الذكاء الاصطناعي .. يتنبأ بالوفاة المبكرة لمرضى التهاب الأمعاء

توصل باحثون كنديون إلى نموذج ذكاء اصطناعي قادر على التنبؤ بدقة تصل إلى 95% باحتمالية الوفاة المبكرة لدى مرضى التهاب الأمعاء، مما يفتح آفاقا واعدة لتحسين الرعاية الصحية وزيادة متوسط العمر المتوقع.
ويمثل مرض التهاب الأمعاء (IBD) تحديا صحيا خطيرا، حيث يؤثر في ملايين الأشخاص حول العالم، وبينما تركز الجهود العلاجية في معالجة أعراض الجهاز الهضمي، كشفت الدراسة الحديثة عن بعد جديد تماما في التعامل مع هذا المرض.
فقد أجرى فريق من الباحثين الكنديين من عدة مؤسسات مرموقة، بما يشمل: جامعة تورنتو، ومعهد العلوم التقييمية السريرية (ICES)، ومعهد أبحاث مستشفى (SickKids)، وجامعة ماكجيل، وشركاء تريليوم الصحيِّين، دراسة حديثة كشفت عن قدرة الذكاء الاصطناعي على تقديم تدخلات حاسمة في علاج الأمراض المتعددة.
وركزت الدراسة في علاج الأمراض المتعددة للمريض الواحد – أي اصابته بحالتين صحيتين أو أكثر إلى جانب التهاب الأمعاء – مما يسمح بمعالجة المشكلات الصحية الأخرى قبل أن تتفاقم، وقد أظهرت النتائج أن هذا النهج يمكن أن يغير مسار حياة المرضى بنحو جذري.
واستندت الدراسة إلى استخدام عدة نماذج ذكاء اصطناعي لتحليل بيانات 9,278 حالة وفاة لمرضى مصابين بمرض التهاب الأمعاء، ومن بين هذه الحالات، توفي ما يصل إلى 47.2% قبل الأوان، أي قبل بلوغ سن 75 عاما، وكان الرجال يشكلون نسبة تبلغ 50% من هذه الوفيات المبكرة.
وفي مجموعة الدراسة، كان أكثر الأمراض المتعددة شيوعا في وقت الوفاة هي: التهاب المفاصل (77%)، وارتفاع ضغط الدم (73%)، واضطرابات المزاج (69%)، والفشل الكلوي (50%)، والسرطان (46%).. ولكن عند تحديد الأمراض المزمنة في منتصف العمر أو قبله، تنبأ نموذج الذكاء الاصطناعي بانخفاض ملحوظ في معدل الوفيات المبكرة.
وتكمن أهمية هذا الاكتشاف في قدرة النموذج على تجاوز التركيز التقليدي على أعراض الجهاز الهضمي، والنظر إلى الصورة الصحية للمريض بنحو أشمل.
فقد أظهرت الدراسة وجود ارتباط وثيق بين مرض التهاب الأمعاء وتطور أمراض مزمنة أخرى، مثل: التهاب المفاصل، واضطرابات الصحة العقلية، وأمراض القلب والأوعية الدموية، وأمراض الكلى.
ودعت الدراسة إلى تبني نهج جديد في البحث والعلاج، يركز في صحة المريض بنحو شامل، وليس فقط في مرض التهاب الأمعاء.
ويؤكد الباحثون أهمية توفير رعاية صحية متعددة التخصصات ومتكاملة عبر مراحل العمر المختلفة، خاصةً خلال مرحلة الشباب ومنتصف البلوغ، ويشيرون إلى ضرورة توسيع نطاق التخصصات الطبية المتاحة وتعزيز التنسيق بينها.
وأكد الدكتور إريك بنشيمول، طبيب الجهاز الهضمي للأطفال وكبير العلماء في مستشفى (SickKids)، وكبير العلماء في معهد العلوم التقييمية السريرية (ICES)، أهمية الدراسة في تطبيق الذكاء الاصطناعي على الحالات المزمنة التي تظهر في وقت مبكر من حياة المرضى. وأوضح أن هذه الحالات قد تكون حاسمة في تحديد المسار الصحي للمرضى.
ويمثل هذا الاكتشاف نقطة تحول في مجال الرعاية الصحية، إذ يفتح آفاقا جديدة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في التشخيص المبكر والعلاج الفعال للأمراض المزمنة.






