لست من متابعي الدراما التليفزيونية منذ عدة سنوات .. تحديدا منذ بدأت الفضائيات تتسابق في إنتاج سلسلة من مسلسلات البلطجة والمخدرات وزنا المحارم تحت دعوى الإبداع والواقعية … وهما براء من تلك الدعاوي السخيفة الكاذبة …
فبعد روائع التليفزيون المصري مثل القاهرة ٣٠ وزيزينيا و ليالي الحلمية وهوانم جاردن سيتي ورأفت الهجان ودموع في عيون وقحة وهو وهي والراية البيضا والحفار ونصف ربيع الآخر وذئاب الجبل وحمادة عزو
وناصر ٥٦ وأيام السادات، وغيرها وغيرها من الأعمال الإبداعية التي تسابق عليها كبار النجوم من الفنانين ممثلين ومنتجين ومخرجين وكبار الكتاب …
أعمال تصور الواقع المصري بأسلوب وطريقة محترمة لا تخدش الحياء ولا تعرض المجتمع المصري لأي نوع من الإهانة ..
أعمال تجتمع عليها الأسرة المصرية تستمتع وتستفيد من مواقف واقعية تمس الحياة اليومية لعموم المصريين …
مع تعدد الفضائيات وسيطرة رؤوس الأموال الخارجية وانتهاء دور قطاع الإنتاج، بدأت الفضائيات تنتج أعمالا تركز على الحارة المصرية التي اخترعوها … وشوهوها .. قدموا من خلالها نماذج غريبة لبشر يعيشون في أجواء غريبة بينهم علاقات مشبوهة … يرتدون ثيابا من كوكب آخر .. يتحدثون لغة في منتهى الانحطاط ..
أجواء كلها مخدرات وقتل وسرقة وبلطجة … حتى الأطفال.. شوهوهم وانتبهوا متهم البراءة …
الشرطة أيضا لم تسلم من تشويههم ..
فهي لا تأتي الا بعد خراب كامل .. ولا تواجد لها طوال الأحداث … حيث تدار الأمور وفق قانون الغاب الذي يتحكم فيه أباطرة الإجرام المسيطرين على الأحداث …
المثير للشفقة .. أن بطولة تلك الأعمال يتم إسنادها إلى الجيل الجديد من الشباب الصاعد الذين كنا نتوسم فيهم خيرا وننتظر منهم الكثير …
مشهد واحد شاهدته صدفة صدمني و آلمني
…. «سيارتا ميكروباص» يقتحمان الحارة يحملان مجموعة من البلطجية يحملون السنج والهراوات يقومون بتحطيم وحرق كل ما يصادفهم .. ثم تدخل سيارة نصف نقل يجلس على مقدمتها المعلم الفتوة … ويتم إحضار عدد أهل الحارة وهم من كبرائها … مضروبون .. مقيدون .. مذلولون مقهورون . ..
كما يقوم صبيان المعلم بتغيير اسم الحارة وإبداله باسم المعلم الفتوة …
ويدور حوار صادم بين الطرفين يتبادلا فيه أحط و أحقر الألفاظ …
مشهد رخيص بكل معاني الرخص و الإهانة
هذه ليست الحارة المصرية ولن تكون …
كيف تم السماح بانتاج هذه النوعية من الأعمال المسيئة التي تزيف الواقع وتشوهه وتصورنا كوحوش ضارية لا أخلاق ولا قيم لها
وحوش تعيش لتعيث في الأرض فسادا دون حسيب أو رقيب … !!؟؟
و نعود لنتساءل …
أين المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام .. !!؟؟
إلى متى سيظل هذا الأمر قائما ..
من سيتصدى لحماية الذوق العام …
من يتحمل مسؤولية انتشار ثقافة البلطجة التي يقاتلون من أجل ترسيخها … !!؟؟
إلى كل مسؤول وأي مسؤول ….
اتقوا الله في بلدكم
امنعوا هذا الطوفان الذي يستهدف أمن الوطن
أعيدوا للفن الراقي تواجده و احترامه …
افعلوها قبل فوات الأوان