عام

الرئيس : حذرت فى 2011 من تفكيك روابط الدولة المصرية

الجيش فقط كان متماسكا وتم وضع مخطط كبير للإساءة له وتشويه صورته

 شهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الإثنين جلسة “السياسة الخارجية والأمن القومي” ضمن فعاليات اليوم الثالث والأخير لمؤتمر “حكاية وطن بين الرؤية والإنجاز”، والمنعقد في العاصمة الإدارية الجديدة.

واستعرض وزير الخارجية سامح شكري، خلال الجلسة، أوضاع الدولة المصرية قبل عام 2014، لافتا إلى أن مصر كانت تُعاني قبل عام 2014 من صعاب متصلة بأوضاع داخلية تتسم بعدم الاستقرار وتحديات اقتصادية وتراجع في الدور الإقليمي والدولي لها، كما كانت تعاني من هجمات إرهابية شرسة، وأدت التطورات إلى تعليق عضوية مصر في الاتحاد الإفريقي، تلك المؤسسة التي كان لمصر دور رئيسي في تأسيسها.
وقال شكرى “إن السياسة الخارجية تهدف في المقام الأول لخدمة المواطن المصري وتحقيق طموحاته وازدهاره”، مؤكدا أن السياسة الخارجية هي مرآة للأوضاع الداخلية.
وأضاف: أنه “كانت هناك حالة من عدم الرضا الشعبي إزاء ما استشعروه من انتقاص من كرامة الدولة وتراجع مكانتها، ولذلك كان مُهما أن تصيغ الدولة سياسية خارجية تتسق مع رؤية القائد الرئيس السيسي، وتُحدد خصائصها في التوازن والتنوع في العلاقات وتجنب الاستقطاب، ودعم الاستقرار الإقليمي والدولي ومركزية دور المواطن في السياسية الخارجية والاهتمام بالبعد الاقتصادي والتنموي، وتبني سياسة استبقاية تتعامل مع التحديات البازغة وسياسيات ذات أدوات حثيثة تواكب متطلبات العصر”.
وشدد على أن تلك العناصر لصياغة السياسة الخارجية لم تكن الوحيدة، وإنما كان من الضروري لمواجهة التحديات المرتبطة بالأوضاع السابقة لعام 2014، أن تكون هناك رؤية وعزيمة وإرادة، إضافة إلى ذلك إصرار الرئيس السيسي على أن ترتكز السياسية الخارجية المصرية على مبادئ إنسانية وأخلاقية مستمدة من تراث هذا الوطن الحضاري والديني، ومبادئ التعاون لتحقيق الاستقرار، ليس فقط لمصر ولكن لمحيطها الإقليمي والدولي.
وأوضح أن خصائص صياغة السياسة الخارجية تضمنت أيضا عدم التآمر والعمل على تحقيق الخير وعدم زعزعة استقرار الآخرين من أجل تحقيق مصالح ذاتية، وهو توجه يدعو للفخر لهذا المبدأ النبيل، موجها الشكر لرئيس الجمهورية على ما يلمسه الجميع في الداخل والخارج من توجه صادق وأمين وموضوعي لتبني تلك المبادىء النبيلة.

السياسة الخارجية والعمل متعدد الأطراف
واستعرض وزير الخارجية التوسع والعودة إلى العمل في المجال متعدد الأطراف بعدد من المنظمات الدولية والعالمية، لافتا وأشار إلى أن مصر انخرطت أيضا في دعم الاستقرار الإقليمي والدولي، وذلك من خلال الانخراط بفعالية في جهود تسوية الأزمة الليبية، والدفاع عن الحقوق الفلسطينية وجهود التهدئة، وحل الأزمة السودانية، وتسوية الأزمات في سوريا واليمن والصومال، والتوسع في عمليات حفظ السلام.
ونوه وزير الخارجية سامح شكرى، جلسة “السياسة الخارجية والأمن القومي” ضمن فعاليات اليوم الثالث والأخير لمؤتمر “حكاية وطن بين الرؤية والإنجاز”، بأن مصر تمكنت في عام 2014 من استعادة عضويتها في الاتحاد الإفريقي، مع بداية تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي للرئاسة، ثم ترأس رئيس الجمهورية الاتحاد في 2019 ليكون دائم الدفاع عن المصالح الإفريقية في كل الندوات والاجتماعات الدولية.
وأكد أن ذلك يعد تعبيرا عن طموحات القارة في إطار رؤية ثاقبة عملية، اتصالاً بوجود قدرة ذاتية في القارة من خلال الاندماج ودعم البنية الأساسية وتوفير التمويل الميسر للدول الإفريقية لتخرج من دائرة الاعتماد على المنح إلى دائرة الاعتماد على الذات لتحقيق طموحات شعوبها في القارة الشابة ذات الموارد الضخمة، وكل ما هناك تحتاج إلى الاعتماد المتبادل والتكاملية فيما بينها.
وتحدث وزير الخارجية عن تشكيل اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان وإطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، لافتا إلى أن قضية حقوق الإنسان لها أبعاد كبيرة من الأهمية قبل أن يكون محل اهتمام الأخرين، فهي محل اهتمامنا ومحل اهتمام الرئيس السيسي.
وشدد على ضرورة عدم اختصار الأمر بتحقيق أغراض سياسية بعيد عن فكرة إبراز ما للإنسان من حقوق وتوفير الدول لهذه الحقوق، مبينا أن أبرز مثال على أن مصر تهتم بحقوق الإنسان، هو مبادرة “حياة كريمة”، والتي قدمت مثالاً عن كيفية الرعاية الحقيقية لحقوق الإنسان، منوها كذلك باهتمام الوزارة بالشق الاقتصادي والتنموي والترويج الاقتصادي وجذب الاستثمارات لما اكتسبته مصر من ثقة.
وأكد وزير الخارجية، في ختام كلمته، أن السياسة الخارجية تعمل على الدفاع عن قضايا الدول النامية وإبراز التحديات الاقتصادي التي تواجهها، فضلا عن مجموعة من القضايا المهمة التي تعاملت معها السياسة الخارجية، وعلى رأسها تغير المناخ والهجرة والإرهاب والأمن السيبراني.

الداخلية والأمن القومي
واستعرض وزير الداخلية اللواء محمود توفيق، في كلمته خلال الجلسة، الوضع الأمني عام 2014، موضحا أنه كانت هناك موجة كبيرة ومتصاعدة من العنف والإرهاب، علاوة على هروب أعداد كبير من المسجونين خلال أحداث 2011، وارتفاع غير مسبوق في معدلات الجرائم الجنائية وتضرر شديد في مقدرات الشرطة المعنية بمواجهة كل ذلك، علاوة على انتشار العناصر الإرهابية في شمال سيناء استغلالا للفراغ الأمني في 2011.
وقال وزير الداخلية “إن مصر شهدت 260 عملا إرهابيا خلال عامي 2013 و2014، استهدفت كل مقدرات ومرافق الدولة، ومن بينها مقار ومنشآت وزارة الداخلية ومحاولة اغتيال وزير الداخلية الأسبق في ذلك الوقت، وكذا موجة كبيرة ومتصاعدة من العنف والإرهاب قامت بها جماعة “الإخوان” الإرهابية، والتي استهدفت تخريب كل مرفق وممتلكات للمواطن في هذا الوقت، فضلا عن إطلاق النار العشوائي على المواطنين”.
وأضاف: “التحدي الأكبر كان آنذاك، هو سرعة استعادة حالة الأمن والاستقرار وإعادة بناء الدولة وتطويرها للحصول على مكانتها بين الدول بشكل تستحقه.. وتمكنت وزارة الداخلية من خلال التحرك بشكل متواز من استعادة مقدراتها وإمكانياتها بدعم كبير من قبل القيادة، علاوة على مواجهة عملية الإرهاب والجريمة الجنائية، حيث تمكنا من كشف وتفكيك التنظيمات الإرهابية وتجفيف منابع التمويل”.
ولفت إلى أن تهديد الإرهاب العنيف انتهى أو انحسر، ولكن لم ينته التهديد لمصر، حيث أن هناك تهديدا من نوع آخر يمكن أن يكون أخطر من الإرهاب العنيف، وهو حروب الجيل الرابع والخامس، والتي تتعرض لها مصر على مدار السنوات الماضية وحتى الآن، وتقوم بها جماعة “الإخوان” الإرهابية في الخارج من خلال لجان إلكترونية بإمكانيات مالية ضخمة، إضافة إلى بعض العناصر المتعاونة معها، وتلتقي معها في المصالح وإن كانت تختلف معها فكريا.
وأوضح أنه عندما تم الاقتراب من حالة الاستقرار وتحقيق الأمن الشامل، وجه رئيس الجمهورية بأنه حان الوقت مع تطور الدولة غير المسبوق واستعادة الأمن والاستقرار، أن تعيد وزارة الداخلية صياغة نفسها وسياستها، كما أكد الرئيس السيسي أن تطور الجريمة والتكنولوجيا يفتح سقف التطور بالنسبة لمؤسسات الدولة، ومن بينها وزارة الداخلية فيما يتعلق باختصاصها، ووضع الرئيس محاور معينة لكيفية تطوير الوزارة لنفسها، وناقش تفاصيل كل محور.
وبين أن محاور تطوير الوزارة تضمنت استخدام الأسلوب العلمي في وضع السياسات وإدارة العمل الأمني، وتطوير المنظومة الأمنية والخدمية والارتقاء بقدرات العنصر البشري، إضافة إلى إنشاء مركزا للدراسات الأمنية والاستراتيجي يماثل أحدث المراكز المتطورة الموجودة على المستوى الدولي المعني بنفس تلك الاختصاصات مربوط بشبكة مؤمنة وغرف عمليات وإدارة الأزمات بكافة مديريات الأمن حتى يتم جمع المعلومات وتحليلها ووضع صورة متكاملة للواقع الأمني في مختلف محافظات مصر، والتنبؤ بالقضايا ذات البعد الأمني أو التي قد تتعرض لها الدولة المصرية في المستقبل القريب أو المستقبل الأكثر بعدا، ووضع التوصيات للإجراءات الواجب اتخاذها والتي يتم الاسترشاد بها في وضع السياسات الأمنية.
وأكد وزير الداخلية أن الارتقاء بحقوق الإنسان كان محل اهتمام رئيس الجمهورية، وأصبح جزء من مناهج التدريس والفرق التدريبية هي ثقافة حقوق الإنسان وفقا لتعليمات رئيس الجمهورية خاصة في قواعد التعامل مع ذوي الإعاقة غير المرئية وهي ما كانت تسبب حالة من الاستياء في أوساط ذوي الهمم، فتم تيسير جميع الخدمات لذوي الهمم وكبار السن.
وقال “إن رئيس الجمهورية أصدر توجيهات بضرورة تحويل المؤسسات العقابية إلى مؤسسات نافعة لتكون فرصة لمن يدخل يؤدي العقوبة أن يصبح عنصرا صالحا في المجتمع”، موضحا أن الرئيس قرر تسميتها مراكز الإصلاح والتأهيل، وقرر أن تكون مراكز مجمعة تصلح وتُقوم السلوكيات والأفكار وتؤهل النزيل، ليكون عنصرا صالحا، سواء كان يمتلك مهنة أو لا يمتلك”.
كما أوضح أنه تم إنشاء 5 مراكز إصلاح وتأهيل في وقت قياسي، وهو عامين، إلى جانب هدم 26 سجنا عموميا وتسليمهم للدولة، مضيفا أن القيمة السوقية لتلك السجون والمنشآت الشرطية التي تم الانتقال منها إلى مواقع أخرى تماثل تكلفة مراكز الإصلاح والتأهيل، وبالتالي لم يتم تحميل الدولة أي أعباء مالية خلال عمليات الإنشاء.
وأكد وزير الداخلية، في ختام كلمته، أهمية الدور المجتمعي، بتوجيهات الرئيس السيسي، بأن تصبح الشرطة المصرية بدورها التكافلي والمجتمعي جزء من المجتمع.. ونوه في هذا الإطار، بإنشاء منظومة “أمان” بمراكز ثابتة ومتحركة ويباع فيها لمتوسطي ومحدودي الدخل بأسعار مناسبة، إلى جانب مبادرة “كلنا واحد” في المرحلة الـ24 منها، ومبادرة “جيل جديد” الموجهة لأبناء وشباب المناطق الحضارية.

إعادة بناء الدولة والمواطن
وأشار الرئيس السيسي، في تعقيب لها بعد كلمة وزير الداخلية خلال الجلسة، إلى أنه حذر في عام 2011 من تفكيك روابط الدولة المصرية، قائلا: “إن الدولة بمؤسساتها عبارة عن أحزمة تحكم الحماية والأمن للدولة بداية من مؤسسة الرئاسة إلى الدستور والمؤسسات البرلمانية والوزارات المختلفة، وكل مؤسسة يتم استهدافها تعني تفكيك شئ في الدولة”.
وأوضح الرئيس السيسي أنه خلال تلك الفترة لم تكن هناك مؤسسة على حالها متماسكة، عدا الجيش، لافتا إلى أنه تم وضع مخطط كبير حينها للإساءة للجيش وتشويه صورته حتى لا يكون له دور خلال تلك المرحلة.
كما أشار إلى أن الحديث كان يدور خلال عام 2011 على فكرة إعادة هيكلة وزارة الداخلية، مؤكدا تأييده لإعادة هيكلة الداخلية وإعادة هيكلة كل شئ في مصر، مشددا على أن التطوير هو جزء من الحياة الإنسانية، وفي حال عدم الاعتراف بذلك والسعي وراء التطوير لن يكون لدينا علم بمفردات الدنيا.
وبين الرئيس السيسي أنه في أول تعامل له مع وزير الخارجية سامح شكري لدى توليه مسئولية الوزارة للحديث عن السياسة الخارجية المصرية، أوضح أن أدبيات السياسة لديه مختلفة عن أدبيات السياسة الدولية التي يتم تدريسها في كلية السياسة والعلوم الاقتصادية، وعن ثقته الكبيرة في هذه الأدبيات لأنها نابعة من قيم أخلاقية ودينية، وذلك بغض النظر عما إذا كانت نتائج هذه السياسات ستجد مقاومة وعدم استعداد.
وتابع: “وأدبيات السياسة لدي، هي عدم التدخل في شئون الأخرين، وألا تكون البلاد عامل هدم أو تخريب للدول، فضلا عن الاستعداد للصبر الاستراتيجي في الأزمات والصراعات التي من الممكن أن تواجهها البلاد”.
وشدد الرئيس السيسي، في ختام الجلسة، على أن إعادة بناء الانطباع، تتمثل في أن شكل الدولة لدى المواطن تشعره بـ”القلة”، فكان لابد من كل فكرة تنفذ في أن تشعر المواطن بـ”العزة”، مؤكدا ضرورة أن تكون إعادة بناء الانطباع متزامنة مع إعادة بناء مؤسسات الدولة حتى يتراجع الشعورة بـ”القلة”.

Follow us on Google News Button

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى