أحمد القصاص يكتب: في المقص

بين خيبة الأمس وقلق الغد!
بين أسبوعين مع المتصدر برشلونة، عاش الشارع الكروي المصري حالتين متناقضتين في التوقيت، متشابهتين في القلق.
فقبل أسبوع تقريبًا، ودّع منتخب مصر الثاني بقيادة حلمي طولان بطولة كأس العرب في قطر من الدور الأول، إخفاق جديد أضاف فصلًا جديدًا من الإحباط فوق مشهد كروي محبط أصلًا، وفي مشاركة لم تحمل جديدًا لا على مستوى النتائج ولا على مستوى الأداء أو حتى الروح.
وبعد أسبوع تقريبًا، يستعد منتخب مصر الأول، بقيادة حسام حسن، لخوض نهائيات كأس الأمم الأفريقية في المغرب، وسط أجواء يغلب عليها التشاؤم، مع بعض التفاؤل الحذر الذي لا يتجاوز حد الأمل في “الخروج الآمن”، لا أكثر.
الخروج المبكر لمنتخب مصر الثاني من كأس العرب لم يكن صادمًا بقدر ما كان محبطًا، ورغم أنه كان متوقعًا إلا أنه كان مؤلمًا في الوقت نفسه.
فالمنتخب لم يقدم ما يشفع له فنيًا أو بدنيًا، ولم يظهر كفريق يمتلك مشروعًا واضحًا أو حتى شكل تنافسي، وهو ما جعل الإخفاق يبدو وكأنه نتيجة طبيعية لسلسلة من القرارات المرتبكة والاستعدادات غير المكتملة.
الأكثر إزعاجًا لنا كمتابعين أن البطولة كانت فرصة حقيقية لاختبار عناصر جديدة، وبناء قاعدة دعم للمنتخب الأول، لكنها تحولت إلى عبء نفسي جديد على جماهير أنهكها الانتظار.
رد الفعل الجماهيري جاء هذه المرة مختلفًا، لم يكن عنيفًُا وصاخبًا كما تعودنا في مثل هذه المواقف، بل أقرب إلى الغضب الصامت نتيجة للثقة المهزوزة، فالجماهير فقدت قدرتها على الغضب التقليدي، واستبدلته بنوع من اللامبالاة القلقة، وهو أخطر ما يمكن أن يصل إليه أي منتخب وطني.
الثقة مهزوزة، والرهان على تاريخنا الكروي الكبير لم يعد كافيًا، خاصة في ظل غياب مؤشرات حقيقية على التطور.
وفي الجهة الأخرى من المشهد، يدخل المنتخب الأول تحدي أمم أفريقيا، وهو يعلم أن الأرضية النفسية ليست مثالية، وأن فترة الإعداد لم تكن على المستوى المطلوب، لا فنيًا ولا معنويًا.
حسام حسن يتحمل مسؤولية ثقيلة، ليس فقط بسبب ضيق الوقت، بل لأن عليه أن يعيد بناء الجسور مع جماهير فقدت صبرها، وتنتظر رد فعل حقيقي داخل الملعب، لا تصريحات مطمئنة خارجه.
وما زاد من قتامة المشهد أن فترة الإعداد صاحبتها سلسلة من التعثرات، بداية من إخفاق المنتخب الثاني في كأس العرب، ومرورًا بخسارة نادي بيراميدز لكأس التحدي أمام فلامينجو البرازيلي، في مباراة كان يُعوّل عليها معنويًا، ووصولًا بالطبع إلى أزمة محمد صلاح مع نادي ليفربول، والتي ألقت بظلالها على تركيز النجم الأول، وتراجع دور عمر مرموش وعدم مشاركته كأساسي مع مانشستر سيتي، بما يحمله ذلك من تأثير فني ونفسي.
كل هذه التفاصيل المتفرقة، اجتمعت لتصنع حالة عامة من القلق وعدم الاطمئنان.
ربما يكون التحدي الأهم أمام المنتخب الأول ليس تحقيق اللقب، بل مصالحة الجماهير الغاضبة.
مصالحة تبدأ بالأداء، بالروح، بالالتزام التكتيكي، وبالإحساس الحقيقي بقيمة القميص الوطني، فهذه الجماهير لا تطلب معجزات، لكنها تريد أن ترى منتخبًا يقاتل، يحترم نفسه قبل أن يحترم المنافس.
وأخيرًا .. بين أسبوعين، تغيّر فيهما الزمن قليلًا، لكن القلق بقي كما هو، أصبح أمامنا منتخب ودّع، وآخر يستعد، وبينهما جماهير تبحث عن بارقة أمل تعيد لها الإيمان بأن القادم قد يكون أفضل.
وفي كرة القدم، لا أحد يملك ضمانات، لكن الشيء المؤكد أن منتخب مصر لا يملك رفاهية خذلان جماهيره مرة أخر.






