محمد جرامون .. يكتب: 5 أهم من 750 !!
هل مات ضمير المجتمع العالمي ولماذا افتقد العالم عدالته؟ سؤال يطرح نفسه بشدة ويفرض نفسه على الساحة، بعد وقوع حادثين مأساويين لم يفصل بينهما سوى عشرة أيام فقط .. الحادث الأول هو غرق مركب هجرة غير شرعية ليبي قبل السواحل اليونانية، يحمل ٧٥٠ شخصاً خاطروا بأرواحهم ودفعوا كل ما يمتلكون بحثا عن فرصة عمل وحياة جديدة بدول أوروبا وقرروا المخاطرة رغم علمهم أن نسبة نجاتهم ونجاح مغامرتهم لا تتعدى الـ ٥٠ بالمائة، ولكن قسوة الحياة وغموض حاضرهم ومستقبلهم والذي يمثل موتاً بطيئاً لهم جعلهم لا يهابون الموت، ولم ينجُ من الحادث سوي ١٠٥ أشخاص فقط.
والحادث الثاني هو تحطم الغواصة تيتان والتي كان يستقلها ٥ أشخاص فقط، قرروا القيام بمغامرة أيضا ولكنها مغامرة المترفين الباحثين عن تميز وشهرة، فقرروا القيام بمغامرتهم لإكتشاف حطام السفينة تيتانيك ولكنهم أشخاص من الفئة السوبر يعشقون المغامرات ودفع كل منهم ٢٥٠ ألف دولار ثمنا لرحلته فمنهم الملياردير ومنهم رجل الأعمال ونجله ومنهم عالم المحيطات وكذلك مدير الشركة المالكة للغواصة.
المتابع لكلا الحادثين ومدي إنشغال الرأى العالمى والتغطية الإعلامية والتحرك بعد ورود نبأ وقوعهما يكتشف بما لا يدع مجالا للشك أن ضمير المجتمع العالمي، قد مات وأصبح يغط في نوم عميق وأن بوصلته الإنسانية فقدت توازنها وإتجاهاتها القويمة.
أصبحنا نعيش في عالم موحش تحركه الماديات والمصالح، فلم يتحرك خفر السواحل اليوناني سريعا وتأخر في إنقاذ الغرقي ولم يقوموا بعمليات بحث فورية تحت الماء للبحث عن ناجين وتركوا الضحايا يصارعون الموت. وعلى النقيض، انتفض خفر السواحل الأمريكي بمجرد عثوره على حطام الغواصه تيتان باحثا عنها وعن ناجين وتحركت فرنسا وأرسلت أفضل ريبوت في العالم يسمى ( فيكتور ٦٠٠٠) يمكنه الغوص إلى عمق سته آلاف متر تحت الماء للوصول للغواصة لمعرفة ملابسات الحادث.
واللافت للنظر أيضا الاهتمام الاعلامى الكبير على مدار الساعه بكل ما يتعلق بحادث الغواصه، فالمجتمع الدولي الذي ينتفض من أجل ٥ أشخاص ولا يهتم ب ٧٥٠ اخرين بغض النظر عن ظروفهم المادية وجنسيتهم هو مجتمع مات ضميره وحصل على إجازة بلا رجعة.