المتحدث باسم العملية السياسية في السودان: هدفنا الآن .. وقف الحرب
التوتر بين القوات المسلحة و«الدعم السريع» ليس حديث النشأة .. وأول أزمة كانت في 2020
الترويج بأن الاتفاق الإطاري هو السبب في اندلاع الاشتباكات .. محاولة تضليل مكشوفة
رسالة السودان- الجيلي جمعة:
أكد المهندس خالد عمر يوسف، المتحدث الرسمي باسم العملية السياسية في السودان، أن اهتمام القوى المدنية السودانية ينصب حالياً للعمل على وقف هذه الحرب فوراً، وبكل الطرق، وأشار إلى انشغال «طيور الظلام» بنشر الأكاذيب حول حقيقة هذه الحرب ومسبباتها، بالترويج لقصص مختلقة وساذجة.
وأوضح أن من يريدون إشعال نار هذه الحرب يروجون مقولات على شاكلة أن هذه الحرب بسبب «الاتفاق الإطاري» أو أن «الحرية والتغيير» اتفقت مع الدعم السريع على انقلاب، وكلها فرضيات مفرطة في السذاجة.
واستعرض المتحدث الرسمي باسم العملية السياسية في «تغريدات» عدة على حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي بعض الحقائق حول الأزمة التي ظلت تتراكم رويداً حتى انفجرت، وأكد أن قوى «الحرية والتغيير» نبهت لها منذ سنوات وحذرت منها، ولخصها في:
– التوترات بين القوات المسلحة والدعم السريع ليست حديثة النشأة، فمنذ تكوينها كان هنالك موقف خافت لدى بعض قادة الجيش رافض لوجودها، وقد كوّنها البشير وجعل لها استقلالية.
– عقب ثورة ديسمبر المجيدة، وسقوط نظام الإنقاذ الذي لعبت قوات الدعم السريع دوراً مهماً فيه، أصبح هنالك موقف معادٍ لها في أوساط عناصر النظام السابق لأن قائد الدعم السريع قد ساهم بفعالية في سقوطهم، وتجلت استراتيجية حزب المؤتمر المنحل الرئيسية عقب ذلك في صنع التباينات بين القوات المسلحة والدعم السريع واستثمارها.
– 29 يونيو 2020 شهد أول أزمة بارزة بين قيادة القوات المسلحة والدعم السريع، وحينها تمت الدعوة لاجتماع موسع بين مجلس السيادة ومجلس الوزراء و«الحرية والتغيير»، ركز على نزع فتيل الأزمة، وخلص لتكوين مجموعة ثلاثية مصغرة لإعداد دراسة حول التباينات المدنية العسكرية والعسكرية العسكرية، ومعرفة مخاوف ومصالح كل جهة وكيفية معالجتها، وقد أعدت تقريراً ضافياً حول هذا الأمر.
– في يونيو 2021 كان الدافع خلف مبادرة الدكتور عبدالله حمدوك، رئيس الوزراء «الأزمة الوطنية.. الطريق إلى الأمام»، هو خلاف حاد اندلع بين القوات المسلحة والدعم السريع أدى لتحشيد عسكري ونذر مواجهة مسلحة، تم تفاديها بلقاءات قادتها الحرية والتغيير ورئيس الوزراء، وولدت المبادرة عقب ذلك، والتي حملت رأي الطرف المدني بوصفه طرفاً ثالثاً ذا استقلالية وثقل داخلي وخارجي.
– انفجرت الخلافات مرة أخرى، عقب إجراءات الجيش في الخامس والعشرين من أكتوبر مباشرة، وقد تواصلت قيادة الدعم السريع مع جهات عديدة في الأيام الأولى، حاملة رسالة فحواها بأن هذه الإجراءات تمت بمشاركة عناصر من نظام المؤتمر الوطني المنحل، وأنهم لم يكونوا على علم بذلك، هذا التباين الذي حدث قاد لتوقيع اتفاق البرهان/حمدوك، وقد أشار حينها الدكتور عبدالله حمدوك في خطاباته لهذا التباين كأحد المخاوف التي تهدد كيان الدولة.
– أدى هذا التباين لفتح حوارات عديدة بين المكون العسكري والقوى المدنية، كانت النقطة الرئيسية التي أثارتها قيادة القوات المسلحة هي تمدد الدعم السريع وازدياد استقلاليته، وكانت النقطة الرئيسية التي أثارها الدعم السريع دور عناصر نظام المؤتمر الوطني المنحل في إثارة الفتنة بين القوات المسلحة والدعم السريع. وفي كل هذه الحوارات كانت النقطة الأساسية التي تتمسك بها «الحرية والتغيير» أنها لن تكون طرفاً يؤجج الصراع بين القوات المسلحة والدعم السريع، ولن تتحالف مع جهة ضد جهة، لأن هذا الأمر سيشعل الحرب، لذا فان طرحنا هو عملية سياسية شاملة للمدنيين والعسكريين تعالج القضايا كافة، وعلى رأسها الإصلاح الأمني والعسكري الذي يقود لبناء جيش واحد مهني وقومي، وقد أصدرت الحرية والتغيير بيان خط سياسي يحمل هذا المحتوى في فبراير 2022، وطورت مع فاعلين دوليين وإقليميين بداية العملية السياسية لتلافي انهيار الدولة والحرب الأهلية، وللعمل على استرداد المسار الديمقراطي.
– تطورت هذه المحاولات حتى أثمرت الاتفاق الإطاري الموقع في 5 ديسمبر 2022. يروج بعض الناس بجهل أو بسوء نية بأن الاتفاق الإطاري هو السبب في اندلاع الاشتباكات لأنه منح الدعم السريع استقلالية بتبعيته لرأس الدولة مباشرة، وهي محاولة تضليل مكشوفة، لأن تبعية الدعم السريع لرأس الدولة هو أمر اقره قانون الدعم السريع للعام 2017 وليس أمراً مستحدثاً.
– جن جنون عناصر نظام المؤتمر الوطني بمجرد توقيع الاتفاق الإطاري، وبدأوا حملات مسعورة ضده، لا لشيء سوى أنه سيغلق الباب أمام عودتهم للسلطة التي بدأت عقب «انقلاب 25 أكتوبر»، بحسب وصف المتحدث الرسمي للعملية السياسية، فقد استخدموا شتى السبل لذلك، منها الترهيب والترغيب. الترهيب ليس للمدنيين فحسب بل حتى للقيادة العسكرية التي وقعت الاتفاق، فقد وجهوا سهاماً عديدة للدعم السريع نسبة لموقفه المعلن المتمسك بالاتفاق، واجتهدوا في تحريض القوات المسلحة عليه، وداخل القوات المسلحة شنوا حملات على القائد العام الفريق أول عبد الفتاح البرهان لتوقيعه الاتفاق، وحاولوا إثارة الفتنة داخل القوات المسلحة نفسها وبين القوات المسلحة والدعم السريع.
– أسس الاتفاق الإطاري للمرة الأولى لمناقشة جادة حول قضية الإصلاح الأمني والعسكري، وطرحت القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الإطاري ورقة اسمها مبادئ وأسس إصلاح القطاع الأمني والعسكري، هذه الورقة ناقشتها مع قيادة القوات المسلحة والدعم السريع، وأدخلت جميع إضافاتهم عليها، وتم التوقيع عليها بتاريخ 15 مارس. وحسمت هذه الورقة المبادئ الرئيسية لإصلاح القطاع الأمني والعسكري والمدى الزمني للدمج ومراحله وأدوات الرقابة والمتابعة، وتبقت قضية واحدة فقط هي شكل القيادة الموحدة التي ستنشأ فوراً حين توقيع الاتفاق، وكانت هنالك مقترحات عدة على طاولة النقاش ولجان فنية تعمل لحل القضية، وخبراء محليين ودوليين يعملون على الوصول لاتفاق حولها.
– في الوقت ذاته الذي كانت القوى المدنية تستعجل الخطى للوصول لاتفاق، كانت القوات المسلحة والدعم السريع تتحسبان لاحتمال المواجهة العسكرية، وأصبح هذا الأمر مهدداً حقيقياً مع تبادل الاتهامات، لذا فقد عملت قوى الاتفاق الإطاري ليل نهار على مدى أشهر في مناقشات لم تنقطع من أجل خفض التوتر ومحاولة بناء الثقة، في حين ظل عناصر نظام «الإخوان» ينفخون الكير وينشرون الفتنة، لأن همهم لم يكن منع المواجهة، بل الدفع بها لأنهم أصحاب مصلحة مباشرة، هي تدمير العملية السياسية، ففرضية أن «الحرية والتغيير» هي التي دفعت لهذه المواجهة أو أنها ساهمت في انقلاب هي فرضية ساذجة وبلهاء بمعنى الكلمة، فما هي مصلحة «الحرية والتغيير» في مواجهة تُدمِّر العملية السياسية التي استثمرت فيها كل مقدراتها السياسية؟؟ من يريد الحرب والمواجهة هم من يؤججون نارها الآن ويعملون على زيادة رقعتها.
– قبل اندلاع الحرب بساعات خرجت قوى الاتفاق الإطاري من اجتماع مع القائد العام للقوات المسلحة، وقدمت له ورقة بعنوان «تصور للخروج من الأزمة السياسية»، تضع مقترحات محددة لتفادي الحرب، وذهبت في الثانية صباحاً للقاء قائد الدعم السريع، وتواصلت الاتصالات مع القائد العام وقائد الدعم السريع حتى قبل اندلاع المواجهة، وتم ترتيب اجتماع في الحادية عشرة صباحاً للجنة يرأسها د. الهادي إدريس، وعضويتها من قائدي العمليات بالقوات المسلحة والدعم السريع.
وأكد المتحدث الرسمي باسم العملية السياسية في السودان في ختام حديثه، أن كل ما ورد أعلاه يوضح حقيقة أن «الحرية والتغيير» والقوى المدنية، سعت وسعها لمنع نشوب هذه الحرب منذ سنوات، وتعمل الآن على إخماد نارها التي أشعلها نظام البائد الإسلاميين منذ سقوطه ويعمل الآن على تأجيجها. وأوضح أن مواقف الماضي والحاضر توضح بجلاء طبيعة هذه الحرب وأهدافها والقوى التي تقف خلفها وتعمل على استمرارها.