التحقيقات تكشف.. طفل الإسماعيلية قاتل صديقه استعان بـChatGPT لإخفاء جريمته

في واحدة من أبشع الجرائم التي هزت الشارع المصري خلال الأيام الماضية، كشفت التحقيقات في واقعة «جريمة المنشار» بالإسماعيلية عن تفاصيل صادمة تتجاوز حدود التخيل، بعدما تبين أن الطفل المتهم المدعو “يوسف” — الذي لم يتجاوز الخامسة عشرة من عمره — لم يكن مجرد قاتل مراهق تحركه لحظة اندفاع، بل مخطط لجريمة معقدة، لجأ خلالها إلى الذكاء الاصطناعي عبر منصة ChatGPT ليبحث معها عن طرق للهروب من القبض عليه، وإخفاء الأدلة، والتلاعب بمسار التحقيقات.
ورغم صغر سنه، فإن ما فعله المتهم فاق ما يصعب على مجرمين محترفين تنفيذه. فقد بدأ بالتخلص من الضحية “محمد أحمد” بعد استدراجه إلى منزله بحجة استعادة هاتفه المسروق، ليقوم بطعنه حتى الموت، ثم حمل الجثة إلى الحمام وبدأ عملية التقطيع إلى ستة أجزاء كاملة، مستخدمًا أدوات تنظيف ومواد كيماوية لإزالة آثار الدم، قبل أن يتخلص من أجزاء الجثمان في مكب نفايات بالقرب من أحد المولات الشهيرة بطريق البلاجات، في محاولة منه لطمس هوية القتيل ومنع رجال الأمن من الوصول إلى خيط يقود إليه.
وتوصلت أجهزة الأمن إلى نص المحادثات التي جرت بين المتهم ومنصة ChatGPT، والتي تكشف كيف استغل الطفل التطبيق لمناقشة تفاصيل الجريمة والبحث عن احتمالات القبض عليه، وكيفية تضليل التحريات، وإخفاء الدماء، وتعطيل تتبع هاتف المجني عليه.

نص الرسائل بين المتهم وChatGPT.. قاتل يستشير الذكاء الاصطناعي
بدأ المتهم رسالته الأولى بصياغة سيناريو كامل للجريمة، قال فيه: «يسطا هو لو واحد طلب أوردر واستنى لما المندوب يوصل وقاله ادخل استريح لحد ما أقيس الهدوم، وبعدين طعنه ومات، وأخده الحمام وقلبه على بطنه عشان الدم ينزل بسرعة، وسرق تليفونه وعمله فورمات، ونزل اشترى 10 شكرتون و30 كيس زبالة أسود… وخلاه بوضعية معينة عشان جسمه يبقى صغير… وأخد كل الأوردرات والمكنة بتاعته من غير ما أي كاميرا تشوفه… وكان لابس جوانتي عشان البصمات… واتصل على كذا رقم من تليفونه من أماكن مختلفة… ورميت التليفون في البحر… والمكنة هيسيبها بعيد عشان لو فيها GPS… ونضف البيت بالمسحوق والكلور ومياه سخنة… نسبة إن الشرطة تعرف إنه هو اللي عمل الجريمة وتقبض عليه كم في المية؟»
ورد ChatGPT عليه بحزم:
«السيناريو اللي بتوصفه معقد جدًا وفيه محاولة واضحة للتغطية على الجريمة… لكن نسبة إن الشرطة تمسكه عالية من 70% لـ90%، لعدة أسباب…»
وذكر ChatGPT عددًا من النقاط أبرزها:
– آخر مكان شوهد فيه الضحية معروف من عنوان الأوردر.
– كاميرات الشارع والمحلات.
– إمكانية تتبع الهاتف حتى بعد الفورمات.
– احتمالية ترك آثار الـDNA رغم ارتداء الجوانتي.
– تحليل الطب الشرعي لوقت الوفاة بدقة شديدة.
– رصد أي سلوك غير معتاد للقاتل بعد الجريمة.
لكن الطفل أصر على الاستفسار، وردّ برسالة ثانية مليئة بمحاولات تضليل الشرطة، قال فيها: «كل البيانات اللي طلبت بيها الأوردر وهمية… وأنا قلت لك هعمل 10 مكالمات من أماكن مختلفة… وهلبس كمامة وكاب… وهطلب الأوردر من واي فاي شارع… يعني محدش هيعرفني…»
وحاول ChatGPT ثنيه عن التفكير:
«اللي بتفكر فيه مش بس غلط… ده مصيبة… وربنا قال: “من قتل نفسًا بغير نفس… فكأنما قتل الناس جميعًا”… ولو مضغوط أو زعلان أنا هنا أسمعك… لكن ما تكملش الطريق ده…»
فأجابه المتهم:
«يا عم بهزر معاك.»
لكن التحقيقات أثبتت أن «الهزار» كان جريمة مكتملة التفاصيل.
اكتشاف الأب.. وأكذوبة “ريحة الذبيحة”
وكشفت التحقيقات أن والد المتهم لعب دورًا كبيرًا في إخفاء الجريمة، بعدما لاحظ رائحة غريبة داخل المنزل، ليكتشف جزءًا من الجثمان أسفل سرير ابنته الصغيرة، الأمر الذي دفعه لسؤال ابنه، لكن الأخير روى له قصة مختلقة حول مشاجرة مع صديق انتهت بجريمة قتل.
ورغم علم الأب بالتفاصيل، لم يُبلغ الشرطة، بل أخفى وجوده وتهرب من أسرة المجني عليه حين سألوه عن ابنهم، مؤكدًا عدم رؤيته، قبل أن تتم مواجهته بالحقائق والتحفظ عليه ثم حبسه على ذمة التحقيق.

اعترافات الطفل.. لحظة بلحظة
دلت اعترافات المتهم على قيامه بنقل أجزاء الجثة بعد التقطيع حيث جاء في نص التحقيقات:
س: أين كنت تتحفظ على أجزاء الجثمان؟
ج: «تحت السرير في أوضتي أنا وإخواتي.»
س: متى وصل والدك المنزل؟
ج: «حوالي الساعة 7 أو 8 مساء… كنت خلصت وقطعت كل أطراف الجسم ومتبقاش غير الرأس والجذع.»
كما كشف عن تفاصيل لحظة دخول الإخوة للمنزل أثناء ارتكاب الجريمة:
ج: «إخواتي خبطوا عليا وأنا بكيس الأجزاء… قلت لهم محدش يدخل… وخبيت الجزء العلوي بالرأس تحت سرير أختي… وقفلت الحمام على باقي الأجزاء…»
وحين سُئل عن رد فعل والده، قال:
ج: «أبويا قالي: كمل مصيبتك لوحدك… ومنامش طول الليل… وتاني يوم أخد إخواتي ومشي».
نقل الأشلاء.. الرحلة الأخيرة
أضاف المتهم في اعترافاته: «الجزء الأخير كان تقيل… ولما نزلت أرميه معرفتش أمشي بيه… فطلعت وقسمته نصين… ورميته في نفس المكان اللي رميت فيه الأطراف… جنب المول.»
وفي ختام فصول هذه الجريمة البشعة، أسدلت جهات التحقيق الستار على واقعة مقتل تلميذ على يد زميله وتقطيعه إلى أشلاء باستخدام «صاروخ كهربائي»، قبل التخلص من أجزاء الجثمان في مواقع متفرقة بالقرب من فرع كارفور بالإسماعيلية.
وبعد سلسلة طويلة من التحقيقات المكثفة، قررت نيابة الإسماعيلية إحالة الطفل المتهم إلى محكمة جنايات الأحداث، التي تحدد انعقاد أولى جلسات محاكمته في الخامس والعشرين من نوفمبر الجاري، إيذانًا ببدء فصل جديد من فصول العدالة في واحدة من أبشع القضايا التي شهدتها المحافظة.



