” ساره توما “.. أنامل ذهبية فى تصميم الدمى والعرائس المصرية
ساحرة الفنون الجميلة أبهرت العالم بمنتجاتها الفريدة.. من الفوم والفلين وأقمشة الصين
جمعت بين الرسم و”الهاندميد” فى طفولتها واتجهت “للعرائس” بعد تخرجها
شاركت بالمعارض والمنتديات.. و أبهرت بأعمالها الفضائيات
عرف الفنان المصري القديم صناعة الدمى أو العرائس كتميمة سحرية تدرأ الشر وتجلب الخير والتى اشتهرت بها عروس النيل المصنوعة من الشمع وغيرها باستخدام الطمى وعظام الحيوانات وخاصة فى موسم الفيضانات وعند زراعة محصول القمح لمنع الحسد وحفظ الإنتاج ، كأحد الفنون الحرفية المرتبطة بوجدان الشعوب عبر العصور والحضارات ، لتحمل بذلك مساحة لا نهائية من التواصل الحسي والحركي مع الأطفال مما يجعلها معتادة لديه وقريبة من فكره وعقائده ، لتشاركه فرحته فى جميع المناسبات والاحتفالات.
يؤكد ذلك دراسة قام بها باحثان مصريان أرجعت تاريخ ميلاد فن صناعة العرائس إلى عصور سحيقة منذ تأسيس الأسرات الفرعونية.. مؤكدين إن قدماء المصريين لهم السبق في ابتكار أنواع مختلفة من الألعاب تم اكتشاف البعض منها بمقابر الوزير الحكيم بتاح حتب من الأسرة الخامسة (نحو 2494 – 2345 قبل الميلاد) على هيئة نقوش تمثل ألوانا متعددة من الألعاب الشعبية التي كان يمارسها الأطفال آنذاك.. فضلا عن توارث فنون العرائس الزاهية والتى كان أشهرها المصنوعة من الحلوى والأقمشة المحشوة بالملابس البالية وغيرها تعود إلى عصر الفاطميين الذين حكموا مصر بين عامي 969-1191 ميلادية.
ونظرا للمكانة المميزة التي حظت بها ألعاب الدمى والعرائس بمختلف أنواعها في قلوب الصغار والكبار.. فقد أبدع فنانون وحرفيون مصريون في تحويلها الي قطع فنية تحمل عناصر العمل الفني الشعبي والغربي ، مطوعين فن النحت والتشكيل والتصوير والحلي في قطعة واحدة لتعبر عن ماهية المجتمع الإنساني كمتنفس حضارى يعكس مرآة فنونه التشكيلية التى تظلله روح الابداع المنبثقة من صميم عمل الفنان المصري القديم والمعاصر.
” الخبر نيوز “التقت بالفنانة المصرية الشابة “ساره توما”من داخل غرفتها الجميله المليئة بأوراق الفوم والأقمشة ومعرضا للصور الجدارية واللوحات وهى تضع ملامح المجسم الجديد الذي تختاره وفقا لشروط محددة لجذب الأطفال وذوق عملائها.
قالت إنها احترفت مهنة صناعة العرائس الغربية مستفيدة من خبراتها العلمية طوال فترة دراستها الجامعية وعشقها لممارسة أعمال الهاندميد اليدوية منذ طفولتها لتنجح بعد سنوات من العمل الشاق فى لفت الأنظار إلى منتجاتها الفريدة وعرائسها النادرة.. موضحة أنها كسبت ثقة عملائها كأحد أبرع فنانى مصر فى صناعة عرائس الكريسماس والرعب وتجسيد آلهة الحكمة”سشات Seshat” لتنال بذلك شهرة واسعة بين مصاف عمالقة صناعة “الدمى” فى هذا المجال .
تروى الفنانة ساره توما – خريجة الفنون الجميلة جامعة المنيا- قصة طفولتها منذ قدومها برفقة والديها من محافظة شرق الدلتا للإقامة بمحافظة الوادى الجديد عام ١٩٨٩م وهى لا تزال بسن ٣ سنوات.. قائلة :إن والدها كان يعمل بوظيفة موجه أول تربية زراعية.. فيما شغلت والدتها منصب مدير مرحلة قسم الإعارات بإدارة الداخلة التعليمية.. مضيفة أنها منذ نعومة أظافرها تعشق إقتناء العرائس التى كانت ترسلها إليها والدتها من الخارج.. ومع مرور الوقت بدأت فى اكتشاف ميولها الفنية نحو ممارسة أكثر هواية مفضلة لديها وهى الرسم بالفرشاة والألوان ترافقها روح الفنان لتظهر عليها ملامح الموهبة المبكرة فى ظل رعاية ودعم أسرتها الصغيرة.
أكدت ساره أن التحاقها بكلية الفنون الجميلة واختيارها لقسم التصوير الجدارى وتخرجها بتقدير عام جيد جدا عام ٢٠٠٨م كان بمثابة نقطة البداية التى انطلقت منها إلى عالم الفن التشكيلي وممارسة كافة أنواع المشغولات اليدوية والرسم على الزجاج وتدريسها لطلابها بمدرسة موط الرسمية للغات.. حيث تعمل حاليا بوظيفة معلم أول تربية فنية ، فضلاً عن مشاركتها فى مختلف المحافل والمعارض الدولية مع كبار الفنانين لعرض منتجاتها ولوحاتها المختلفة.. مشيرة إلى أنها بصدد مناقشة رسالة الماجستير العلمية حول موضوع “الدمى ” تمهيدا لحصولها على درجة الدكتوراه تحقيقا لأمنية والديها وحلمها الخاص كخطوة هامة فى مسيرة حياتها الفنية وهو التدريس بالجامعة لتشارك خبراتها العملية لمحبي ودارسي فن تشكيل الدمى المصرية وكيفية توطيد ذلك الفن العريق الموثق للثقافات العالمية وأعادة احيائه في مصر بواسطة الفنانين التشكيليين .
أضافت “توما” أن ممارسة الألعاب المختلفة واقتناء العرائس أو الدمى كما يطلق عليها تجسد مرحلة هامة في حياة الطفل لما يصبو إليه من احتياج نفسي أصيل وخاصة خلال أعوامهم الأولي لتفريغ طاقاتهم على نحو ايجابي وحيوي ينمي مداركهم الفكرية والسلوكية ويساعد علي اكتساب العديد من المهارات كاللغة والحوار والتعبير عن الأفكار ، وهو الأمر الذى تحرص دائما على مراعاته وتنفيذه بدقة متناهية وحرفية فى جميع تصميماتها من العرائس “الفوم” أو الأقمشة سواء كديكور ضمن تجهيزات المكاتب وعيادات الأطباء ومستلزمات المنازل أو هدايا عينية تقدم للأطفال بالمناسبات السارة والأعياد.
( منتجاتها فريدة)
أوضحت الفنانة المصرية أن أكثر ما تتميز به عرائسها غير التقليدية هو انفراد التصميم والإتقان الشديد واللمسات النهائية لدرجة عدم مقدرة مقتنيها على التفرقة بين إذا ماكانت محلية الصنع أم مستوردة من الخارج وليست صناعة “هاند ميد”يدوية.. إضافة إلى امتلاكها خاصية عدم التكرار والتى تتمتع بها جميع أعمالها من التصميمات عن طريق النحت وتحديد ملامح الوجه أو بمعنى آخر لا يوجد لها شبيه فى العالم على الإطلاق باستثناء تلك النسخة الأصلية المقتناه لدى عملائها .
( عرائس الفوم والقماش)
أضافت أن الخامات المستخدمة في تصميم عرائس الفوم تتضمن كور الفلين و الفوم الملون أو السلك.. أما الدمى القماش فهي نوعان أحدهما سوفت يصلح للعب الأطفال والآخر ذو وجه منحوت ومغطى بطبقات القماش القطنية والذى يتمتع بالمرونة الحركية ، وأردفت أما بالنسبة لدمى الفوم يتم تجميع اجزائها بواسطة مسدس الشمع ولاصق السوبر جلو وأحيانا لاصق UHU إذا تطلب الأمر ، مشيرة إلى استغلال وقت فراغها للاستفادة من خبرات الثقافات الغربية فى تطوير فن عرائس ال “الكاراكتر ” أى الدمى التي لها ملامح تعبيرية للوجه وملابس تعبر عن الحقبة التاريخية والثقافة التي تمثلها الدمية ، والذى يعد بمثابة فن شامل يجمع بين النحت والرسم والتلوين والديكور بجانب اختيار الملابس والتعايش مع العرائس.
قالت إن هناك فرقا بين عرائس الفوم والقماش من حيث الخامات وتنوع التصميمات والغرض المحدد.. فالأولى تصلح لأعمال الديكور بعيادات الأطباء وجهاز العرائس.. أما القماش فتستخدم لغرضين.. أحدهما للترفيه عن الطفل وهو النوع المصنوع من أقمشة الروزالين والفايبر للحشو والزراير لعمل المفاصل الكبيرة لحركة الأرجل والذراعين وتغطية الرأس بالشعر الحرارى المستورد من الصين.. بينما الأخرى تصنع خصيصا للكوليكتور وهى فئة قليلة تفضل اقتناء أشكال معينة من العرائس والحفاظ عليها نظراً لارتفاع تكلفتها المادية وتفاصيلها المعقدة والتى تبدأ بتحديد الطول البالغ ٦٠ سنتيمترا والإستعانة بكوره الفلين ، حيث يتم تحديد الملامح ونحت الوجه بعجينة خاصة متماسكة وصلبة.. أما العيون فغالباً ماتكون من مادة الريزن الزجاجية ليتم بعدها عمل الجسم وتجميع الأطراف وحياكتها باستخدام كور الخشب لعمل مفاصل الكوعين والركبتين وتغطية الرأس بقماش قطنى بنسبة ٩٥ ٪ مع مراعاة تصميم ملابسها وتطريزها بما يتلاءم وذوق العميل وارضائه.
وحول مشاركتها بالمعارض والمنتديات وعرض منتجاتها وعرائسها عبر القنوات..
قالت ساره إنه تم استضافتها فى أكثر من برنامج تليفزيونى شهير مع كبار الإعلاميين.. فضلا عن مشاركتها الفاعلة بمعارض المحافظة التراثية.. مؤتمر التمور والهجن الدولية ،وغيرها من ورش العمل التدريبية والمحافل المختلفة التى منحتها بطاقة العبور إلى عالم الشهرة وجذب أذواق العملاء لاقتناء منتجاتها النادرة.. موجهة الشكر لجميع أفراد أسرتها والداعمين لها طوال مسيرتها الفنية ومن بينهم الدكتورة رباب عبدالمحسن مستشار التربية الفنية بالوزارة والعميد هارون رئيس مركز الداخلة سابقآ واللواء أحمد مختار محافظ الوادى الجديد الأسبق رحمهما الله وأصدقائها من الفنانيين العرب والمصريين أصحاب الفضل والدعم الكبير.