وول ستريت جورنال: إعادة تشكيل التجارة العالمية .. في ظل التوتر «الغربي -الصيني»
كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية عن إعادة تشكيل للتجارة العالمية، في ظل استمرار وجود صادرات صينية قوية خلقت توترا مع الغرب وأدت إلى سلسلة من فرض الرسوم الجمركية على البضائع الصينية، مع وجود مؤشرات على تحول الصين نحو العالم النامي.
وأشارت الصحيفة، في تقرير لها، إلى أن أحدث البيانات التجارية الصينية، الصادرة الأسبوع الماضي كشفت الكثير، حيث زادت الصادرات في مايو الماضي 7.6 بالمئة عن العام السابق بالدولار، في حين ارتفعت الواردات 1.8 بالمئة، وأضافت أن انهيار سوق الإسكان في الصين أدى إلى انخفاض الطلب المحلي؛ لذا قامت بكين بتسريع عجلة التصدير الخاص بها لدفع النمو.
ونوهت الصحيفة بأن ذلك أثار الكثير من القلق في العواصم الغربية، فقد أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن عن تعريفات جديدة بنسبة 100 في المئة على السيارات الكهربائية الصينية ورسوم جمركية بنسبة 25 في المئة على بطاريات وقطع غيار السيارات الكهربائية الصينية، والتي ستدخل حيز التنفيذ في الأشهر المقبلة.
وكشفت المفوضية الأوروبية عن رسوم جديدة على المركبات الكهربائية الصينية تتراوح بين 17.4 بالمئة إلى 38.1 بالمئة بعد تحقيق في مكافحة الدعم، وقالت المفوضية، في بيان، إنها وجدت دعما غير عادل للسيارات الكهربائية الصينية، وأن تدفق الواردات الصينية المدعومة بأسعار منخفضة بشكل مصطنع يمثل بالتالي تهديدا واضحا ومتوقعا للصناعة في الاتحاد الأوروبي، وفقا للصحيفة.
ولفتت الصحيفة إلى أن بعض زيادات الصادرات القوية الأخيرة ناتج عن محاولة الشركات المصنعة لاستباق أي قيود تجارية محتملة، فعلى سبيل المثال، ارتفعت صادرات الصين إلى الولايات المتحدة بنسبة 3.6 في المئة على أساس سنوي في مايو، وذلك خلافا لما كان عليه الوضع في العامين الماضيين.
وأوضحت “وول ستريت جورنال” أنه وبشكل عام، تعمل الصين على القيام بعمليات البيع بصورة أقل للغرب وأكثر لجنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية، حيث ارتفعت الصادرات إلى جنوب شرق آسيا في الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام بنسبة 12 في المئة، مقارنة بالفترة نفسها قبل عامين، وفي الوقت نفسه، انخفضت صادرات الصين إلى الولايات المتحدة بنسبة 17 في المئة، وفي عام 2023 وحده، انخفضت صادرات الصين إلى الولايات المتحدة بنسبة 14 في المئة.
وأشارت الصحيفة إلى أن ذلك يرجع جزئيا إلى أن الشركات الصينية تعيد توجيه تجارتها عبر دول مثل فيتنام أو المكسيك، على الرغم من أن تلك الدول تعمل أيضا على بناء الصناعات المنخفضة التكلفة.
وأضافت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن الصين أيضا تتلمس أسواقا جديدة، فقد ارتفعت الصادرات إلى روسيا بنسبة 70 في المئة على مدى العامين الماضيين، حيث عزلت العقوبات الغربية البلاد عن جزء كبير من تجارتها مع الآخرين، وتقوم الصين بشحن الكثير من السيارات التي تعمل بالغاز إلى روسيا.
وذكرت الصحيفة أن الأهم من ذلك هو أن الصين تبيع أنواعا مختلفة من المنتجات عن ذي قبل، وشكلت القطاعات الجديدة، بما في ذلك السيارات الكهربائية والبطاريات والألواح الشمسية والرقائق، 8.5 بالمئة من إجمالي صادرات الصين العام الماضي، مقارنة بـ 4.5 في المئة قبل خمس سنوات، وفقا لمؤسسة “مورجان ستانلي” المالية.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الصادرات قوبلت برد فعل عنيف في أوروبا والولايات المتحدة، حيث إنهما يحاولان أيضا بناء التقنيات اللازمة للتحول الأخضر وصعود الذكاء الاصطناعي، ومع ذلك، فإن السلع الصينية ذات الأسعار المعقولة قد تكون موضع ترحيب في العديد من البلدان ذات الدخل المنخفض.
وذكرت الصحيفة أن جنوب شرق آسيا الآن وجهة أكبر لصادرات الصين من الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي، ويشكل ما يصدر إلى جنوب شرق آسيا وأميركا اللاتينية معا ما يقرب من ربع صادرات الصين حتى الآن هذا العام، وهي لا تزال أقل من حصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مجتمعتين والتي تبلغ 29 بالمئة، ولكنها في المجمل سوق كبيرة تتمتع بإمكانات نمو جيدة.
بيد أن الصحيفة ذكرت أنه في حين أن العديد من البلدان النامية أكثر ودية تجاه الصين بشكل عام، إلا أنها ليست محصنة ضد الضغوط السياسية المحلية، وربما تضع حواجز أمام الواردات الصينية.
وأشارت إلى أن العديد من دول أمريكا اللاتينية قامت برفع التعريفات الجمركية على الصلب لحماية الصناعات المحلية. وأعادت البرازيل مؤخرا فرض التعريفات الجمركية على المركبات الكهربائية لتشجيع الإنتاج المحلي، بدءا من 18 بالمئة، وترتفع إلى 35 بالمئة في عام 2026، إلا أن الصين تحركت لتخفف بعض التوترات، حيث قامت الشركات الصينية بإنشاء تصنيع محلي يمكن أن يخلق فرص عمل، فعلى سبيل المثال، تقوم شركة “بي واي دي” ببناء مصنع للسيارات الكهربائية في البرازيل.
واختتمت الصحيفة بقولها إن تحول التصدير الصيني نحو البلدان النامية حتى الآن قد نجح، ولكن في عالم يزداد نزوعا إلى الحماية، فإن قواعد اللعبة هذه سوف تواجه أيضا بعض القيود.