بحراوي

محافظ البحيرة : 80 مليون جنيه تكلفة إعادة إحياء مسار العائلة المقدسة بوادي النطرون

شهدت مسار رحلة العائلة المقدسة المرور على ثلاثة أديرة بمدينة وادى النطرون محافظة البحيرة، وهم أديرة الأنبا بيشوي، و دير السريان، و دير البراموس.

وأكدت محافظ البحيرة الدكتورة جاكلين عازر أن محافظة البحيرة تولي اهتماما كبيرا بتطوير مسار العائلة المقدسة بوادى النطرون، لافته إلى أن الدولة المصرية بذلت وفق توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي، جهودا كبيرة ومكثفة من أجل تهيئة المسار لوضعه على الخريطة السياحية.

وأوضحت أن تكلفة إعادة إحياء مسار العائلة المقدسة بوادي النطرون بلغت ما يقرب من 80 مليون جنيه، حيث تم رصف 24 كيلومترا بتكلفة 48 مليون جنيه، وإنارة 18 كيلومترا بتكلفة 2ر26 مليون جنيه، وتشجير 16 كيلومترا بتكلفة 6ر3 مليون جنيه، ووضع لوحات إرشادية بتكلفة 2ر2 مليون جنيه، وذلك لرفع كفاءة الطرق المؤدية للمسار.

وأكدت محافظ البحيرة أهمية الحفاظ على هذا المَعلم التاريخي وتطويره بما يتماشى مع المعايير السياحية العالمية.

من جهتها، قالت الباحثه والمحاضره في التاريخ والآثار المصرية والإسلامية الدكتورة شيرين رُحيم، في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط، إن الديانات السماوية أكدت أهمية مصر، وقد كانت رحلة العائلة المقدسة واحدة من أقوى الشواهد على تلك المكانة، حيث قدست المناطق التي مرت فيها والتي تعد علامات حضارية وتاريخية وجزء من التراث المصري الاستثنائي عالميا، فهي تمثل فصلا هاما من فصول التاريخ المسيحي عامة والقبطي خاصة، لكونها أماكن يتبارك بها المسيحيون في مصر والعالم؛ لذلك يجب إحياء وتوثيق هذا المسار المقدس لوضعه على قائمة /اليونسكو/ للآثار.

وأوضحت الدكتورة شيرين رُحيم أن هذه الرحلة المقدسة تتضمن عدد ثماني محطات هي أهم المحطات التي مرت بها العائلة المقدسة، وهي ( جبل الطير – درنكة – سمنود – سخا – الفرما – تل بسطة – القاهرة – ووادي النطرون)، حيث تركت في كل مكان زارته أثرا ورواية توارثتها الأجيال وغدت موروثا ثقافيا ودينيا وتاريخيا ليس له مثيل في العالم.

وأضافت أن من بين هذه المحطات أديرة وادى النطرون، حيث أضفى مرور الرحلة المقدسة على تلك الأديرة صفة التقديس في المسيحية، فتعد أديرة وادي النطرون من أوائل التجمعات الرهبانية المسيحية في العالم، وارتبطت ثلاثة أديرة هم الأنبا بيشوي، ودير السريان، ودير البراموس برحلة العائلة المقدسة في مصر، لافته إلى أن هذه الاديرة تضم بين جنباتها العديد من الشواهد المعمارية واللوحات الفنية والعناصر المعمارية التي قلما نجدها في عمائر دينية مسيحية أخرى في العالم، كما تحتوي بعضها على مخطوطات ووثائق تاريخية قبطية بالغة الأهمية.

وحول الرحلة المقدسة إلى مصر، قالت الباحثه والمحاضره في التاريخ والآثار المصرية والإسلامية، إن الهروب إلى مصر جاء عندما قام الطفل “يسوع” المسيح وأمه العذراء مريم والقديس يوسف النجار بالخروج من بيت لحم إلى مصر هربا من بطش واضطهاد الإمبراطور الروماني “هيردوس” للمسيحية ومعتنقيها، حيث جن جنونه خوفا من أن يشب هذا الرضيع ليأخذ ملكه فأصدر أوامره بذبح كل طفل رضيع يبلغ من العمر أقل من عامين، فأراد قتله عن طريق المجوس، فحينما فشل قرر قتل جميع أطفال بيت لحم من دون السنتين، فقامت العائلة المقدسة بالهروب إلى مصر والبقاء فيها حتى موت “هيرودس”.

وأشارت إلى محطات رحلة العائلة المقدسة في مصر، والتى بدأت بتل الفرما في شمال سيناء على طريق القنطرة العريش والذي كان ميناء مهما ومركزا للتجارة، واستراحت بها العائلة المقدسة عدة أيام، وقد بنيت بها العديد من الكنائس في القرن السابع قبل الميلاد بإسم السيدة العذراء “مريم” تذكارا لزيارة العائلة المقدسة.

وأضافت أن الرحلة استمرت حتى وصلت إلى بئر تل بسطا والذى يقع في محافظة الشرقية بجوار مدينة الزقايق، مرورا بكنيسة الشهيد أبانوب والعذراء بقرية سمنود بمحافظة الغربية التي نالت الكنيسة شهرة كبيرة، حيث أن العائلة المقدسة نزلت بها أثناء رحلتها ومكثت بها ، كما يوجد بها بعض الأدوات التي كانت تستعملها السيدة العذراء موجودة حتى الآن ومنها “الماجور” الذي كانت تعجن فيه، كذلك يوجد بئر قديم كانت تشرب منه العائلة المقدسة.

ولفتت الدكتورة شيرين رُحيم إلى استمرار رحلة العائلة المقدسة والمرور على شجرة مريم التى تقع بمدينة المطرية حاليا، وهو ما منح المطرية كثيرا من الشهرة والصيت لتكرار ذكرها في الكثير من البلاد الغربية والشرقية لوجودها كإحدى المحطات للعائلة المقدسة، وهو ما ذكره البابا “ثيوفيلوس”، حيث كان في يد الشيخ يوسف النجار عصا يتوكأ عليها أخذها السيد المسيح وكسرها قطعا وغرس تلك القطع في ذلك المكان ، ثم وضع يده في الأرض فنبع منها ماء بجانب شجرة جميز استظلوا بها، ثم ازدهرت العصا التي غرسها وفاح منها رائحة طيبة مباركة، حيث شرب منها الطفل يسوع ونبتت هناك أشجار “البلسم” التي يستخرج منها زيت البلسم ودهن البلسم.

وأضافت أن موقع “شجرة مريم” حاليا يضم مجموعة من المزارات الأثرية مثل بئر وشجرة مريم ومجموعة من الأحواض الحجرية المائية الصغيرة، موضحة أن العائلة المقدسة لجأت إلى مغارة كنيسة “أبي سرجة” مرتين أثناء رحلتها إلى مصر قدوما ورجوعا، وهى التي تميزت بعناصرها المعمارية والفنية المتفردة التي تعكس روح عمارة الكنائس القبطية في مصر كالأنبل والمعمودية والأحجبة المطعمة وزخارفها ذات الطابع الديني التي تزين قبابها وجدرانها وأعمدتها الرخامية التي تتفرد برسوم للقديسين.

وأشارت إلى أن الرحلة استمرت حتى كنيسة العذراء بـ “جبل الطير” جنوب سمالوط بمحافظة المنيا على الضفة الشرقية لنهر للنيل والذي يوجد به المغارة التي مكثت فيها العائلة المقدسة، وفي بعض الكتابات يطلق على الجبل إسم “جبل الكف” نسبة إلى كف المسيح الذي انطبع على إحدى صخوره، عندما انهارت أمامه وأعادها بيده إلى مكانها وبقي أثر الكف على الصخرة إلى اليوم، لافته إلى أن الكنيسة تزدحم بصورة كبيرة في شهري يونيو وأغسطس من كل عام والذي يواكب عيد مجئ العائلة المقدسة إلى أرض مصر وعيد نياحة العذراء.

ولفتت الدكتورة شيرين رُحيم إلى وصول العائلة المقدسة إلى جبل “قسقام” دير العذراء فى المحرق بمحافظة أسيوط والذي يعتبر من أهم المحطات التي استقرت فيها العائلة المقدسة، ويشتهر هذا الدير بإسم “دير العذراء مريم” بسبب تاريخه المجيد، وهو الموضع المقدس الذي طال مقام العائلة المقدسة فيه أكثر من غيره من الأماكن الأخرى لمدة ستة أشهر وعشرة أيام، ولذلك أطلق علية بيت لحم الثاني.

وأضافت أن آخر محطة في مسار رحلة العائلة المقدسة كانت فى جبل “درنكة” بمحافظة أسيوط، ومنه بدأت منها رحلة العودة إلى فلسطين ، ومن بين أهم المزارات في دير درنكة مغارة الجبل.

Follow us on Google News Button

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى