عقب فيتو الرئيس.. الإعادة تعيد رسم الخريطة النيابية ووجوه بارزة تغادر البرلمان

جاءت نتائج جولة الإعادة للمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب 2025، التي جرت في 55 دائرة انتخابية على 101 مقعد، كـ صدمة سياسية جديدة في المشهد السياسي، بعد أن عبّر الرئيس عبد الفتاح السيسي صراحة عن اعتراضه على ممارسات خاطئة في العملية الانتخابية السابقة ودعا لإعادة ترتيب القواعد وضمان نزاهة المنافسة، ما فتح الباب أمام رقابة شعبية واسعة ومراجعة جماهيرية لسلوك الناخبين ومواقف القوى السياسية خلال التصويت.
فيتو الرئيس السيسي، لم يكن مجرد تعليق رئاسي على عملية انتخابية عادية، بل رسالة قوية مفادها أن صون إرادة الشعب جزء لا يتجزأ من مسؤولية الدولة، وأن أي تشوهات في التعبير الديمقراطي لن تُقبل.
هذا الموقف، حفز شريحة كبيرة من المواطنين، على التوجه بكثافة إلى صناديق الاقتراع في جولة الإعادة، انطلاقًا من شعور عميق بأن صوتهم يجب أن يُسمع وأن خياراتهم السياسية تستحق الاحترام والتمثيل الحقيقي. ووصف الناخبين هذا التوجه بأنه «فهم عميق وصل إلى قلب الناس»، وأن تدخل الرئيس في نصائح للممارسة الديمقراطية شجع قواعد واسعة على إعادة النظر في خياراتهم خلال جولة الإعادة.
خسائر لافتة في صفوف الأحزاب.. وصعود للمستقلين
أسفرت نتائج الحصر العددي لجولة الإعادة، التي تنافس فيها 202 مرشحًا على 101 مقعد في 13 محافظة، عن خسائر متباينة بين الأحزاب التقليدية وارتفاع ملحوظ في عدد المقاعد التي حصدها المستقلون في وجه شعبي بارز لهم في دوائر متفرقة.
وفق البيانات الرسمية:
حزب مستقبل وطن خسر مقعدين من أصل 36 نافس عليها في جولة الإعادة، رغم التصدي والتنظيم القوي الذي أبقى له موقعًا بارزًا في البرلمان، في مؤشر على تراجع أصواته في بعض الدوائر مقارنة بالجولات السابقة؛ هذا يأتي رغم تقارير إعلامية تؤكد أن الحزب لا يزال يحتفظ بنسب فوز عالية في العديد من الدوائر.
المستقلون حققوا نجاحات بارزة، فازوا بـعدد معتبر من المقاعد، ما يعكس توجهًا انتخابيًا شعبيًا نحو مرشحين أقل ارتباطًا بالدوائر الحزبية التقليدية.
أبرز النواب والمرشحين الذين خرجوا من السباق
شهدت جولة الإعادة خروج عدد من الأسماء البارزة ووجوه سياسية محسوبة على الأحزاب أو على العمل البرلماني نفسه، منها:
– إيمان خضر مرشحة حزب حماة الوطن في أول زقازيق.
– وحيد فودة مرشح حزب مستقبل وطن في أول المنصورة.
– أحمد الشرقاوي (مستقل) في نفس الدائرة.
– محمد الحسيني ومحمود توشكى في بولاق الدكرور بالقاهرة.
– أحمد الشيشني في كوم حمادة بالبحيرة.
وفي دائرة الحامول وبيلا بمحافظة كفر الشيخ، أعلن الحصر العددي عن تفوّق مرشحين مستقلين على مرشح من حزب مستقبل وطن، حيث جاء أحمد رجب محمد الشافعي (مستقل) في الصدارة يليه عزت عبد المنعم عبد الرحمن (مستقل)، بفارق أصوات عن مرشح الحزب، ما يعكس تحولًا انتخابيًا جذريًا في دوائر كانت محسوبة كمعاقل حزبية.
كيف أثر خطاب الرئيس السيسي في المشهد الانتخابي؟
رؤى مختلفة تطالع المشهد الانتخابي بعد تصريحات الرئيس السيسي: بعض المحللين يرون أن حديث الرئيس عن ضرورة النزاهة في الانتخابات وتصحيح الأخطاء السابقة قد شكّل عاملًا نفسيًا مهمًا لدى الناخبين – خاصة في دوائر شهدت احتجاجات محلية أو متغيرات في نسب المشاركة – كما حدث في محافظة قنا على سبيل المثال، ما دفعهم إلى إسقاط مرشحين محسوبين على القوى الحزبية التقليدية لصالح مستقلين أو وجوه بديلة تمثل مصالحهم بشكل أوضح.
المراقبون السياسيون يُشيرون إلى أن هذا التوجه يعكس تغذية شعبية قوية لولاء المواطن المصري نحو مؤسسات الدولة ورئيسها، لا بمعنى الإضرار بالأحزاب، لكن بمعنى التأكيد على حقه في اختيار ممثليه بحرية وبما يعكس تطلعاته ومشاكله على الأرض.
ردود فعل على الأرض: «صدور الناس» وعمق النفور من الممارسات القديمة
في أحياء ومراكز مثل قوص ونجع حمادي وابوتشت بمحافظة قنا وبيلا والحامول بكفر الشيخ و الزقازيق وغيرها، لوحظت ردود فعل انتخابية تعبّر عن رفض جماهيري للممارسات التقليدية المرتبطة بالأحزاب الكبيرة، وهي ردود مرتبطة، وفق مراقبين، بـ «توتر في العلاقات بين المواطن والمرشحين التقليديين بعد الجولة الأولى»، و«شعور يُترجم في صناديق الاقتراع»، وهو ما يرجعه البعض إلى تأثير خطاب الرئيس السيسي الداعي لتكريس النزاهة والشفافية في العملية الديمقراطية.
عقب فيتو الرئيس عبد الفتاح السيسي، تصدرت نتائج جولة الإعادة للمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب 2025 المشهد السياسي، ليس فقط بأرقام الفوز والخسارة، بل بما حملته من رسائل قوية إلى الداخل والخارج. بين تفوق المستقلين، وتراجع بعض الأحزاب الكبرى، وخروج وجوه سياسية معروفة من السباق، تبدو هذه الجولة أكثر من مجرد منافسة على المقاعد: إنها مرآة لرغبات الناخب المصري في تمثيل حقيقي، وتجربة انتخابية تعكس إرادته ومطالبه، وتوازن بين الواقع السياسي والاجتماعي وطموحاته.



