دبلوماسيون:مرافعة مصر أمام “العدل الدولية” ستفضح انتهاكات إسرائيل وتضع العالم أمام مسئولياته تجاه القضية الفلسطينية
فى إطار جهود دعم الشعب الفلسطيني على كافة الأصعدة السياسية والدبلوماسية والقانونية، تترافع مصر، أكبر داعم للقضية الفلسطينية على مر التاريخ، أمام “محكمة العدل الدولية”، الأربعاء المقبل؛ للتأكيد على الانتهاكات الاسرائيلية ضد الفلسطينيين وفضح ممارسات الاحتلال المنافية لكافة الأعراف والمواثيق الدولية، كما ستضع مصر كافة دول العالم أمام مسئوليتها الأخلاقية تجاه التعامل مع القضية الفلسطينية.
وأجمع دبلوماسيون، في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم الأحد، على أن مشاركة مصر في الرأي الاستشاري الذي طلبته الجمعية العامة للأمم المتحدة من محكمة العدل الدولية حول السياسات والممارسات الاسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، سيسمح بتسليط الضوء على كافة الانتهاكات الخطيرة التي ارتكبتها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني من تعذيب وقتل وتهجير.
وفي هذا الإطار، يقول ممثل مصر السابق في لجنة الأمم المتحدة للقانون الدولي، السفير الدكتور حسين حسونة، إن مصر ستؤكد خلال مرافعتها على موقفها الثابت والداعم للقضية الفلسطينية وضرورة إنهاء هذا الاحتلال الظالم، كما ستفضح ممارسات الاحتلال على مدار ٧ عقود والتي وصلت اليوم لمخطط تصفية القضية نهائيا، عبر الإبادة والمذابح والتهجير، والذي ظهر جلياً للعالم منذ أحداث السابع من أكتوبر 2023، هذا المخطط الذي وثقته الكاميرات وشاهده العالم أجمع بفضل التقدم التكنولوجي لوسائل الاتصال.
وأضاف مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن مصر ستسلط الضوء على ممارسات إسرائيل من سرقة وضم أراضي الفلسطينيين وبناء المستوطنات وتزويد المستوطنين بالسلاح والتهجير والقتل والإبادة الجماعية وممارسة سياسة الفصل العنصري، الأمر الذي سيساعد المحكمة على إبداء رأيها.
وذكر بأن مصر سبق وقدمت رأيها مكتوباً للمحكمة، إلا أن هذه المرة سيكون شفهياً، وسيطالب بضرورة ايقاف ممارسات الاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي وإنقاذ الفلسطينيين الذين يتم تصفيتهم يوماً يعد يوم، وإعطائهم حقهم المشروع في إقامة الدولة المستقلة وفقاً للشرعية الدولية ولقرار تقسيم فلسطين الصادر منذ نحو ٧٧ عاماً والذي نص على اقامة دولتين إلا أننا لم نر سوى دولة واحدة هي إسرائيل.
وأشار إلى أن غالبية دول العالم مؤيدة لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وستدعم مصر في مرافعتها، باستثناء بعض الدول الغربية التي ترى أن ذلك قد يعرقل مفاوضات السلام، منوهاً إلى أن المحكمة سبق وردت في هذا الشأن بأن ذلك هو مجرد رأي قانوني، ثم على الجمعية العامة للأمم المتحدة أن تبدي رأيها حول القواعد القانونية المطبقة في هذا الشأن مما يتيح للمنظمة الدولية اتخاذ الإجراءات السياسية اللازمة.
وجدد التأكيد على أن الدور المصري تجاه ما يحدث في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، يعد هو حائط الصد الرئيسي تجاه المساعي الإسرائيلية الرامية إلى تنفيذ هدف أساسي متمثل في تصفية القضية الفلسطينية عبر تنفيذ سياسة التهجير القسري للفلسطينيين من أراضيهم، مشددا في هذا الصدد على أن القاهرة ترفض تماما مسألة التهجير سواء كان قسريا أو طوعيا.
من جانبها، رأت مساعدة وزير الخارجية الأسبق السفيرة ليلى بهاء الدين، أن القاهرة ستؤكد في مذكرتها أمام محكمة العدل الدولية موقفها الثابت والراسخ الذي طالما أعلنت عنه في كافة المحافل والمؤتمرات الإقليمية والدولية إزاء دعم القضية الفلسطينية، ورفض ممارسات الاحتلال الإسرائيلي المستمرة، إلى جانب التشديد على عدم وجود أي شرعية للسياسات التي تنتهجها “حكومة تل أبيب” المتمثلة في سياسات ضم أراضي الفلسطينيين وهدم المنازل والسعي لتهجير الفلسطينيين بالمخالفة لكافة الأعراف والمواثيق الدولية.
ولفتت المديرة التنفيذية لمؤسسة “كيميت بطرس غالي للسلام والمعرفة”، إلى أن مواقف مصر تجاه دعم القضية الفلسطينية ظاهرة وواضحة للجميع، ليس فقط خلال الفترة الأخيرة التي أعقبت السابع من أكتوبر الماضي، وإنما منذ بداية الأزمة، حيث تتصدر القضية الفلسطينية قائمة أولويات السياسة المصرية، إذ تعد القاهرة هي الحاضنة الرئيسية للقضية الفلسطينية وتحمل لواءها في كافة المناسبة، سعيا منها للتوصل إلى تسوية سياسية لتلك الأزمة التي طال أمدها، بإقامة دولة فلسطين على حدود 4 يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
ورجحت أن المرافعة الشفهية التي ستقدمها مصر أمام محكمة العدل الدولية (يوم 21 فبراير الجاري)، ستركز على عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي الذي دام أكثر من 75 عاما بالمخالفة للقانون الدولي، ورفض سياسات الاضطهاد والتمييز العنصري التي تمارسها إسرائيل في انتهاك صارخ للمبادئ والقوانين الإنسانية الدولية، مشيرة إلى أن القاهرة ستؤكد أمام المحكمة على مسئولية إسرائيل عن كافة الأفعال غير المشروعة، وستطالب بتعويض الشعب الفلسطيني عن الأضرار التي لحقت به نتيجة لتلك السياسات.
واعتبرت أن الخطوة المصرية ترمي في الأساس إلى وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته الأخلاقية في التعامل مع القضية الفلسطينية، وعدم الركون إلى سياسة التمييز في المعاملة، أو الكيل بمكيالين تجاه القضايا الدولية، كما تسعى مصر لوضع الدول الداعمة لإسرائيل أمام مسؤوليتها بالكف عن توفير الدعم لإسرائيل، وكذلك اضطلاع المنظمات الدولية والأمم المتحدة بمسئولياتها.
من جهته، قال مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير صلاح حليمة، إن مرافعة مصر أمام “العدل الدولية” تكتسب أهمية بالغة، كما تدعم دعوى جنوب أفريقيا التي بادرت بطرح القضية أمام المحكمة فيما يتعلق بالإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل في قطاع غزة والتي تمتد إلى الضفة الغربية بأساليب مختلفة.
وأضاف أن مرافعة مصر ستقابل، دون شك، بتأييد من قبل نحو ٦٠ دولة تدعم بالأساس محاكمة إسرائيل والقضية الفلسطينية، معتبراً أن تلك الخطوة من جانب القاهرة هي تأكيد على الاتهام الموجه لإسرائيل خاصة مع وجود مؤشرات وأدلة ضد دول الاحتلال سواء من خلال مواقف الحكومة الإسرائيلية الموثقة على أرض الواقع أو شهادة وتقارير المنظمات الإقليمية والدولية أو تصريحات المسئولين وكذلك الفيديوهات التي تشكل أدلة دامغة بالصوت والصورة.
ورأى أن الموقف المصري داعم ومؤيد للفلسطينيين خاصة أنه مرتبط بمواجهة توجهات إسرائيل نحو التهجير القسري والعقاب الجماعي وهدم المنشآت والمؤسسات وقتل الأبرياء من الأطفال والنساء بأعداد كبيرة، وصلت إلى ٣٠ ألف شهيد منذ السابع من أكتوبر، فضلا عن الأعداد التي لم تحصر ولاتزال تحت الأنقاض.
وتابع السفير صلاح حليمة، أن الموقف المصري مبني على أسس قوية قانونية وسياسية ويتماشى مع القوانيين الدولية التي انتهكتها “حكومة تل أبيب” عبر سياساتها التي ترمي إلى تصفية القضية الفلسطينية عبر الابادة والتهجير القسري، وكلها جرائم إنسانية وجرائم حرب.
واختتم بالتنبيه بأن سياسة العقاب و الإبادة الجماعيّة تشكل نوعا من أنواع الاعتداء على سيادة مصر لأنها تدفع أهل غزة إلى النزوح الجماعي تجاه سيناء، وهو عامل آخر يدفع مصر إلى المرافعة أمام المحكمة؛ لتؤكد على أن الابادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل هي في حد ذاتها تودي إلى انتهاك سيادة القاهرة على النحو الذي يأذن لمصر باللجوء الى حق الدفاع الشرعي لمواجهة هذا الاعتداء الذي يعد نوعا من أنواع العدوان وينبغي مواجهته طبقا للمواثيق الدولية وخاصة المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة للفصل السابع.