عاممقالات

الدكتور محمد فاروق .. يكتب: من الألف إلى الياء .. في مواجهة الغلاء (5)

تحدثنا على مدار أربع حلقات عن «سلاسل الإمداد»، وكيف بالإمكان أن تكون سبيلاً للخروج بنا من أزمة الغلاء غير المبرر للسلع، بتأسيس شركة وطنية، يساهم فيها الناس أنفسهم، تختصر تلك الحلقات المفرطة بين إنتاج السلعة أو استيرادها وبين يد المواطن، وتحدثنا عن فوائد كثيرة لهذه الفكرة النابعة من معايشة حقيقية لفكرة مشابهة في «هيئة الشراء الموحد»، والتي وفرت الكثير في أسعار الأجهزة والمستلزمات الطبية.

المهم الآن، أن كل ذلك، قد لا يكون له معنى، ما لم يكن لديك أنت شخصياً استعداد لأن توفر، وما لم تبادر بنفسك باتخاذ قرارات قد تبدو صعبة لكنها ضرورية من أجل أن تتمكن من مواصلة الرحلة، وسط هذا السيل من الطلبات، والشح في الدخل.

أولاً، على الدولة نفسها الإسراع في الانتهاء من وضع الإستراتيجية الجديدة للصناعة المصرية من حيث الأهداف والصناعات المستهدف تطويرها وتنميتها، لأننا طالما نستورد بهذا الشكل العبثي، سنظل في تلك الدائرة الجهنمية ولن نخرج منها أبداً.

أيضاً، لابد من تفعيل مبدأ الرقابة الشعبية مع الأجهزة الرقابية الحكومية بغرض متابعة ورقابة الأسواق عبر وجود قائمة استرشادية موضح بها متوسط الأسعار الرئيسية للسلع والمنتجات الأساسية التي تهم المواطن يوميا وتحدث أسبوعيا، وفقا للمتغيرات في الأسعار.

بقي الآن، أن تدير نفسك بنجاح، فمع ارتفاع الأسعار إلى مستويات لم تشهدها البشرية منذ أكثر من 40 عاما، يجد الكثيرون صعوبة في إدارة الزيادة في تكاليف المعيشة، وهذا لا يقتصر علينا فقط، فقد وجدت دراسة حديثة أجرتها شركة إبسوس أن التضخم هو مصدر القلق الأول في كل دول العالم.

وقد شهدت المنطقة العربية في عام 2023 معدلا مرتفعا بلغ 9.3% حسب تقرير صادر عن صندوق النقد العربي، متأثرا بعوامل مختلفة مثل التراجع في أسعار صرف العملات لعدد من الدول العربية، وتقلبات أسعار الطاقة والمواد الغذائية.

والآن، أقدم لك ست طرق، جمعتها من قراءآتي لاقتصاديين ومختصين، قد تمكنك من التعامل مع التضخم وارتفاع الأسعار، والتقليل من آثارهما على معيشتك وحياة أسرتك.

** أولاً .. تعديل الميزانية: بمعنى أنه إذا تجاوزت التدفقات النقدية الشهرية الخارجة التدفقات الواردة، قم بتقسيم ميزانيتك إلى الفئات الرئيسية للأموال الواردة والنفقات الصادرة، وستلاحظ سريعا ما إذا ما كان هناك «تسرب» يحتاج إلى التصحيح .. راجعها بشكل مستمر مع تغير الظروف، ولا تنس أيضا تخصيص صندوق خاص للطوارئ لتغطية التكاليف غير المتوقعة، مثل مرض مفاجئ لأحد أفراد العائلة، أو عطل في السيارة، أو أي نوع من الضرورات الحياتية.

** ثانياً .. تنويع مصادر الدخل: بالعمل على زيادة الدخل، من خلال تنويع دخلك ليشمل عملا جانبيا، ويحتاج ذلك إلى أن تراجع مهاراتك وممتلكاتك من جديد، ربما تكتشف القدرة على القيام بعمل ما أو استثمار مكان ما .. موهبة معينة تستثمرها أو محل مغلق تؤجره أو حتى غرفة في المنزل تؤجرها لطالب في الجامعة التي بجوارك، وهكذا.

** ثالثاً .. الاستثمار الذكي: في الوقت الذي تنخفض فيه القوة الشرائية لأموالك أثناء التضخم، لا تزال هناك فرصة لتنمية أموالك، مثلاً بالاستثمار في الأصول التي يمكن أن تتجاوز معدل التضخم، مثل العقارات أو المعادن الثمينة كالذهب، وهي إستراتيجية ذكية للحفاظ على الثروة وتنميتها.

** رابعاً .. قلل من استخدامك للطاقة: الطاقة ترتبط ارتباطا وثيقا بالتضخم، لذا قم بمراجعة طريقة استهلاكك للطاقة في منزلك وسيارتك. استخدم المصابيح الموفرة للطاقة، وافصل الأجهزة الإلكترونية عندما لا تستخدمها، وحافظ على منظم الحرارة في المكيف عند درجة حرارة معقولة، وانفخ إطارات سيارتك لتحقيق أقصى قدر من الكفاءة في استهلاك الوقود .. وهكذا.

** خامساً .. تسوق بحكمة: يمكن للنفقات التي تبدو صغيرة أن تتراكم بسرعة، فإذا كانت لديك اشتراكات على سبيل المثال في العديد من قنوات البث التلفزيونية، ففكر فيما إذا كان بإمكانك الاحتفاظ بعدد قليل، وإذا كنت تستمتع بشرب القهوة في المقهى، حاول تحضيرها في المنزل، أو استبدال عضوية الصالة الرياضية الباهظة الثمن بالتدريبات المنزلية كما يمكنك الابتعاد عن الماركات الشهيرة عند تسوقك منالسوبر ماركتبأخرى أقل تكلفة بكثير.

أيضا، إذا كنت بحاجة إلى التسوق لشراء أدوات منزلية أو ملابس، فابحث عن، ويمكن أيضاً شراء سلع مستعملة عالية الجودة، وبحالة جيدة قبل شراء الأدوات غالية الثمن.

** سادساً .. استخدم بطاقة ائتمان ذات الاسترداد: طبعا ليس الجميع لديهم بطاقات إئتمان، لكن هناك العديد من بطاقات الائتمان التي تقدم عروضا وتخفيضات حقيقية لدى استخدامها في الشراء، وهذه قد تساعدك على توفير المال الإضافي.

أرجو أن أكون حققت إضافة وقدمت حلولاً تبدو عملية، فقد كان دافعي من بداية كتابة هذه الحلقات أنتم، ففي النهاية كلنا في مركب هذا الوطن، والمعاناة التي تشعرون بها طالت الجميع، ولم يعد أحد بمنأى عنه، لا المهندس ولا الطبيب ولا الصحفي، فقد ولى زمن الطبقة المتوطة ذاتها.

وكل ما قدمته من نصائح قرأت عنها أو جمعتها لكم، كان دافعي أن أساعد وأن أضيء مصباحاً في «عتمة» هذه الظروف، وفي الآخر عليك بالتوكل على الله فهو مفتاح كل خير، والرضا بما لديك فهو مفتاح السعادة و«استعن بالله ولا تعجز».

Follow us on Google News Button

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى