مقالات

ا.د. إبراهيم محمد مرجونة .. يكتب : حكاية بوجي من شدة الظلام إلى الشروق

في زوايا معتمة من الحياة، حيث يثقل اليأس الروح ويغلف القلب، تبرز قصة “بوجي“، رجل ساقه الإدمان إلى أن يبيع كليته، في لحظة ضعف جعلته يظن أن لا مفر. لكن تلك اللحظة القاسية لم تكن النهاية، بل كانت بداية وميض نور وسط العتمة، إيذانًا بأن الفجر لا بد أن يأتي مهما طال الليل.

وقف بوجي أمام المرآة ذات يوم، فرأى وجهًا منهكًا وجسدًا محطمًا، لكن خلف الانكسار كان هناك بريق خافت يهمس: الحياة لم تنتهِ بعد. كانت تلك لحظة التحول، النقطة التي يختار فيها المرء بين الاستسلام أو إعادة بناء نفسه من جديد.

وفي مواجهة هذا الصراع، تتردد كلمات القرآن:
﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ﴾ [الزمر: 53].

رسالة إلهية تطمئن كل من غرق في ظلمات الخطأ أن باب الرحمة أوسع من الذنوب، وأن العودة ممكنة مهما ثقلت الخطايا.

أدرك بوجي أن المعركة ليست مع المخدر وحده، بل مع النفس المرهقة التي اعتادت الاستسلام. فالصراع الحقيقي هو تطهير الداخل قبل الجسد، وتثبيت الإيمان قبل استعادة الصحة. وهنا يستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: «كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون». فالقيمة ليست في ألا نسقط، بل في قدرتنا على النهوض بعد كل سقوط.

ومع خطواته الأولى في طريق التعافي، شعر بوجي أن يد الله تمتد إليه، تغسل عنه بقايا الألم:﴿وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾ [النساء: 110].
إنها طمأنينة من نوع آخر، تجعل القلب أكثر قوة وتمنحه حياة جديدة.

لكن رحلة التعافي لا تكتمل وحدها؛ فالمجتمع شريك أصيل في أي انتصار على الإدمان. الدعم النفسي، التفهم، وبرامج التأهيل هي مفاتيح عبور حقيقية. فكما يدعو القرآن: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [النور: 31]، فالتوبة ليست مسألة فردية فحسب، بل مسؤولية جماعية.

يقول بوجي اليوم، مسترجعًا ماضيه: «كنت في حفرة عميقة، بعت جزءًا مني، لكنني لم أبع روحي. واليوم أملك حياة جديدة ونورًا لا ينطفئ». شهادته تحمل رسالة لكل من يرى نفسه في دوامة الانكسار: لا تيأس، فالعودة ممكنة، والفجر أقرب مما تظن.

وكأن صوت جبران خليل جبران يواسيه قائلاً: «في أعماق الشتاء، تعلمت أخيرًا أن بداخلي صيفًا لا يُقهر».
إنها الحقيقة التي تهمس لكل قلب مثقل: النور لا يغيب أبدًا، بل ينتظر أن نفتح له باب العودة.

فلتكن قصة بوجي شاهدًا على أن أقسى العثرات قد تكون بداية أعظم النهوض، وأن داخل كل إنسان طاقة نور لا تنطفئ، مهما كان الظلام حالكًا ، ودائماً كن على يقين بأنك ما دمت على قيد الحياة فالفرص ما زالت متاحة

لا تقل أبداً إن الوقت قد فات، فالبدء من جديد هو أجمل هدية تقدمها لنفسك مهما كانت عثرات الماضي.

كل يوم هو فرصة جديدة لتغيير ما فات، فلا تعش في ظلال الأخطاء بل انطلق نحو مستقبل مشرق.

العثرات ليست نهاية الطريق، بل هي دروس تقودك نحو بداية أقوى.

لا تيأس من نفسك مهما تكررت الأخطاء، فكل بداية جديدة تكتب فيها قصة انتصار.
يقول العم صلاح جاهين
ياللي بتبحث عن إله تعـبده.

بحث الغريق عن أي شيء ينجده.

الله جميل وعليم ورحمن رحــيم احمل صفاته .. وانت راح توجده.
عجبي.

اقرأ أيضاً: ا.د. إبراهيم مرجونة .. يكتب: السيد رامبو .. مرآة الإنسان المفقود

اقرأ أيضاً: ا.د ابراهيم محمد مرجونة .. يكتب : العنف في المجتمع ونداء الإصلاح

Follow us on Google News Button

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى