، وما تعبر عنه من اختيارات وانحيازات، واعية أو ضمنية.
وأضاف : سأضرب مثالين على ذلك: الأول فى الاستثمار؛ إذ مهما كان حماس الدولة، ورغبتها فى زيادة الاستثمار، فإن الواقع الضريبى، وما إذا كان مشجعًا للإنتاج والتشغيل والمخاطرة، أم معاقبًا لها، هو الذى يجعل المناخ مُرحِبًا بالمستثمرين أو طاردًا لهم، والمثال الثانى يتعلق بقضية أشد صعوبة، وهى العدالة الاجتماعية؛ حيث لا يكفى الاعتماد على زيادة الإنفاق الاجتماعى لتضييق الفجوة الكبيرة فى المجتمع؛ لأن الدعم والمنح والمعونات تستهدف الحد من آثار الفقر، ولكنها لا تمنح فرصة الخروج منه، بل يجب أن تصاحبها سياسة ضريبية وسياسة إنفاق عام، تسعيان إلى تحقيق الحراك الاجتماعى المطلوب.
لهذا فإن السياسة الضريبية- وما يرتبط بها من إنفاق عام- هى المدخل السليم لمناقشة الإدارة الاقتصادية، وما إذا كانت تسعى لتحقيق الأهداف، التى يتوافق عليها المجتمع، أم أنها تقدم للناس رؤى وشعارات نظرية، ثم تنتهى بنتائج مختلفة تمامًا.
مبادرات ضريبية مهمة
وقال لقد شجعنى على الخوض فى هذا الموضوع ما أتابعه من مبادرات ضريبية مهمة، أطلقتها وزارة المالية خلال الأسابيع الأخيرة، وعلى رأسها تيسير المعاملة الضريبية للمشروعات الصغيرة، والتصالح مع الأوضاع غير المقننة، وتسهيل تقديم الإقرارات، وإطلاق حملة إعلامية لتحفيز الناس على التعامل مع مصلحة الضرائب بشفافية أكبر.
كما أتابع اهتمام السيد وزير المالية أحمد كجوك والمجموعة المحيطة به؛ للتأكيد أن الهدف ليس مجرد زيادة الحصيلة الضريبية (وهو هدف مشروع تمامًا)، وإنما أيضًا إعادة الثقة بين الممولين والدولة.
كفاءة الوزير والمجموعة المحيطة
ولمعرفتى الجيدة بشخصية وكفاءة الوزير والمجموعة المحيطة بالوزير، عبر سنوات طويلة من العمل الحكومى، فإن عندى يقينًا فى صدقه وحماسه ورغبته فى بناء هذه الثقة.
واستطرد : لكن الحقيقة أن الموضوع «كبير جدًا»، وأكبر بكثير من تيسير الإجراءات، وتسهيل الإقرارات، بل وراءه تراث هائل وعقود، وربما قرون، من التوجس والملاحقة من جهة، ومن التهرب والتستر من جهة أخرى، إلى حد أننى لا أظن أن تعبير «إعادة الثقة» فى محله؛ لأنها ثقة لا أتصور أنها كانت موجودة ثم ضاعت، وهذا ما يجعل مهمة بناء الثقة، التى يستهدفها السيد الوزير أكثر صعوبة وتعقيدًا، وما يجعلها جديرة بالاحترام والتشجيع.
وأشار الدكتور زياد بهاء الدين إلى أهمية فتح باب للحوار حول موضوع السياسة الضريبية والإنفاق العام ليس بغرض القفز إلى نتائج مسبقة وآراء جاهزة، بل البدء بتوفير المعلومات الأساسية حول هذا الموضوع، الذى قد يبدو لغير المتخصصين «مغارة سرية» مغلقة على مَن يملكون مفاتيحها ويعلمون طلاسمها، ولكنه فى الحقيقة بسيط؛ لأنه يتعلق بما ندفعه نحن المواطنين للدولة، وما نحصل عليه من مقابل.
فلنبدأ إذًا هذه الرحلة معًا.








