التحكيم الكروي المصري في أزمة كبيرة ومحنة عظيمة، حاله مثل حال الرياضة المصرية التي تعاني من مشاكل وأمراض عديدة …
كانوا يقولون لنا إن أخطاء الحكام هي جزء من متعة كرة القدم ..
كنا نتعامل مع قضاة الملاعب – هكذا كنا نسميهم – بصورة وطريقة أكثر احتراما وتقديرا ولا نلتفت إلى انتماءاتهم الكروية خاصة من كان منهم منتميا لناد بعينه
وكانت الأمور تسير دون ضجيج أو صخب ..
إلى أن ابتلانا الله بطفرة «الميديا» والتي مكنت الجميع على اختلاف الثقافات من التداخل ونشر الآراء مهما كانت ممثلة عبئا جسيما وحملا ثقيلا على كافة من يعملون في مجال التحكيم …
فالجميع أصبحوا خبراء …
أضف إلى هذا انتشار ظاهرة البرامج الفضائية المتخصصة التي جمعت كل «من هب ودب» ومنحت الفرصة للتقطيع والتشهير دونما حسيب أو رقيب ..
عشرات البرامج التي يدير معظمها طريدو الملاعب .. أنصاف وأشباه المتعلمين … يستضيفون من يريدون وقتما وكيفما يشاءون …. يشككون في هذا ويقطعون في ذاك ولا أحد يحاسب فالكل يطمح لتحقيق ما يسمى بـ ( التريند ) وملاك وأصحاب القنوات من رجال البيزنس سعداء لتحقيق أعلى نسب للمشاهدة وبالتالي جذب الإعلانات ولتذهب القيم والمبادئ إلى الجحيم …
ثم ظهرت تقنية حديثة أضافها الاتحاد الدولي لكرة القدم FIFA .. تقنية تساعد الحكام على تحقيق العدالة بتوضيح بعض الأمور و التفاصيل التحكيمية التي تحدث أثناء المباريات خاصة عند تسجيل الأهداف .. تقنية إلكترونية مدعومة متطورة أطلقوا عليها اختصارا تقنية الـ VAR .. وخصصوا له مكانا ودربوا له اطقماحكاما وأجهزة فنية من مصورين وتقنيين …
في الخارج … أوروبا والخليج وجميع الدول المتقدمة جاءت نتائج استخدام هذه التقنية مبهرة … وحققت عدالة كبيرة وانصفت فرقا وحكاما ولاعبين في مواقف عديدة … كما حسمت أمورا شائكة ورفعت الحرج عن كاهل حكام الساحة خاصة في مسألة التسلل وصحة ضربات الجزاء والتشابك داخل منطقة الجزاء وحسم وضع الكرة عند دخولها بالكامل وعبورها بالكامل خط المرمى …
أما في الداخل … ورغم ترحيبنا وفرحتنا الكبرى بتطبيق هذه التقنية … إلا أننا فوجئنا بأن الجهابذة المتحكمين في مقدرات كرة القدم المصرية قد أصروا على وضع (التاتش) الخاص بهم … فأصبح الـ VAR المصري مختلفا … أصبح يتعامل وأحيانا يوظف لمجاملة الفرق … الفرق التي لها سند وصيت
لدرجة أننا شاهدنا أهدافا وألعابا غاية في الغرابة أثرت على نتائج مباريات هامة وحساسة … شاهدنا أيضا فرقا تحقق انتصارات لا تستحقها .. وفرقا أخرى يتم ذبحها وظلمها نتيجة أخطاء وخطايا تطبيق تلك التقنية التي وضعت أساسا لتحقيق العدالة …
شاهدنا العجب العجاب … لدرجة انهم أحيانا يتعمدون تعطيل الخدمة أو هكذا يدعون للهروب من مسؤولية أية أخطاء وترك الأمور لحكم الساحة الذي هو أيضا تم اختياره عن عمد لتحقيق هدف ما …
قالوا مبررين إن أجهزة الـ VAR المستخدمة في مصر غير حديثة … والتصوير والنقل التليفزيوني يتم بصورة بدائية لا تساعد في تنفيذ التقنية بدقة …
ثم ظهر أخيرا – وهذه قمة المأساة – أنه يمكن لحكام الـ VAR التلاعب في رسم الخطوط وتحديد النقاط مما يعطي نتائج غير حقيقية ليزداد الظلم وينتشر الفساد ليصل الأمر إلى التشكيك في الذمم لدرجة أن الأمور وصلت أخيرا إلى المحاكم ليفصل القضاء فيها !!؟؟
ثم ظهرت الانقسامات والخلافات بين الحكام وخرجت إلى العلن محدثة ضجة كبرى أساءت كثيرا إلى منظومة التحكيم المصرية …
ما يحدث هو فصل مأساوي مخجل من فصول الرياضة المصرية التي شوهناها وأسأنا إليها ..
العالم كله يتحدث عما يحدث عندنا من مهازل تحكيمية …
ونقولها ونكرر: … أين وزارة الرياضة ..!!؟؟
أين المجلس الأعلى للإعلام من كل ما يحدث ومتى سيتم التدخل لإصلاح جذري حقيقي للرياضة المصرية …!!؟؟
كفانا ما لقيناه من تشهير وفضائح بسبب تفشي الفوضى في الوسط الكروي والتي لم نكتفي بأن تكون داخل حدود الوطن بل صدرناها للخارج فما حدث في الإمارات أثناء دورة بطولة السوبر المحلية ليس ببعيد …
أما انت أيها الـ VAR المصري المسكين فلك الله …
ولنا جميعا نحن محبيو ومشجعو كرة القدم الصبر والسلوان …