فايننشال تايمز تجيب عن السؤال: الانهيار الاقتصاد العالمي .. هل يحدث قريباً ؟
حذر اقتصاديون في تصريحات نقلتها صحيفة ” فايننشال تايمز” من مبالغة المستثمرين في تقدير مخاطر حدوث انهيار في الاقتصاد العالمي، إلا أنهم أشاروا إلى أن هذه التقديرات يمكن أن تصبح “نبوءة ذاتية التحقيق”، حيث يمكن أن يؤدي الاعتقاد السائد بين المستثمرين إلى تصرفات تؤدي بالفعل إلى الانهيار، خصوصًا إذا فشلت البنوك المركزية في احتواء التداعيات.
وأغلقت مؤشرات الأسهم الأمريكية الرئيسية على انخفاض حاد، أمس الإثنين، وذلك بعد تلقي الأسواق العالمية صدمة بسبب مخاوف من الركود في الولايات المتحدة، وهو ما دفع المستثمرين إلى العزوف عن الأصول المنطوية على مخاطرة، وفقا لما أوردته وكالة ” رويترز” للأنباء.
ووفقا للبيانات الأولية، هبط المؤشر ستاندرد اند بورز 500 بواقع 159.20 نقطة أو 2.98 بالمئة ليغلق عند 5187.36 نقطة، في حين تراجع المؤشر ناسداك المجمع 567.78 نقطة أو 3.38 بالمئة ليصل إلى 16208.38 نقطة. كما نزل المؤشر داو جونز الصناعي 1030.47 نقطة أو 2.59 بالمئة ليغلق عند 38706.79 نقطة.
وذكرت الصحيفة البريطانية، في تقرير لها، أن عمليات البيع الكبيرة في أسواق الأسهم العالمية اكتسبت زخما، مع قلق المتداولين من أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) يستغرق وقتا طويلا لخفض أسعار الفائدة، في ضوء بيانات الوظائف الضعيفة التي صدرت الأسبوع الماضي، في حين يتبنى بنك اليابان مسارا جريئا للغاية نحو تشديد السياسة النقدية.
ونقلت الصحيفة عن خبراء اقتصاديين في “غولدمان ساكس”، أن الارتفاع الأخير في البطالة من 3.7 بالمئة عند بداية العام إلى 4.3 بالمئة في يوليو، كان “أقل خطورة من الزيادات السابقة” لأنه كان يرجع إلى حد كبير إلى عمليات تسريح مؤقتة للعمال، والتحديات التي واجهها المهاجرون الجدد في البحث عن عمل.
وقالت الصحيفة: إن خبراء “غولدمان ساكس” يعتقدون أن مخاطر الركود في الولايات المتحدة قد زادت، لكنهم ما زالوا يرون أنه احتمال لا يزيد عن 25 بالمئة.
ولفت إيان شيبردسون، من شركة “بانثيون ماكروإيكونوميكس الاستشارية”، الانتباه إلى بيانات معهد إدارة التوريدات بشأن قطاع الخدمات في الولايات المتحدة الصادرة أمس الإثنين، حيث قال إنها تشير إلى مرونة النشاط التجاري والتوظيف و”من شأنها أن تخفف المخاوف من التدهور السريع للاقتصاد”.
ونسبت ” فايننشال تايمز” إلى كريشنا جوها نائب رئيس شركة “إيفركور آي إس آي”، قوله: إن الهبوط الناعم الوعر لا يزال يبدو أكثر احتمالا من الهبوط الحاد. ومع ذلك، حذر من أن مخاطر تباطؤ حاد في النمو في الولايات المتحدة قد زادت.
وذكرت الصحيفة أن القلق الكبير الآن هو أنه إذا استمرت التقلبات في الأسواق، فإن ذلك قد يبدأ في التأثير على ثقة الأعمال وتشديد شروط الائتمان، وهو ما يشير إلى الإجراءات التي تتخذها المؤسسات المالية (مثل البنوك) لجعل الحصول على القروض أو الائتمان أكثر صعوبة أو تكلفة، وهذا التأثير قد يمتد إلى ما هو أبعد من الولايات المتحدة ليشمل الاقتصادات المتقدمة والناشئة الأخرى.
كما نقلت عن جوها قوله: إن الاضطرابات الواسعة النطاق في السوق واتساع فروق الائتمان التي تعكس اتساع الفجوة بين أسعار الفائدة على القروض ذات المخاطر العالية مقارنة بالقروض ذات المخاطر المنخفضة، “قد تدفع الشركات إلى زيادة عمليات تسريح العمال”.
ونسبت الصحيفة لسيمون ماك آدم، من شركة “كابيتال إيكونوميكس الاستشارية”، أن الاضطرابات في السوق “قد يكون لها في حد ذاتها آثار كلية إما لأنها تطيح بالمؤسسات المالية الكبرى أو لأن هناك تشديدا عاما في الظروف المالية”.
وأشار كالوم بيكرينج، كبير خبراء الاقتصاد في بنك الاستثمار “بيل هانت”، إلى أن “صدمة ثقة مفاجئة واسعة النطاق” قد تمتد إلى الاقتصاد الحقيقي، مضيفا: “هذه التوقعات يمكن أن تصبح ذاتية التحقيق”.
وذكرت الصحيفة أن التأثيرات لن تقتصر بالضرورة على الولايات المتحدة، على الرغم من أن الاقتصادات على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي (مثل أوروبا) في وضع مختلف.
ونقلت عن بيل ديفيني، الخبير الاقتصادي في بنك “إيه بي إن أمرو”، قوله: إنه في حين أن منطقة اليورو “في وضع مختلف عن الولايات المتحدة”، فإن هذا لا يعني أن أوروبا ستكون محصنة ضد الركود المحتمل في الولايات المتحدة.
ونقلت ” فايننشال تايمز” عن الخبراء الاقتصادين، أن البنوك المركزية ينبغي أن تكون قادرة على احتواء التداعيات من خلال الطمأنة اللفظية في الوقت الحالي، بما في ذلك في اجتماع صناع السياسات النقدية الكبار هذا الشهر في جاكسون هول.
وأشارت الصحيفة إلى أن الأسواق تتوقع خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر، لكن خبراء الاقتصاد قللوا من أهمية الدعوات إلى اتخاذ إجراءات طارئة قبل التصويت المقبل لصانعي أسعار الفائدة في الولايات المتحدة.
واختتمت الصحيفة تقريرها بما قاله إرني تيديشي، أستاذ الاقتصاد في جامعة ييل وكبير الاقتصاديين السابق في مجلس المستشارين الاقتصاديين للبيت الأبيض: “إذا أقدم بنك الاحتياطي الفيدرالي على خفض طارئ للفائدة، فإن هذا من شأنه أن ينقل حالة من الذعر. وما يحتاجون إلى توصيله الآن هو الهدوء”.