تحقيقات وتقارير

اليوم الدولي للإزالة الكاملة للأسلحة النووية .. الواقع يتحدى الحلم

العالم يحتوي على ما يقرب من 12512 سلاحا نوويا .. حسب إحصائية نقلتها الأمم المتحدة عن معهد سيبري الدولي

رغم كل الجهود المبذولة دوليا من قرارات واتفاقيات ومعاهدات عبر وكالات الأمم المتحدة المختلفة في حث الدول الكبرى على التخلي عن الأسلحة النووية، فإن العالم لا يزال يحتوي على ما يقرب من 12512 سلاحا نوويا، حسب إحصائية نقلتها الأمم المتحدة عن معهد سيبري الدولي المتخصص بالسلاح لعام 2022.

وتحتفل الجمعية العامة باليوم الدولي للإزالة الكاملة للأسلحة النووية في 26 سبتمبر من كل عام، بما يشكله من فرصة لتذكير المجتمع العالمي بضرورة الالتزام بنزع السلاح النووي العالمي باعتباره أولوية، كما أنه يتيح فرصة للمجتمعات البشرية وقادة الأنظمة والدول بشأن الفوائد الحقيقية للتخلص من مثل هذه الأسلحة، وحجم التكاليف الاجتماعية والاقتصادية لإدامتها، غير أن أعداد الأسلحة الموجودة في العالم، ، يعني أن الواقع يتحدى الحلم.

وفي رسالة بمناسبة اليوم الدولي للإزالة الكاملة للأسلحة النووية، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: إن “اليوم الدولي العاشر للإزالة الكاملة للأسلحة النووية يأتي في لحظة عصيبة”، وأضاف غوتيريش أن “نزع السلاح النووي وعدم الانتشار وجهان لعملة واحدة، وإحراز تقدم في أحدهما يحفز إحراز تقدم في الآخر، ويجب على الدول السعي إلى تحقيقهما على وجه السرعة”.

وعام 1945، أسقطت الولايات المتحدة قنبلة ذرية فوق مدينة هيروشيما في اليابان، لقي بسببها نحو 70 ألف شخص حتفهم خلال 9 ثوان، كما أسقطت الولايات المتحدة قنبلة ذرية ثانية على مدينة ناغازاكي الصناعية بعد 3 أيام من التفجير الذي وقع في هيروشيما، وأسفر عن مقتل 35000 شخص على الفور، ودمرت جراء ذلك جميع النباتات والحيوانات إلى جانب البنية التحتية والحياة البشرية في منطقة تأثير التفجير.

وشكل موضوع نزع السلاح النووي العالمي أحد أقدم أهداف الأمم المتحدة، وكان القرار الأول للجمعية العامة في عام 1946، والذي أنشأت بموجبه لجنة الطاقة الذرية (التي تم حلها لاحقا في عام 1952)، مع تفويضها بتقديم مقترحات محددة للسيطرة على الطاقة النووية والقضاء على الأسلحة الذرية، وجميع الأسلحة الرئيسية الأخرى القابلة للتكيف إلى الدمار الشامل.

وخلال عقود خلت جعلت الأمم المتحدة في طليعة أهدافها الدبلوماسية الرئيسية إقناع تلك الدول بالتخلي عن تلك الأسلحة المدمرة، فأقرت في عام 1959 هدف نزع السلاح العام الكامل، ثم تبعها في عام 1978 إقرار الهدف ذي الأولوية في جهود الأمم المتحدة وهو نزع السلاح النووي.

وقد اعتمدت العديد من المعاهدات متعددة الأطراف لمنع الانتشار والاختبار النوويين، مع تعزيز التقدم في نزع السلاح النووي، ومنها “معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT)، ومعاهدة حظر تجارب الأسلحة النووية في الغلاف الجوي وفي الفضاء الخارجي وتحت سطح الماء، المعروفة باسم معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية (CTBT)، ووقع عليها في 1996 لكنها لم تدخل حيز التنفيذ بعد، ومعاهدة حظر الأسلحة النووية (TPNW)”.

وقد أبرمت معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، التي تدعو الدول للانضمام لها والتوقيع عليها بموجب قرار الجمعية العامة في 12 يونيو 1968، وكان من اللافت أن مادتها الأولى تنص على أن “تتعهد كل دولة من الدول الحائزة للأسلحة النووية تكون طرفا في هذه المعاهدة بعدم نقلها إلى أي مكان، لا مباشرة ولا بصورة غير مباشرة، أية أسلحة نووية أو أجهزة متفجرة نووية أخرى، أو أية سيطرة على مثل تلك الأسلحة أو الأجهزة، وبعدم القيام إطلاقا بمساعدة أو تشجيع أو حفز أية دولة من الدول غير الحائزة للأسلحة النووية على صنع أية أسلحة نووية أو أجهزة متفجرة نووية أخرى أو اقتنائها أو اكتساب السيطرة عليها بأية طريقة أخرى”.

ولا يبدو أن الدول الكبرى رغم كل تلك المحاذير تبالي فعلا بالجهود العالمية في هذا الإطار؛ إذ إنها تضع في ميزانيتها الوطنية ضمن جهود الأمن القومي تمويلا كبيرا لها، وتعزيز تلك الترسانة من الأسلحة تحت ذريعة الردع النووي ومنع الاعتداء عليها كعنصر في السياسات الأمنية، بل وتجاوز الأمر في السنوات الأخيرة لسعي كثير من الدول لاقتناء الأسلحة النووية أو برنامج نووي تحت لافتات عدة من بينها الحصول على الطاقة.

وكانت الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق قد شكلت انعطافة ضمن سياق السعي لخفض كبير في الأسلحة النووية التي نشرت، لكن التقارير الدولية تقول إن الخفض شمل عدم التصنيع ولم يشمل التدمير الفعلي لما هو موجود من تلك الأسلحة النووية، كما أنه لا تجرى أي مفاوضات متعلقة بنزع السلاح النووي.

ومثل انسحاب الولايات المتحدة في 2 أغسطس 2019، من اتفاقية معاهدة الأسلحة النووية المتوسطة المدى، نكسة للجهود الدولية التي التزمت من خلالها الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الروسي بالقضاء على فئة كاملة من الصواريخ النووية، وكذلك إعلان روسيا في 21 فبراير 2023 أنه سيعلق مشاركته في المعاهدة المبرمة بشأن التدابير الرامية إلى زيادة تخفيض الأسلحة الهجومية الاستراتيجية والحد منها المعروفة باسم (معاهدة ستارت الجديدة).

وتعتبر الأسلحة النووية أخطر الأسلحة على وجه الأرض؛ إذ يمكنها تدمير مدن بأكملها، وقتل الملايين وتعريض البيئة الطبيعية وحياة الأجيال القادمة للخطر من خلال آثارها الكارثية طويلة المدى، ورغم أن الأسلحة النووية لم تستخدم إلا مرتين في الحرب، تفيد التقارير أنه تم إجراء أكثر من 2000 تجربة نووية حتى الآن.

وتتشارك الأسلحة النووية مع الأسلحة البيولوجية والكيماوية في إلحاق أضرار كبيرة بالبشر والحيوانات والنباتات والمياه والبيئة بشكل رئيسي، وقد ظهر للعيان مدى التدمير الذي أحدثه استخدامها في بعض الحروب منذ الحربين العالميتين الأولى والثانية، مرورا بالعشرات من النزاعات الدولية في القرن الماضي وحتى زماننا الحاضر.

وتشارك 6 وكالات وإدارات تابعة للأمم المتحدة في مساعدة البلدان التي تنشب فيها التوترات والنزاعات، بشأن الموارد الطبيعية، لمنع تفاقمها، وتحويلها إلى برامج منع الصراعات وبناء السلام؛ إذ يؤدي استخدام أسلحة غير تقليدية ومحرمة دوليا إلى تلويث الطبيعة بشكل جسيم قد يمتد لسنوات، فضلا عن تدمير الإنسان والبنية التحتية، حيث تترسب بعضها في التربة أو في أعماق الأنهار والبحار، وهو ما يهدد سلامة البيئة والإنسان والكائنات البرية والبحرية.

Follow us on Google News Button

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى