بعد مشاريع قوانين «الكنيست» الثلاثة
تنديد دولي .. بمحاولات الاحتلال وصم «الأونروا» بالإرهاب
أدانت العديد من دول العالم بشدة سعي الاحتلال الإسرائيلي لفرض قيود على مهام وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” وكذلك محاولاته بوصمها بالإرهاب بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي صدمت الكيان الإسرائيلي بردها أن “الأونروا” “ليست منظمة إرهابية”.
وكان الكنيست الإسرائيلي قد مرر، ثلاثة مشاريع قوانين، في قراءتها الأولى، التي حال تبنيها، ستفرض حظرا على أنشطة”الأونروا” بالأراضي المحتلة، وهو الأمر الذي أثار حفيظة العديد من دول العالم.
وعبرت الولايات المتحدة الأمريكية عن رفضها القاطع لمشاريع القوانين الإسرائيلية، وذلك على لسان ماثيو ميلر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية للصحفيين، والذي حض حكومة الكيان الإسرائيلي والكنيست على تعليق إقرار هذه المشاريع.
وشدد ميلر على أن “الأونروا” ليست “منظمة إرهابية” واعتبر أن هجوم الحكومة الإسرائيلية على الوكالة غير ضروري إطلاقا لأنه لا يدفع قدما بقضية إيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين في غزة، مؤكدا أن واشنطن تواصل دعم عمل الوكالة.
وتم تمرير مشروع القانون الأول، الذي يمنع الوكالة الأممية التي تتخذ من حي الشيخ جراح في القدس الشرقية المحتلة مقرا رئيسيا لها، من العمل في الأراضي المحتلة، بغالبية 58 صوتا “من أصل 120 بالكنيست” مقابل 9 أصوات، وفق وسائل إعلام إسرائيلية.
أما القرار الثاني، الذي يهدف إلى تجريد موظفي الأونروا من الحصانات والامتيازات القانونية الممنوحة لموظفي الأمم المتحدة في الأراضي المحتلة، فقد أقرّ بغالبية 63 صوتا مقابل معارضة 9 أصوات، فيما القرار الثالث، والذي ينص على تصنيف “الأونروا” “منظمة إرهابية” ويطلب من الكيان الإسرائيلي قطع العلاقات معها، فقد تم تمريره بموافقة 50 صوتا مقابل 10 أصوات معارضة أصوات.
ومن المتوقع أن يتم إعادة مشاريع القوانين الثلاثة إلى لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست للتحضير للقراءتين الثانية والثالثة اللازمتين لكي يصبح التشريع قانونا.
وفي السياق فإن جهات عربية عديدة انتقدت التوجهات الإسرائيلية تجاه “الأونروا” أبرزها دولة قطر التي أدانت مصادقة الكنيست الإسرائيلي، بالقراءة الأولى على مشروع القانون الذي يقضي بتصنيف “الأونروا” منظمة إرهابية، واعتبرته انتهاكا صارخا للقوانين والأعراف الدولية وامتدادا للحملة الممنهجة الهادفة إلى تفكيك الوكالة في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى خدماتها الإنسانية جراء التداعيات الكارثية للحرب المستمرة في قطاع غزة.
وشددت وزارة الخارجية القطرية على ضرورة وقوف المجتمع الدولي بحزم في مواجهة المخططات الإسرائيلية الرامية لتصفية الوكالة وحرمان ملايين الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية والأردن وسوريا ولبنان من خدماتها الحيوية.
يشار الى إعلان دولة قطر تقديمها في شهر مايو الماضي مساهمة مالية إضافية تبلغ 25 مليون دولار أمريكي دعما للموارد الأساسية للوكالة للعام 2024، تضاف إلى مبلغ 18 مليون دولار أمريكي كانت قد قدمته للأونروا في ديسمبر 2023.
وأوفت دولة قطر بتعهدها لدعم “الأونروا” بمبلغ 65.7 مليون ريال لعامي 2023 و2024، من أجل دعم الشعب الفلسطيني، في ظل الظروف الإنسانية الصعبة التي يتعرض لها حاليا، والمساهمة في سد الفجوة التمويلية للوكالة.
وفي خطوة دولية أخرى داعمة لعمل الوكالة، أعلنت واشنطن مؤخرا أنها ستستأنف عملها مع “الأونروا” بعد أن علقته عقب ورود ادعاءات إسرائيلية بأن مئات من موظفي الوكالة أعضاء في “جماعات إرهابية” وهي اتهامات فشلت إسرائيل في تقديم أدلة تثبت صحتها.
كما استأنفت بلدان أوربية ودول عديدة مساهماتها للوكالة الأممية، بما في ذلك بريطانيا وألمانيا وفرنسا والسويد والاتحاد الأوروبي، واليابان.
بدورها أدانت جامعة الدول العربية قرار الكنيست الإسرائيلي تصنيف “الأونروا” منظمة إرهابية، واصفة إياه بأنه ضرب من العبث والإفلاس السياسي، ويمثل إهانة للعمل الإنساني والحقوقي على الصعيد الدولي.
واعتبر أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، في بيان له، أن القرار يستهدف شرعية المنظمة وسمعتها الدولية، وهو جزء من حملة ممنهجة تباشرها دولة الاحتلال من أجل تقويض دور الوكالة الأممية التي تعمل في خدمة اللاجئين.
وتهتم “الأونروا” بخدمة 6 ملايين لاجئ مسجل لديها، بما في ذلك الفئات الضعيفة مثل النساء والأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة، وتدير 58 مخيما معترفا به للاجئين الفلسطينيين، وتلبي الاحتياجات الإنسانية الماسة لأكثر من 1.6 مليون شخص في الأردن ولبنان وسوريا وقطاع غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية المحتلة.
ورغم تراجع التمويل الدولي المخصص لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين فإن فيليب لازاريني المفوض العام للأونروا أكد ثقته بأن المنظمة ستكون لديها موارد كافية للعمل حتى نهاية سبتمبر المقبل.
وخلال مؤتمر إعلان التعهدات لـ”الأونروا”، الذي عقد بمقر الأمم المتحدة في نيويورك ، كرر أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة التأكيد على أن الوكالة هي العمود الفقري للعمليات الإنسانية في غزة، وأنه لا بديل عنها، مشددا على أن عملها يشكل أحد أعظم العوامل التي توفر بصيص أمل وقدر من الاستقرار في منطقة مضطربة.
وتقول “الأونروا” عن الوضع في قطاع غزة الذي يتعرض لحرب إسرائيلية مدمرة منذ السابع من أكتوبر الماضي: إن الناس في القطاع منهكون من النزوح المستمر، ويبحثون عن مأوى، مضيفة أن أيا من تلك الأماكن ليس آمنا ولم يعد لدى الناس مكان يذهبون إليه في غزة.
وحذر المفوض العام لـ”الأونروا” ، من أن اكتشاف فيروس شلل الأطفال في غزة يعتبر تطورا خطير في رحلة البؤس التي لا تنتهي، مؤكدا أنه يمكن السيطرة عليه عبر وقف إطلاق النار وزيادة تدفق اللقاحات.
وأدت الحرب المستمرة في قطاع غزة إلى تدهور الظروف المعيشية بشكل كبير لنحو 3.2 مليون نسمة في قطاع غزة، واضطر نحو 1.7 مليون شخص إلى ترك منازلهم، بحسب منظمات الإغاثة، فيما تحاول “الأونروا” القيام بجهود إنسانية متعددة الأبعاد داخل القطاع رغم القيود والعقبات التي فرضها الاحتلال.
ووفقا للعديد من المهتمين بالقضية الفلسطينية والعمل الإنساني فإن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين منذ تأسيسها عام 1949، جسدت أفضل ما تم من عمل للأمم المتحدة في عملها الميداني لعقود من الزمان، في منطقة تعاني من الاضطرابات بشكل مستمر.