عاممقال رئيس التحرير

نبيل فكري.. يكتب: «مين اللي ما يحبش» بيراميدز؟

شخصياً، لا أحب المسلمات ولا التابوهات، ولا ذلك الماء الراكد، وربما ولا أن أُعول على التاريخ، والتاريخ فقط.

التاريخ مهم .. نعرف منه أين كنا، لكن الأهم أن ندرك أين نحن، وماذا أصبحنا.

أحب تلك القصص الملهمة، وأولئك الذين يسقطون على المشاهد فيبعثرونها رأساً على عقب، ويرسمون لوحتهم الخاصة.

أحب أولئك الجامحين الذين يمضون في الطريق، حتى لو أخبرهم ألف عائد أنه وعِر ولا يصلح للسير .. أحب الجديد، الذي يغير ملامح المشهد، ويثبت أن الدنيا «دوارة» وأنه لا بقاء لمن كل رصيده عدد السنين، وإنما لمن يريد ويكافح.

منذ أيام، تشغلني حكاية نادي بيراميدز، وربما لأبعد من الأيام .. ذلك النادي المصري، الذي نشأ هنا وبدأ هنا ولعب هنا، لا توجد في تاريخه تلك المنطقة الغامضة التي يلوح بها من آن لآخر أنصار الزمالك للأهلي أو الأهلي للزمالك، ومن كان وطنياً ومن نشأ في عباءة الأجانب .. قصة بيراميدز لا فيها ميشيل أنس ولا مرزباخ .. قصة فيها محمود الأسيوطي، والسعودي تركي آل الشيخ والإماراتي سالم الشامسي، والمصري ممدوح عيد المدير التنفيذي للنادي حالياً، والذي أرى شخصياً أنه حقق إنجازات فوق الحصر، لعل أهمها أن بيراميدز أصبح يستحق أن نكتب عنه وأن نتوقف عنده وأن نعول عليه وأن نتساءل ماذا حقق .. ليس طيفاً يمضي، ولا فريقاً يصعد ويهبط، ولا اسماً ننساه .. هو فريق مصري «مُهاب» يخشاه الجميع، وبالذات الأهلي والزمالك.

أزمة نادي بيراميدز، أنه نشأ بشكل أو بآخر في عباءة رأس المال، لكن من قال إن البقية كانوا غير ذلك .. المال حاضر دائماً في المعادلة، ورئيس النادي – أي نادي- وبالذات الأهلي والزمالك، إن لم يركن إلى مال يعينه على قيادة النادي سواء من نفسه أو من أنصاره، فلا مكان له في المعادلة والنادي إن لم يكن لديه مال، لن يستمر.

أتدرون ما هي الأزمة الأكبر لبيراميدز .. ؟ .. إنها الأهلي والزمالك .. قطبا الكرة المصرية، اللذان لا يريدان أن تكون الكرة المصرية مثلثة ولا مربعة .. كان معهما الإسماعيلي، وارتضيا هذا الهوان الذي حل بالدراويش، ويمضيان وكأن شيئاً لا يحدث، تماماً كما خرج من المشهد عبر التاريخ كثيرون، الترسانة والسكة والمحلة .. لكن لا أحد من أولئك الذين خرجوا يشبه بيراميدز. بيراميدز تهديد حقيقي لسطوة أولئك الذين لا يريدون في المشهد سواهم، وأقول الأهلي والزمالك، حتى «يتفرق دم الرفض بين القبائل»، لكن المتابع يعرف جيداً من الذي يؤرقه حقاً بيراميدز.

منذ أيام، وكعادتي التي تدفعني للقراءة في أكثر من اتجاه، وفيما أبحث عن معلومات عن المدير التنفيذي لبيراميدز، ممدوح عيد، صادفت تقريراً عجيباً، ولأنني «صحفي» أعرف جيداً هذه العناوين وكيف تُكتب ولماذا تُكتب .. العنوان كان لموقع غير معروف، لكنه معلوم الانتماء كما يخبر بذلك اسمه المشتق من أحد الأندية.

العنوان يقول: 4 سنوات عجاف لممدوح عيد في بيراميدز .. خسارة 9 ملايين يورو في الصفقات وتغيير 8 مدربين و«زيرو» بطولات.

هذا هو العنوان وتحته في المتن ما تحته، وهو موضوع موجه من الألف للياء .. نعرف ذلك جيداً .. هو موضوع تم وضع عنوانه قبل أن يكتبه من كتبه .. موضوع لا هدف من ورائه سوى «الكيد» لممدوح عيد ولنادي بيراميدز، وفي السطور التي أعقبت العنوان، كلام لا يُكتب إلا لمن فاض به الكيل من أحد ويريد أن يهاجمه و«السلام»، وكان الكلام من نوعية أن ممدوح عيد بلا خبرات إدارية ولم يكن سوى وكيلاً لبعض اللاعبين، ولم يسبق له العمل بالأمور الإدارية ولذا عاش النادي سنوات من الضياع والخسائر .. يكتبون ذلك وبيراميدز كان ثاني الدوري، وبدأ يهدد عرش البقية في إفريقيا.

بالمناسبة: أنا لا أعرف ممدوح عيد، لا شكلاً ولا رسماً ولم أكن أعرفه اسماً، وحين أردت أن أكتب عن بيراميدز، كان طبيعياً أن أبحث عنه .. يكفيه أنه مصري مجتهد، بنى نفسه، ويحاول، ولأني عملت بالإمارات سنوات، أعرف أن أهلنا في الإمارات ومنهم مالك النادي، سالم الشامسي، لا يثقون إلا فيمن يستحق الثقة، ومن يستطيع أن ينجز، أما أولئك الذين «يستخفون دمهم» فيلجسونهم في مجالسهم فقط.

بيراميدز، تأسس باسم الأسيوطي عام 2008، أي منذ 15 عاماً تقريباً، وأصبح اسمه بيراميدز حين تم بيع حقوقه إلى تركي آل الشيخ عام 2018، أي منذ خمس سنوات، وما أنجزه حتى الآن، كثير على هذا التاريخ، وكثير جداً.

الأهلي الكبير والمذهل والاستثنائي وبطل القرن، تأسس عام 1907 وحصل على أول بطولة عام 1923 وهي بطولة كأس السلطان حسين، أي بعد 16 عاماً بالتمام والكمال من التأسيس، وحصل على أول بطولة قارية عام 1983 .. يعني بعد قرن إلا ربع تقريباً، والزمالك أيضاً، وهو الذي تأسس عام 1911 فاز بأول بطولة وكانت الكأس عام 1922 وأول بطولة إفريقية عام 1984 .. يعني بعد قرن إلا ربع هو الآخر، وبيراميدز بهذا المعدل الذي يسير به، مؤهل لتحطيم تلك الأرقام وبيننا وبينكم الأيام.

لست «بيراميدزياً» ولست متطلعاً إلى شيء في بيراميدز، ومن يعرفونني، يعلمون أنني – والحمد لله – لا أحتاج شيئاً، لا من كيان ولا من إنسان، لكنه الاستفزاز الذي أصابني ممن يؤرقهم تفوق نادٍ مصري، علينا أن نعول عليه في أن يشكل إضافة للكرة المصرية، سواء هنا أو خارج الحدود، ورجل مصري واتته الفرصة ليكون محل ثقة، علينا أن نقف خلفه وأن نكون له داعمين، لا «غاضبين وحاقدين».

بالمناسبة، هناك الكثير المكتوب عن بيراميدز وعن مديره التنفيذي، من العاملين في بيراميدز وإعلامييه، لكنني لن أسوقه هنا، لأن الأهم عندي ما نراه في الملعب، وهو رائع حتى الآن، ومشرف للكيان ومن يقود الكيان.

أخيراً، إن كان من شيء أتمناه في بيراميدز نفسه، فهو أن يفتح المجال للعبة أو لعبتين غير الكرة، وأن يرعاهما .. لعبيتين أولمبيتين، وكلي ثقة أنه لو فعلها، سيحقق لمصر الأولمبياد، وسيجني سريعاً الثمار، وسيتقدم كل الكبار .. وهو درب عليه أن يسلكه، في سبيل أن يكون له جمهور .. جمهور .. يعرف من أين يأتي النور .

Follow us on Google News Button

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى