عاممقالات

انقذوا طلابنا من الضياع .. قبل فوات الأوان

بعد أن هجر الطلاب المدارس وأصبحت الشوارع ومراكز الدروس الخصوصية هى الملجأ والمأوى، لا يستغرق الأمر منك سوى الوقوف فى بلكونة شقتك أو النزول إلى الشارع لترى وتسمع وتشاهد ما لا يتخيله عقلك من أفعال وألفاظ ومعارك بأسلحة بيضاء، وسلوكيات مشينة.

لا يمكن أن يتخيل عقلك مسبقاً أنه سيأتى عليك يوم لتشاهد كل هذه السلوكيات البغيضة تخرج من طلاب علم تابعين لوزارة تسمى وزارة التربية والتعليم.

ورغم أن هذا المسمى يقدم التربية على التعليم وكان دوره فى الأساس قديما التربية قبل التعليم، إلا أنه للأسف أصبح الأن مجرد مسمى خاوياً لا يعبر عن واقع مؤلم يعيشه طلاب المدارس ونعيشه معهم من خلال ما نشاهده ونسمعه منهم، إضافة إلى جلوسهم فى المقاهى يتناولون الشيشة وهم فى هذه السن الصغيرة.

وما يحزنك أكثر أن الأمر لم يعد يقتصر على الطلاب فقط ولكن للأسف تفعله الطالبات أيضا دون حياء أو خجل فتجدهن يتسكعن في الشوارع ويتحدثن ويغنين بصوت عال ويقمن حفلات الفوتوسيشن والتصوير بحركات غريبة دون أي اعتبار أو خجل من المارة فى الشوارع.

والسؤال الذى يطرح نفسه ويحتاج إلى مصارحة مع النفس: هل هؤلاء التلاميذ والطلاب جناة أم مجنى عليهم؟ وعلى من تقع مسؤلية وصولهم لهذه السلوكيات البغيضة، الأسرة أم المدرسة أم الإعلام أم الفن الهابط أم المجتمع المحيط؟.

وفى رأيى أن هؤلاء الطلاب والذين سيكونون شباب المستقبل وعماد هذا الوطن ضحية للجميع، ضحية لأسرة تصارع الحياة فى ظل ظروف إقتصادية غاية فى الصعوبة لتوفير أساسيات الحياة والمعيشة والدروس الخصوصية فالأب يعمل أكثر من عمل ويعود للمنزل متأخرا والأم إضطرت هى الأخرى للخروج للعمل، وبالتالي تقلص أو انعدم دور الأسرة فى التربية والإرشاد والمتابعة للسلوكيات ومواعيد الدخول والخروج للمنزل.

وكذلك المدرسة التى سمحت للطلاب بهجرها فتخلت عن دورها الهام فى التربية والتوجيه ونشر السلوك القويم وغرس القيم في نفوس الطلاب منذ طفولتهم، وهو ما كان يحدث قديما عندما كان للمدرسة والمدرس كيان وقيمة فى النفوس.

ثم يأتى أخطر العوامل ثاثيراً فى سلوكيات تلاميذ وطلاب المدارس ألا وهو الإعلام والسوشيال ميديا والذين يقدمون جرعات يومية من الإسفاف والخلاعة والسلوك غير السوى، وتصدر المشهد الإعلامى شخصيات عديمة القيمة والفكر وتقديم برامج هابطه تناقش موضوعات ساذجه بعيدة كل البعد عن تقديم النماذج المشرفة صاحبة العلم والفكر والتي يمكن أن تكون قدوة يُحتذى بها، وتم رسم صورة ذهنية بأن أهل الفن وأهل الكرة هم النجوم والقدوة وهم من يجب متابعة أخبارهم وتفاصيل حياتهم.

ثم يأتى الفن الهابط كعامل أخر من عوامل تشكيل شخصية وسلوك تلاميذ وطلاب المدارس، فأصبح محمد رمضان ومن على شاكلته وما يقدموه من بلطجة وإسفاف قدوة، و«الشاطر» من يستطيع تقليدهم فى الكلام واللبس وقصة الشعر، وعندما يصبح حمو بيكا و شاكوش وعمر كمال ومن على شاكلتهم بأغانيهم الهابطه وكلماتها المسفة هم القدوة ويحفظون ويرددون أغانيهم ويتمنون أن يكونوا مثلهم بعد أن شاهدوهم يمتلكون الفلل وأفخم السيارات فماذا تنتظر منهم.

الأمر خطير جداً وينذر بكوارث مجتمعية قادمة تهدد كيان هذا المجتمع، وخلق أجيال قادمة مجهولة الهوية والقيم والأخلاق والمبادئ، وذلك يحتاج من الجميع التكاتف و أن يكون الجميع على قدر المسؤلية، فالأسرة لابد أن تُعيد صياغة علاقاتها وقربها من أبنائها ومتابعتهم مهما كانت المصاعب المادية، والمدرسة يجب أن تُعيد الطلاب إليها وتعود لدورها التربوى قبل التعليمى، والإعلام يجب أن يصحو من غفوته وكبوته ومساره الخاطئ ليقدم كل ما هو مفيد ويساهم فى تشكيل الوعي، ويقدم القدوة والنماذج المشرفة الناجحة.

إننا هنا ندق ناقوص الخطر قبل فوات الأوان، وساعتها لن يجدى البكاء على اللبن المسكوب، هذا إذا وجدناً شيئاً نسكبه من الأساس.

Follow us on Google News Button

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى