بالأمس .. وقفت منتظرا دوري أمام المحاسب (الكاشير) في أحد مراكز التسوق الكبرى في المدينة ..
كان يسبقني رجل كبير مسن وزوجته ..
بعد أن فرغ المحاسب من تمرير الأصناف التي اختارها الرجل وزوجته ثم أخبره بقيمة الفاتورة المطلوبة .. إذا بالرجل قد علا صوته محتجا … ودار بينهما حديث مختصره أن ما يطلبه المحاسب مبالغ فيه ..
ارتبك المحاسب وبدأ يراجع الحساب ليجد أن ما طلبه هو قيمة ما أخذه الرجل …
هنا انفجر الرجل صارخا … معلنا أن هذا كثير ولا يتناسب مع كم ونوع ما اشتراه …
ثم بدأ الرجل يعيد أصنافا ليقلل من قيمة الفاتورة وهو يتمتم بكلمات تعبر عن سخطه وعدم رضاه …
عندما أتى دوري تكرر الأمر معي وإن كنت لم اعترض وقبلت الأمر على مضض …
بعد أن انتهيت وأنا في طريقي لمغادرة المكان وجدت الرحل الذي سبقني يقف وعلامات الغضب الشديد بادية على وجهه … وعبارة «حسبي الله ونعم الوكيل» تتكرر مما دفعني للتوقف لتهدئته والتخفيف عنه ..
فاجأني الرجل بأنه أصبح يعاني من قسوة العيش، قال لي إنه على المعاش هو وزوجته .. معاشهما معا لا يتجاوز الثمانية آلاف جنيه يسكنون في شقة متوسطة إيجار مؤقت بـ ٣٠٠٠ ج شهريا … غاز وكهرباء ومياه ٦٠٠ج … أدوية ضغط وسكر وخلافه ٨٠٠ج … الأكل والشرب في المتوسط يوميا ٢٠٠ج … قال لي هذا اقل شيء .. غير الأمور الطارئة التي تحدث وتحتاج إلى صرف …
هدأت من روع الرجل وقلت له إن شاء الله تتحسن الأمور و نعبر الأزمة ..
لم يقتنع الرجل وأسمعني هو وزوجته كلاما لا أستطيع أن أعيده أو أذكره …
فكرت كثيرا فيما حدث …
الحقيقة الأمور أصبحت في غاية الصعوبة والحكومة (الرشيدة) أصبحت في واد والشعب في واد آخر … تلك الحكومة هي المسؤولة عما يحدث … صحيح أن هناك أزمات وأن الاقتصاد يعاني لأسباب عديدة ولكن الأمر طال ولا تلوح في الأفق أية انفراجات …
انتظرنا أن يأتي الفرج بعد أن وعدونا بالخير بعد انخفاض سعر الدولار وزيادة الاحتياطي النقدي وتخطيه حاجز التسعين مليارا …
حدثنا جهابذة الإعلام المدافعين عن أداء الحكومة عن أن الخير قادم … كلمونا عن مشروعات واكتشافات وانفراجات واستثمارات ستنهي الأزمة ..
لكن الواقع ازداد سوءا …
فقد تم رفع أسعار الغاز والكهرباء والمياه وكافة الخدمات .. حدث انفلات كبير في أسعار السلع دون تدخل من الحكومة …
الكلام صعب وما يعانيه الناس غير مسبوق
هنا نتساءل: …
لماذا لا يتم اتخاذ إجراء حاسم يعيد الأمور إلى نصابها .. ؟؟
إلى متى ستظل تلك الحكومة التي ثبت فشلها وعجزها عن تقديم الحلول فهذا واجبها … ؟؟
المستفز في الأمر أن من يتابع إعلامنا سوف يصدمه ما يتم الترويج عنه عن طريق الإعلانات التي تذاع وتتكرر عن الحياة في المدن الذكية وما تدعو وتسوق له من حياة كلها رفاهية تفوق مايحدث في أوروبا وامريكا والدول المتقدمة !!؟؟
أعلم أن كلماتي قد تكون قاسية ولكنها كلمات تعبر عما يعانيه ويقاسي منه غالبية هذا الشعب الصابر …
نحب بلادنا … نعم
نحرص على استقرارها .. أكيد
نتمنى لها السلامة وأن يحفظها الله من كل سوء … لا شك في ذلك ..
لكن أيضا من حقنا أن نعيش في سلام وأن نشعر أن من يتولون أمرنا يشعرون بما نشعر
نحن لا نطالب بالمستحيل .. فمن المؤكد أن هناك حلولاً …
العديد من الوزارات تحتاج إلى إعادة نظر …
أكررها ولن أمل ..
نظرة يا حكومة ….