منح الرئيس السيسى قلادة النيل ل “مودى” إشارة إلى استمرار الصداقة الهندية-المصرية لسنوات مقبلة
الأوضاع الجيوسياسية والإقتصادية العالمية السائدة تدعو إلى المزيد من التنسيق بين بلدان “الجنوب العالمى”
عدم تسييس الإمدادات العالمية للغذاء والأسمدة الزراعية والمنتجات الطبيةحتى لا تؤدى إلى أزمات إنسانية
أكد سفير الهند بالقاهرة أجيت جوبتيه، أهمية مشاركة مصر والرئيس عبد الفتاح السيسي في القمة الثامنة عشرة لمجموعة العشرين التي تنطلق أعمالها غدا السبت في نيودلهي برئاسة الهند.
وقال السفير – لوكالة أنباء الشرق الأوسط – إن الهند تعمل، باعتبارها رئيساً لمجموعة العشرين، على تعزيز الشعور العام بالوحدة، وفقا للمبادئ التي أرستها قيمها العريقة والتقاليد التي توارثناها على مدى قرون، وهو ما انعكس على شعار الهند لرئاسة مجموعة العشرين وهو “أرض واحدة، عائلة واحدة، مستقبل واحد”.
وأضاف أن الأوضاع الجيوسياسية والاقتصادية العالمية السائدة تدعو إلى المزيد من التعاون بين بلدان “الجنوب العالمي”، وباعتبار البلدين من أصوات العالم النامي البارزة، فان الهند ومصر لديهما مسئوليات ضخمة وكذلك فرص كبيرة للتعاون “ومن هذا المنطلق، قمنا بدعوة مصر كدولة ضيف في مجموعة العشرين خلال فترة رئاستنا الحالية لها”.
وحول أهم القضايا المطروحة على جدول أعمال قمة مجموعة العشرين المقبلة تحت رئاسة الهند، وخاصة في ظل التحديات التي تواجه الدول النامية، أشار سفير الهند بالقاهرة إلى أن بلاده تتبنى في جدول أعمال هذه القمة نهجاً يركز على الإنسان ويعمل على دمج أكبر للجنوب العالمي، وخاصة أفريقيا في الشئون العالمية، من أجل إقامة نظام أكثر تمثيلاً وشمولاً، تُسمع فيه كل الأصوات.
وأوضح السفير جوبتيه أنه وباعتبارها رئيساً لمجموعة العشرين، تسعى الهند إلى عدم تسييس الإمدادات العالمية للغذاء والأسمدة الزراعية والمنتجات الطبية، حتى لا تؤدي التوترات الجيوسياسية إلى أزمات إنسانية.
وأشار إلى أن الهند، وباعتبارها دولة داعمة للتعاون بين بلدان الجنوب، استضافت “قمة صوت الجنوب العالمي”، وهي قمة افتراضية خاصة عقدت تحت شعار “وحدة الصوت، وحدة الهدف” كمحفل تجتمع فيه بلدان الجنوب العالمي لتبادل رؤاها وأولوياتها، وذلك خلال الفترة من 12-13 يناير الماضى بمشاركة أكثر من 120 دولة.
ولفت إلى أن هذه القمة انعقدت في إطار المشاورات التي تقوم بها الهند ليس فقط مع شركائها في مجموعة العشرين، ولكن أيضاً مع رفقاء الدرب من دول الجنوب العالمي من أجل تحديد أولوياتنا في مجموعة العشرين.
وأوضح السفير أن الهند تسعى لأن يكون جدول أعمال مجموعة العشرين تحت رئاستها “شاملاً وطموحاً وفاعلاً وحاسماً”، مشيرا إلى ما أكد عليه رئيس وزراء الهند “كل صوت مهم بغض النظر عن حجم الناتج المحلي الإجمالي”.
وحول الطفرة غير المسبوقة التي تشهدها العلاقات بين البلدين خاصة بعد زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى دلهي في يناير الماضي وزيارة رئيس الوزراء الهندي إلى القاهرة ناريندرا مودي إلى القاهرة في يونيو الماضي، قال السفير إن الهند ومصر من أقدم الحضارات في العالم، وقد ارتبطتا بتاريخ طويل من العلاقات الوثيقة منذ العصور القديمة، وأسهمت حركة التجارة النشطة التي نشأت بين الهند ومصر منذ العصور القديمة في التقارب بين البلدين.
ووصف العلاقات بين القاهرة ونيودلهي بأنها “قوية” بما في ذلك مجالات التجارة والثقافة والدفاع، لافتا إلى أنه بعد فترة توقف خلال جائحة كورونا، قمنا باستئناف الزيارات رفيعة المستوى بين البلدين.
وأوضح أن الرئيس السيسي قام بزيارة دولة إلى الهند للمشاركة كضيف رئيسي في احتفالاتنا بعيد الجمهورية في يناير الماضي، مؤكدا أن هذه الزيارة ” تمثل فصلاً جديداً في علاقاتنا الثنائية”.
وأضاف أنه وفي المقابل، قام رئيس الوزراء ناريندرا مودي بزيارة مصر في يونيو الماضي، حيث قام البلدان خلال تلك الزيارة بتوقيع اتفاقية “الشراكة الاستراتيجية”، مذكرا بأن الرئيس السيسي منح رئيس الوزراء مودي خلال زيارته إلى مصر “قلادة النيل” في إشارة إلى استمرار الصداقة الهندية-المصرية لسنوات مقبلة.
وشدد السفير جوبتيه على أن الزيارات رفيعة المستوى بين البلدين تؤكد على الإرادة والالتزام بتعزيز العلاقات الثنائية بين مصر والهند والتي تقوم على دعائم التعاون السياسي والأمني الوثيق، وتعميق الشراكة الاقتصادية، وتدعيم التعاون العلمي والأكاديمي، فضلاً عن تعزيز التواصل الثقافي والشعبي.
وأشار سفير الهند إلى أنه على الرغم من التباطؤ الاقتصادي العالمي، تستمر التجارة الثنائية بين الهند ومصر في تسجيل معدلات نمو مستقرة وإيجابية، لافتا إلى حجم الاستثمارات الهندية الكبيرة في مصر، معلنا عن استثمارات جديدة خلال الفترة المقبلة في العديد من القطاعات، ومنها قطاعات متخصصة من بينها الهيدروجين الأخضر والهندسة.
وقال إن هناك فرصا للتعاون بين الهند ومصر خلال الفترة المقبلة في مجالات تكنولوجيا المعلومات والاقتصاد الرقمي والزراعة والبيئة والصحة.
ومن جانب آخر، قال سفير الهند إن بلاده تلتزم أيضاً بدعم الأمن الغذائي في مصر وكذلك مبادرات التنمية المستدامة في مجالات تكنولوجيا المعلومات والتعليم العالي والرعاية الصحية وبرامج الرعاية الاجتماعية.
كما أبرز السفير التعاون في المجال الأمني وهو ما تعكسه الزيارات المنتظمة على مستوى الوفود والدورات التدريبية والتدريبات المشتركة، فضلا عن التنسيق المتزايد بين البلدين في المحافل متعددة الأطراف.
وأكد أن الشراكة الاستراتيجية بين الهند ومصر وكذا التعاون العميق ومتعدد الأوجه يمكن أن تسهم كعامل مساعد في جهودنا لترقية العلاقات إلى مستوى أعلى.
وفيما يخص التعاون الاقتصادي المتميز بين مصر والهند والآليات الجديدة لتعزيز العلاقات التجارية، أكد السفير أن مصر تعد واحدة من أهم شركاء التجارة التقليديين للهند على مستوى القارة الأفريقية، مذكرا بأن البلدين أبرما اتفاقية التجارة الثنائية في مارس عام 1978، التي تقوم على أساس بند الدولة الأولى بالرعاية.
وأشار سفير الهند إلى أن حجم التجارة الثنائية زاد بسرعة كبيرة في العام المالي 2021-2022 ليصل إلى 7.26 ملياردولار، بزيادة قدرها 75٪ مقارنةً بالعام المالي السابق، موضحا أن صادرات الهند إلى مصر بلغت 3.74 مليار دولارفي العام المالي 2021-2022، مسجلة زيادة قدرها 86٪ مقارنة بنفس الفترة خلال العام السابق.
وقال أنه ووفقًا للبيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر، فقد جاءت الهند في المرتبة السادسة على قائمة أهم الشركاء التجاريين لمصر خلال العام المالي 2021-2022.
وأوضح السفير جوبتيه أن التجارة الثنائية بلغت في العام المالي 2022-2023 – وفقاً للبيانات الصادرة عن وزارة التجارة- 6.06 ملياردولار، منها صادرات من الهند إلى مصر بقيمة 4.11 مليار دولار، وصادرات مصرية إلى الهند بقيمة 1.95 مليار دولار.
وأضاف أن قائمة أهم واردات الهند من مصر تتضمن الزيت المعدني، البترول، والأسمدة، والمواد الكيميائية غير العضوية، والقطن، في حين تتمثل السلع الرئيسية التي تصدرها الهند إلى مصر في اللحوم البقرية، والحديد والصلب، والمنتجات الهندسية، والمركبات الخفيفة وغزول القطن.
وفيما يتعلق بالاستثمارات.. قال سفير الهند بالقاهرة أن حوالي 50 شركة هندية لديها استثمارات في مجالات متعددة في مصر، بإجمالي استثمارات تتجاوز 3.3 مليار دولار.
وأشار إلى أن قائمة الشركات الهندية الرئيسية المستثمرة في مصر تضم كل من شركة تس.سي.آي. سانمار (أكبر استثمار هندي بقيمة 1.5 مليار دولار)، وشركة الأسكندرية لأسود الكربون، وشركة كيرلوسكار وشركة دابر الهندية وشركة فليكس بي.فيلمز وشركة سكيب للدهانات وشركة جودريج وشركة ماهيندرا وشركة مونجيني.
وأعلن ان مصر استقبلت استثمارات هندية بقيمة 170 مليون دولار خلال فترة الستة أشهرالماضية.
وأشار سفير الهند بالقاهرة إلى أنه قد تم إرساء آليات ثنائية من أجل تسهيل حركة التجارة ودعم العلاقات الاقتصادية بين الهند ومصر، موضحا أن السفارة الهندية بالقاهرة تقوم بتنظيم منتديات وفعاليات مختلفة لتعزيز التعاون التجارة بين البلدين من بينها لقاءات بين رجال الأعمال في مجالات الزراعة و الأغذية المصنعة والبن، كما تشارك أجهزة الترويج للصادرات الهندية والشركات الهندية في مختلف المعارض التجارية في مصر.
وذكر أن حوالي 110 شركات هندية شاركت في ثلاثة معارض تجارية أقيمت في مصر مؤخرا، مشيرا إلى أن الجهود التي تقوم بها لجنة التجارة المشتركة بين البلدين والتي عقدت آخر اجتماعاتها في يوليو 2022، فضلا عن مجلس الأعمال الهندي-المصري المشترك.
وعن رؤية الهند – باعتبارها من الأعضاء المؤسسين لـ “بريكس”- للدعوة التي وجهت لمصر للانضمام إلى عضوية التجمع اعتبارا من يناير المقبل، قال السفير جوبتيه – لوكالة أنباء الشرق الأوسط – أن الهند كانت دائما وأبدا صوتا رائدا ينادي بإدخال إصلاحات في الهيئات متعددة الأطراف بالإضافة إلى كونها صوتا للجنوب العالمي، “وبالتالي نرحب ببشدة بالدعوة الموجهة لمصر للانضمام إلى تجمع البريكس كعضو.
وأشار السفير إلى ما أكد عليه رئيس وزراء الهند في كلمته أمام تجمع لبريكس” عن دعم بلاده بشدة توسيع العضوية.. مضيفاً أن توسيع العضوية سيجعل تجمع البريكس أقوى وأكثر فعالية.
وقال إن رئيس الوزراء الهندي أشار إلى أن قرار توسيع عضوية التجمع سوف يعزز من إيمان الكثير من الدول بأهمية وجود عالم متعدد القطبية، كما أعرب رئيس الوزراء مودي عن أمله في أن يشهد تجمع البريكس المزيد من الزخم مع انضمام الأعضاء الجدد.
وذكر السفير جوبتيه أنه وفيما يتعلق بالدول التي تم قبولها، فقد أشار مودي إلى أن الهند لديها علاقات تاريخية ومتجذرة مع كافة هذه الدول.
وأكد السفير الهندي أنه يتفق مع رأي رجال أعمال مصريين عن أن انضمام مصر إلى تجمع البريكس سوف يسهل ويعزز حركة التجارة والاستثمار والحصول على السلع الاستراتيجية.