عام واحد وبضعة شهور، الفارق الزمنى بين هجوم روسيا على أوكرانيا وهجوم الكيان المحتل على غزة، ولكن شتان بين رد الفعل الأمريكى والغربى تجاه الحربين فمنذ الساعات الأولى للهجوم الروسى على كييف إنتفضت أمريكا وأذيالها من الدول الغربية وخاصة بريطانيا وفرنسا وألمانيا لإدانة هذا الهجوم الروسى والخروج إلى وسائل الإعلام لإعلان كل الدعم المعنوى والمادى وإرسال أحدث الأسلحة لمواجهة الاعتداء الروسى واستدعوا جميع المعاهدات والمواثيق الدولية وبروتوكولات حقوق الانسان والتى ترفض وتدين إعتداء أية دولة على أخرى وخاصة المدنيين منهم، وتوفير كل سبل الدعم للفارين من الحرب.
هذه الدول ملأت الدنيا صراخا وبكاء بحق أوكرانيا ضد الإعتداء الروسى وحاصرت روسيا إقتصاديا، وعلى الجانب الآخر فى حرب الإبادة للكيان المحتل على غزة نجد الموقف الأمريكى وأذياله من الدول الغربية تغير بنسبه 180% ليظهر وجه العالم القبيح، فنجد منذ اللحظات الأولى إدانه تامة للمعتدى عليه و للمقاومة الفلسطينية وإعلان الدعم والتآييد لمحتل يقوم بحرب إبادة ضد شعب أعزل، حرب إبادة لأكثر من 2 مليون فلسطينى وصمت تام على قيام الكيان الغاصب المحتل بقطع المياه والكهرباء والوقود عن مواطنى غزة المدنيين في ظل قصف متواصل وهدم لأحياء بأكملها بمن فيها من بشر وهدم المستشفيات المكتظة بالجرحى والمصابين.
تناسى هؤلاء فجأة المعاهدات الدولية ومواثيق حقوق الانسان وكأن ذاكرتهم قد أصابها العطب .. هذا الإنفصام والتباين الحاد بين المعتدى عليهم فى أوكرانيا والمعتدى عليهم فى غزة يضعنا بما لا يدع مجالاً للشك أمام عدة حقائق ثابته وهى:
* كل المعاهدات والمواثيق الدولية التي تتغنى بها أمريكا والغرب مجرد حبر على ورق وهم غير مؤمنين بها ويستخدمونها لخدمة مواقفهم وأغراضهم الخاصة.
* مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة هى منظمات وهمية لم ولن تنصف أى قضية عربية أو إسلامية فى أى يوم من الأيام وخاصه في الصراع العربى مع الكيان المحتل.
* المنظمات الدولية والتي تعمل فى مجالات حقوق الإنسان والتى تسيطر عليها أمريكا وتابعيها تخدم أهدافهم ومواقفهم وفقط وهو ما حدث وشاهدناه جميعا في حربى أوكرانيا وغزة.
* أمريكا وأذيالها من الدول الغربية يعتبرون وجود الكيان الإسرائيلى المحتل أكبر ضمانة لإستمرار سيطرتهم على منطقة الشرق الاوسط بما فيها من ثروات نفطية أو موقع جغرافى متميز، وقد قالها بايدن بكل صراحة: لو لم توجد إسرائيل لأوجدناها.
* على الدول العربية والاسلامية إدراك أن القوة وحدها ووحدة العرب هى الكفيلة بإيقاف هذه البلطجة الأمريكية والغربية، فرغم تقديم كل الدعم والأسلحة لأوكرانيا، إلا أنهم لم يستطيعوا إرسال قوات من بلادهم للحرب مع أوكرانيا ضد روسيا لخوفهم من رد الفعل الروسى القوى، ولكن على النقيض حركت أمريكا أكبر حاملة طائرات لديها إلى البحر المتوسط وتستعد للدخول فى المعركة في حالة إتساع القتال مع الجانب العربى أو الإيرانى، أما باقى دول العالم فتقف موقف المتفرج المتخاذل وهم يشاهدون شعباً أعزل يباد من قوة متغطرسة دون أن يتحرك ضميرهم الإنسانى.
وفي النهاية أقول إن الحرب على أوكرانيا وغزة كاشفة .. كشفتا من جديد كم أن هذا المجتمع الدولى بلا ضمير أو إنسانية، مجتمع ظالم، مجتمع يعانى من الإنفصام والكيل بمكيالين، وسقطت كل الأقنعة .. نعم سقطت كل الأقنعه وسيذكر التاريخ كل المواقف الشجاعة وكل المواقف الظالمة وكل المواقف المتخاذلة .