رياضةعام

الأبيض الجسور .. خطف السوبر الإفريقي من الأهلي المغرور

إفريقيا لها أسياد .. الزمالك يستعيد الأمجاد

لا شيء يطفىء الشمس .. عودة الزمالك «المنسي»

في الليلة الظلماء يُفتقد البدر، وقد يعود .. هذا ما حدث

لم يتوقع أكثر المتفائلين من الزملكاوية هذا السيناريو، وإن توقعوه فقد كان رجاؤهم «بدعاء الوالدين» ليس إلا .. لم يتوقعوه بأداء ولا بتفوق فني .. أقصى أمانيهم كانت في كرة طائشة تأتي بعد دفاع مستميت من الأبيض فتمنح الزمالك لقباً يروي ظمأه الذي طال، ويعيده لدرب الأبطال.

ولم يتوقع أكثر المتشائمين من الأهلاوية أن ينتهي الأمر بهذه الصورة وبأداء فاشل من فريقهم بعد غرور كان واضحاً من قبل المباراة،  هو بالمناسبة غرور امتد من اللاعبين إلى الجماهير نفسها التي تلوم بعد النتيجة على اللاعبين غرورهم، ونسيت أنها من تصنع الغرور أولاً ثم تنثره في الملعب، فتكون تلك هي النتيجة.

لم يتوقع الأهلاوية أن يظهر كولر سيئاً بهذا القدر، ولم يتوقع الزملكاوية أن يكون جوميز جيداً بهذا القدر، لا سيما في التغييرات التي كانت أحد أهم عيوب جوميز، وأكبر مميزات كولر، لكن ماذا تقول «ربك لما يريد .. مفيش شيء بعيد»، فقد عاد الزمالك «المنسي» بإبداع ناصر منسي.

فاز الزمالك بالسوبر الإفريقي الهام والفارق، والذي شبهه الأهلاوية قبل المباراة بنهائي القرن الذي انتهى «بالقاضية ممكن»، ومن حق الزملكاوية بعد السوبر أن يخترعوا «قاضية» أيضاً، بل إن قاضية الزمالك ربما أنكى، فلم تكن بعد عرض هزيل من كرة طائشة، ولكنها بأداء رجولي وتفوق شهد به الأهلاوية قبل الزملكاوية.

فوز الزمالك في السوبر الإفريقي ليس هيناً ولا يمكن حصر آثاره في هذه المباراة، لكنه قطعاً سيمتد بعدها .. سيمتد إلى الدوري، ويمتد إلى إفريقيا التي لم تنس أمجاد الزمالك .. أمجاد صنعها في القرن الماضي وظن الجميع أنها باتت من الماضي، لكن الزمالك كالأسود، يمرض ولا يموت.

الأهلي ليس هيناً بالطبع .. هو ملك إفريقيا حالياً وفارسها المغوار، ومن هنا تأتي أهمية اللقب الأبيض وتتفسر الفرحة الطاغية بانتصار لم يكن على الأهلي وحده، ولكن على صورة ذهنية ترافق «الأبيض» وتكبله، فيبدو كثيراً كأنه يلعب وهو يجر أثقالاً في قدميه، وحتى وإن لعب «عال العال» فالناس تتوقع في النهاية «سوء الحال» .. الزمالك كان بحاجة إلى بطولة بهذا القدر، لتقول له إنه يستطيع .. لتخبره أن جينات البطل لم تمت وأن بإمكانه أن ينافس وأن يفوز وأن يستعيد الأمجاد ويصنع الأعياد.

في القسم الرياضي بجريدة «المساء»، يوم كانت هناك كتابة رياضية وكانت «المساء» كان سمير عبدالعظيم (من كبار الأهلاوية) -أطال الله في عمره- رئيس القسم الرياضي وقتها، يضع شعاراً لكتابة المباريات «الويل للمهزوم»، فحين يطلق الحكم صافرة النهاية، يكون كل المجد للفائز وكل الويل للخاسر، وحاولت جاهداً أن أعرف مدلول هذه العبارة، لكنني اكتفيت، بأن من فاز يستحق .. يستحق الفرحة ويستحق الضوء.

الأفراح لا تتحقق بما تنتهي به المواجهات وإنما بما سبقها وبقدر الشحن والحشد قبل المباراة، يكون فوز أحد الطرفين قبلها، وقد كان الزمالك الطرف «المسكين» الذي عليه أن يستكين .. يواجه مصيره المعروف في كل بطولة .. مصير اعتادته جماهيره التي باتت «موعودة معاه بالعذاب»، وبرغم ذلك لا تكف عن الهتاف «سنظل أوفياء» في حالة عجيبة وغريبة للوفاء من جماهير لفريقها، وهي بالمناسبة حالة لن تراها ولن تحدها بهذا القدر إلا مع جماهير الزمالك .. المدهش أنها تزيد .. المدهش أنها حالة تتوارثها الأجيال، رغم الحسرات ورغم الخيبات ورغم قلة الانتصارات، لتأتي بطولة كتلك، فتصبح بكل البطولات.

فاز الزمالك بالسوبر الإفريقي لأنه استحق .. لأنه كافح وثابر وأراد، وخسر الأهلي لأنه منذ فترة اعتاد أن كل البطولات لن تخلف موعدها معه .. خسر لأن لاعبيه أصابهم الغرور وكولر أصابه الغرور .. خسر لأنه ذهب إلى هناك ليحضر الكأس لا ليلعب .. خسر لأنه ظن أن الزمالك «مات» وكذلك ظن الجمهور، لكن أحياناً تتبدل الأمور .. حين تظلم جداً توقع النور.

تحليل – نبيل فكري:

Follow us on Google News Button

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى