ماذا يحدث في السودان؟

تعيش السودان واحدة من أكثر مراحلها دقة منذ اندلاع الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في ظل تصاعد المعارك واتساع رقعة المواجهات، ما يثير مخاوف من انزلاق البلاد نحو حرب أهلية شاملة، بينما تتزايد التحركات الإقليمية والدولية في محاولة لاستثمار الأزمة أو احتوائها.
وأعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها الكاملة على مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، آخر المدن الكبرى التي كانت خاضعة لسيطرة الجيش، في تطور يُعد منعطفًا حاسمًا في مسار الحرب التي تمزق البلاد منذ أكثر من عام ونصف.
البرهان: الانسحاب لتجنب الدمار
في المقابل، أكد رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان أن انسحاب الجيش من الفاشر جاء “حرصًا على أرواح المدنيين وتجنيب المدينة مزيدًا من الدمار”، فيما لم تصدر القيادة العسكرية تفاصيل إضافية حول مواقع تمركز قواتها الجديدة في الإقليم.
أهمية الفاشر
تمثل الفاشر موقعًا استراتيجيًا بالغ الأهمية، إذ تعد آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور، الذي يشكل نحو ربع مساحة السودان، ويرتبط جغرافيًا بمناطق كردفان والشمالية ونهر النيل، كما يتاخم حدود كل من تشاد وليبيا وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان.
ويرى مراقبون أن سيطرة الدعم السريع على المدينة تمنحه موقعًا تفاوضيًا أقوى، فضلًا عن سيطرته على خط الدفاع الغربي للسودان، ما يمنحه عمقًا جغرافيًا واستراتيجيًا يغير موازين القوى على الأرض.
موارد دارفور.. قلب الصراع
تضم دارفور ثروات طبيعية ضخمة، أبرزها مناجم الذهب في جبل عامر شمال الإقليم ومنطقة الردوم جنوبه، إلى جانب الثروة الحيوانية والمراعي، ما يجعل السيطرة عليها هدفًا اقتصاديًا رئيسيًا في الصراع الدائر.
تهديد لاتفاق جوبا للسلام
وتشير التقارير إلى أن سقوط الفاشر يهدد نفوذ الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا للسلام 2020، خاصة حركتي العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم وتحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، بعدما بات وجودهما العسكري والسياسي مهددًا بانحسار نفوذهما الميداني في الإقليم.
مخاوف من تصعيد جديد
ويرجّح محللون أن يؤدي هذا التطور إلى تصعيد الضربات الجوية بين الجانبين، في ظل اعتماد الجيش بشكل متزايد على الطائرات المسيّرة لاستعادة بعض المواقع، وهو ما قد يوسع نطاق المواجهات نحو ولايات كردفان ودارفور الكبرى، حيث تتشابك الولاءات القبلية والمصالح الاقتصادية.
تحذيرات أممية من كارثة إنسانية
على الصعيد الإنساني، حذّرت الأمم المتحدة من أن انهيار الوضع الأمني في الفاشر سيؤدي إلى قطع شريان المساعدات الوحيد المتبقي إلى إقليم دارفور، ما يهدد ملايين المدنيين بالجوع والنزوح.
وطالبت المنظمة الدولية بفتح ممرات إنسانية آمنة فورًا ووقف إطلاق النار لتفادي ما وصفته بـ”كارثة إنسانية جديدة تلوح في الأفق”.

 
      
      





