تحقيقات وتقارير

كرمه الرئيس قبل المولد النبوي.. وداعًا عالم الدعوة والوسطية الشيخ منصور الرفاعي عبيد

عبد الرحمن أبو زكير

بعد مسيرة علمية ودعوية امتدت لعقود طويلة، انتقل إلى رحمة الله تعالى فضيلة الشيخ منصور الرفاعي عبيد – وكيل وزارة الأوقاف الأسبق – في 21 ديسمبر 2025 الموافق 1 رجب 1447 هـ، عن عمر يبلغ نحو 93 عامًا، تاركًا إرثًا علميًا وفكريًا غنيًا امتد إلى أكثر من نصف قرن من العطاء.

حياة حافلة بالعَلم والعمل

وُلد الشيخ منصور الرفاعي عبيد في 8 أكتوبر 1932، وبدأ رحلته العلمية في منظومة التعليم الأزهري حتى تخرج عام 1961 م، لينطلق بعدها في خدمة الدين والوطن.

تدرّج في السلم الوظيفي داخل وزارة الأوقاف، وتولى منصب وكيل وزارة الأوقاف في فترة كان الإمام الشيخ محمد متولي الشعراوي وزيرًا لها، قبل أن ينتقل إلى العمل السياسي حيث شغل عضوية مجلس الشعب المصري من عام 1984 حتى 1990، كما كان عضوًا في اتحاد الكتاب المصريين.

إرث معرفي بالغ التأثير

لم يكن الشيخ منصور مجرد إداري أو خطيب جامع، بل كان عالمًا منتجًا ومفكرًا مؤثرًا في الثقافة الإسلامية المعاصرة. ألف أكثر من خمسين كتابًا تناولت القضايا الحياتية المعاصرة من منظور إسلامي معتدل وحكيم، ساهمت كتاباته في ترسيخ خطاب وسطية الإسلام ومواجهة تحديات العصر بأسلوب علمي ورؤى متزنة.

وقد تميزت أعماله بالتقارب بين نصوص الشريعة ومتطلبات الحياة المعاصرة، ما جعله محط احترام واسع بين العلماء والدعاة في مصر والعالم الإسلامي.

في السنوات الأخيرة من حياته، ظل الراحل يؤدي رسالته الإيمانية تجاه وطنه، فكان من بين آخر أنشطته رعاية مسابقات للقرآن الكريم التي بلغ مجموع جوائزها ثلاثمائة ألف جنيه تشجيعًا لحفظ كتاب الله وتعزيز ثقافة الوعي الديني.

تكريم وتقدير رسمي خلال حياته

لم تغفل الدولة عن تكريم مسيرة الراحل؛ ففي الاحتفالية السنوية للمولد النبوي الشريف منتصف سبتمبر الماضي تم تكريمه تقديرًا لمسيرته الدعوية والعلمية من قبل السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي.

كما أهدى الدكتور أسامة السيد الأزهري – وزير الأوقاف المصري – فضيلته نسخة من كتاب الله ودرع وزارة الأوقاف تقديرًا لسنوات عطائه الطويلة في خدمة الدعوة الإسلامية.

وزير الأوقاف ينعى الشيخ منصور الرفاعي 

نعى الدكتور أسامة الأزهري – وزير الأوقاف، رحيل الشيخ منصور الرفاعي عبيد بكل أسى، مؤكدًا أن الفقيد كان نموذجًا ملهمًا لكل الأئمة والخطباء والعلماء في مصر والعالم، وأن مسيرته العلمية والدعوية تُمثل رصيدًا عظيمًا لخدمة الدين والمجتمع.

وتقدم وزير الأوقاف بخالص العزاء إلى أسرته وذويه ومحبيه، داعيًا الله له بالرحمة ومثواه في فسيح جناته، وأن يلهم أهله الصبر والسلوان.

تعازي محافظ الغربية

بدوره، نعى اللواء أشرف الجندي – محافظ الغربية، فضيلة الراحل، مؤكدًا في بيان رسمي أن الشيخ منصور الرفاعي كان من أبرز رموز الدعوة والعلم في المحافظة والبلاد، وقدّم خلال حياته الفكر المستنير وجهدًا مخلصًا في ترسيخ منهج الوسطية ونشر الوعي الإسلامي.

وأشار المحافظ إلى أن مؤلفات الفقيد التي تجاوزت الخمسين كتابًا تركت أثرًا طيبًا في نفوس تلامذته ومحبيه، وأنها تمثل إضافة نوعية لمكتبة الفكر الإسلامي.

كما تقدم بخالص العزاء إلى أسرة الفقيد، داعيًا الله أن يجعل ما قدمه في ميزان حسناته وأن يلهم ذويه ومحبيه الصبر والسلوان.

موعد ومكان جنازة الشيخ منصور الرفاعي 

أعلنت أسرة الفقيد أن صلاة الجنازة ستُقام اليوم الإثنين بعد صلاة الظهر في مسجد الإمام الحسين بالقاهرة، وستشهد حضورًا واسعًا من علماء وقيادات وزارة الأوقاف ومسؤولي الدولة، في وداع أحد أبرز دعاة مصر في العصر الحديث.

وداع رجل صنع أثرًا لا يمحى

برحيل الشيخ منصور الرفاعي عبيد، تفقد الساحة الإسلامية واحدًا من أعلامها الذين جمعوا بين العلم والرؤية الوسطية والعمل المجتمعي. لقد كان نموذجًا في الاعتدال والتواضع والمعرفة، وسيسجل التاريخ اسمه بين من خدموا الدعوة بشجاعة فكرية وإخلاص تطبيقي، تاركًا خلفه تراثًا معرفيًا سيظل مرجعًا للأجيال القادمة في فهم دينهم ومنهجهم.

 

Follow us on Google News Button

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى