اتفق المشاركون في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالمناخ ” كوب 29″ ، المنعقد في باكو بأذربيجان، على تخصيص تمويل سنوي بقيمة 300 مليار دولار لمساعدة الدول الأكثر فقرا على مواجهة آثار التغيرات المناخية.
وتم التوصل إلى هذا الاتفاق بعد مفاوضات شاقة امتدت على مدى أسبوعين، حيث كانت هناك انقسامات كبيرة بين الحكومات الغنية التي تشكو من قيود مالية محلية، وبين الدول النامية التي كانت تفتقر إلى الثقة في وعود الدول المتقدمة.
ويعد هذا الاتفاق الجديد بديلا لتعهدات سابقة من الدول المتقدمة بتقديم 100 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة، والتي تم الوفاء بها عام 2022 بعد تأخر دام عامين عن الموعد المحدد.
وكانت الدول النامية قد اعتبرت أن المقترح الذي تقدمت به بعض الدول، والذي يحدد تمويلا بقيمة /250/ مليار دولار سنويا، لا يعد كافيا، وبعد تمديد المؤتمر والنقاشات بين الأطراف، تم تعديل المبلغ إلى 300 مليار دولار، للخروج من الجمود الذي ساد المفاوضات، التي شارك فيها مفاوضون يمثلون نحو 200 دولة للتوصل إلى اتفاق بشأن خطة التمويل المناخي العالمية.
وفي السياق ذاته، توافقت الدول الأطراف في مؤتمر المناخ “كوب 29” على قواعد سوق عالمية لشراء وبيع أرصدة الكربون، ويعتبر ذلك خطوة يرجو مؤيدوها أن تفضي إلى استثمارات كبيرة في مشروعات هدفها محاربة الاحتباس الحراري، ويتوقع أن تساهم دول متقدمة وغنية مثل الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوربي في دعم هذه الأهداف المالية.
وينص الاتفاق الجديد الذي تم التوصل إليه، كذلك على زيادة كبيرة في قروض البنوك التنموية متعددة الأطراف، أو إلغاء ديون الدول الفقيرة. كما يتم تشجيع الدول المانحة الإضافية على المشاركة في تقديم الدعم المالي المطلوب، يشار إلى أن الدول النامية والفقيرة تعاني من آثار كارثية جراء تغير المناخ، كالعواصف والفيضانات والجفاف، وارتفاع درجات الحرارة، التي تمثل بحسب الخبراء تحديات جمة تسفر عن خسائر مادية هائلة لا يتسنى لهذه الدول القدرة على التعامل معها أو معالجة آثارها.
ووفقا لتقديرات مجموعة من الخبراء المستقلين التابعين للأمم المتحدة، فإن الحاجة إلى المساعدة الخارجية تقدر بحوالي تريليون دولار سنويا حتى عام 2030، ويتوقع أن ترتفع هذه التقديرات إلى 1.3 تريليون دولار سنويا بحلول عام 2035.
وفي سياق متصل، انتقد الاتفاق بعض الأطراف المشاركة في مؤتمر المناخ “كوب 29” من المستفيدين، وعبروا عن خيبة أملهم لإقراره، ويعتبرون أن هذه الوثيقة ليست أكثر من مجرد خداع، ويعتقدون أن هذا الاتفاق الذي أثار حالة من الإحباط لدى الدول النامية لن يكون كافيا لمعالجة التحديات الضخمة التي يواجهها العالم.
من جانبه، قال سيمون ستيل رئيس هيئة المناخ في الأمم المتحدة: إن صعوبات بالغة واجهت المفاوضات على مدار أسبوعين، لكنه في الوقت ذاته أشاد بالنتيجة النهائية، ووصفها بأنها “وثيقة تأمين للبشرية”، مشيرا إلى أن الاتفاق سيسهم في تعزيز الطاقة النظيفة وحماية حياة الناس.
يشار إلى أن اتفاق باريس للمناخ عام 2015 كان قد وضع هدفا للحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية، مقارنة بمستويات درجات الحرارة ما قبل الثورة الصناعية، وذلك وفقا للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة، ويقول خبراء: إن ارتفاع متوسط درجات الحرارة حاليا وصل إلى 1.3 درجة مئوية، كما أن هطول الأمطار والفيضانات القياسية، والأعاصير المدارية المتسارعة في شدتها، وحرائق الغابات التي يشهدها العالم هذا العام، هي جزء من الواقع الجديد ومن المستقبل.
وتتوقع الأمم المتحدة أن تشهد درجات الحرارة العالمية ارتفاعا بنحو 3.1 درجة مئوية بحلول نهاية هذا القرن، إذا ما استمرت انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، واستخدام الوقود الأحفوري.
وخلص تقرير لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى حدوث إحراز تقدم منذ توقيع اتفاق باريس عام 2015، ومن المتوقع أن تزيد انبعاثات الغازات الدفيئة في عام 2030، استنادا إلى السياسات المعمول بها، بنسبة 16 في المائة في وقت اعتماد الاتفاق، وتبلغ الزيادة المتوقعة 3 في المائة، ومع ذلك، هناك حاجة إلى تحولات عالمية منخفضة الكربون لخفض انبعاثات غازات الدفيئة المتوقعة لعام 2030 بنسبة 28 في المائة لوضع العالم على الطريق نحو ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار درجتين مئويتين، وخفض الانبعاثات بنسبة 42 في المائة.
ويري مختصون أنه على الرغم من التقدم الذي أحرز في المؤتمر، فإن المخاوف بشأن كيفية جمع المبالغ المحددة لا تزال ماثلة، حيث أظهرت المحادثات الشاقة انقسامات حادة في المواقف بخصوص خطة لتمويل، بين الحكومات المتقدمة والغنية، ويخشون أن ينسحب ذلك على عدم القدرة في معالجة الآثار المناخية المتفاقمة على مر فصول العام، وفي مختلف الأقاليم المناخية المتعددة بالعالم.