فرصة هامة .. فى لحظة فارقة
من أفضل نعم المولى جل جلاله على مصر أنه لا توجد بها لا جماعات ولا ميليشيات مسلحة ولا طوائف ولا فرق أو عرقيات، شعب لا يمكن أن تعرف مسلميه من مسيحييه إلا عندما تشاهد بطاقته الشخصية، شعب يحمل غالبيته العظمى جينات الطيبة والشهامة وحب الخير، شعب يعشق تراب وطنه ولديه الإستعداد الدائم للتضحية بروحة وحياته من أجل الدفاع عن هذا الوطن وهذا الكلام ليس بجديد ولكن التاريخ يقول ذلك والعديد من المواقف السابقة تقول ذلك عند حدوث بعض الأزمات.
ولا يستطيع أحد أن يُنكر أنه منذ عام ٢٠١١ حتى الأن حدثت حالة من الإستقطاب الحاد وإنقسم المجتمع المصرى إلى ثلاث مجموعات، المجموعة الأولى تؤيد الحكومة ولا ترى لهاً أى إخفاقات وترى أنه ليس فى الإمكان أفضل مما كان، وتصف معارضيها بأنهم طابور خامس وكارهين للوطن، أما المجموعة الثانيه فهى تعارض بشدة هذه الحكومة ومن فيها، من كان ومن رحل، ولا ترى لها أى إنجاز يذكر وتصف مؤيديها بأنهم مطبلتية وأصحاب مصالح خاصة يستفيدون من قربهم للنظام.
أما المجموعة الثالثة فهم أصحاب الرؤية وإعمال العقل، الذين يتخذون مواقفهم على حسب الموقف فيؤيدون إذا كان يستحق ويشيدون بمتخذ القرار، وكذلك يعارضون المواقف التى تستوجب المعارضة وعدم التآييد وينتقدونها.
وللمفارقة تجد أن المجموعتين الأولى والثانية يصفون هذه المجموعة «الثالثة» بأصحاب المواقف المايعة ومسك العصا «من النص»، فكلا المجموعتين يعتنق نظرية الرئيس بوش اللعينة ( من ليس معى فهو عدوى ).
وفى ظل هذه الحالة من الإنقسام التى يعيشها الشعب المصرى، جاءت تصريحات الرئيس الأمريكى الأهوج ترامب عن قضية تهجير أهل غزة إلى مصر والأردن، مدعيا أن ذلك سيكون لفترة حتى يتم إعادة إعمار غزة التى لم تعد تصلح للعيش، وما أن أُطلقت هذة التصريحات حتى إنتفض الشعب المصرى عن بكرة أبيه معلنا الرفض التام لهذا الكلام، ومعلناً حالة الإصطفاف والوحدة بجوار القيادة السياسية والجيش ومتناسياً أى خلاف سياسى أو أيدولوجي، ومتانسيا أيضا حالة الضيق الإقتصادى وإرتفاع الأسعار التي جعلت الغالبية غير قادرين على توفير متطلباتهم الأساسية.
تناسوا كل هذا وتذكروا شيئاً واحداً، تذكروا الوطن وعشق الوطن ووحدة الوطن والإستعداد والتضحية بالنفس من أجله، ثم جاء حديث الرئيس أمس معلنا بقوة رفض هذا المقترح وإغلاق الباب فيه بلا رجعة، وهو كلام كنت أستشعر فيه أنه يريد أن يقول للعالم أنا معى شعب بأكمله على أختلاف توجهاته وإنتمائاته السياسية.
١١٠ملايين مصري إصطفوا وتوحدوا على قلب رجل واحد وموقف واحد، وهو موقف لم نشاهده منذ عقود، هذا الموقف جاء ليكشف من جديد عن معدن هذا الشعب الأصيل الذى يستحق أن يحيا حياة كريمة.
وفى إعتقادى أن لحظة الوحدة والإصطفاف والتناغم بين الشعب والنظام الحاكم هى لحظة تاريخية يجب إستغلاها وإعتبارها بداية جديدة والعمل على بلورة عقد إجتماعى جديد يستحقه هذا الشعب الأصيل الذي تحمل كثيرا من الأعباء خلال السنوات الماضية.
إن مثل هذه اللحظات الفارقة التي تجمع جموع المواطنين، الحاكم والمحكوم على كلمة واحدة، تُحدث حالة من التقارب لا تتكرر كثير ، ولذا يجب أن يتم إستغلالها جيداً وفورا من أجل صالح الوطن أولا ومن أجل الشعب الأصيل الذى يثبت دوماً أنه الكتلة الصلبة والظهر القوى والحقيقي الذى يستطيع الحاكم الإستناد إليه فى إتخاذ مواقف قوية وفاعلة تجاة أى قضية أو قوة دولية أو رئيس دولة مثل ترامب يمارس البلطجه وفرض الإتاوات على بعض الدول دون خوف أو تردد، فبالله عليكم إستغلوا الفرصه ولا تضيعوها