بالرغم من الاقتصاد القوي ووعود الرئيس الأمريكي المنتخب
وول ستريت جورنال : قلق من احتمال عودة تضخم .. أكثر تعقيدا
ذكرت صحيفة ” وول ستريت جورنال” الأمريكية أنه في ظل الاقتصاد القوي والرئيس الامريكي المنتخب الذي يعد بخفض الضرائب والرسوم الجمركية، يشعر المستثمرون وخبراء الاقتصاد بالقلق من احتمال عودة تضخم أكثر تعقيدا من المعتاد يجعل من الصعب على السلع الأساسية التقليدية توفير حماية موثوقة ضده.
وأضافت ” وول ستريت جورنال”، في تقرير لها، أن المخاطر التي تشعل التضخم معلومة، وهي تتمثل في صدمات العرض وارتفاع الطلب، وتحدث صدمة العرض بتهديد إمدادات الطاقة، ويحدث ارتفاع الطلب عند حدوث تخفيضات في الضرائب في اقتصاد تنخفض فيه نسبة البطالة ويترتب على ذلك ارتفاع الأسعار.
إلا أن الصحيفة أشارت إلى أن هناك عوامل أخرى قد تؤدي إلى زيادة التضخم، لكنها لا تتبع الأنماط التقليدية المعروفة لهذه الزيادة ، مثل صدمات العرض أو ارتفاع الطلب، وهي الرسوم الجمركية وترحيل المهاجرين واللتان تعهد بالقيام بهما الرئيس المنتخب دونالد ترامب، حيث من شأنهما الإضرار بالاقتصاد، علاوة على رفع الأسعار.
وقد ظهرت المشكلة بالفعل في تحركات الأسعار منذ الانتخابات، فقد سجل مقياس السوق للتضخم المتوقع على مدى السنوات الخمس المقبلة، المعروف باسم نقطة التعادل، أكبر قفزة له في أكثر من عام بعد النتيجة، بعد أن ارتفع بالفعل مع مراهنة المتداولين على فوز دونالد ترامب. ونقطة التعادل هي مقياس يعكس الفرق بين العوائد على السندات العادية وسندات الخزانة المحمية من التضخم، ويساعد المستثمرين على فهم توقعات السوق حول التضخم في المستقبل، وذلك وفقا للصحيفة الأمريكية.
ونوهت الصحيفة بأن إحدى الطرق التقليدية التي يستخدمها الناس للحماية من التضخم هي الاستثمار في السلع الأساسية، مثل النفط والذهب والنحاس إلا أنها في هذه الحالة لن توفر نفس الحماية كما كانت تفعل في الماضي.
وأردفت أنه رغم أن النفط لا يزال يمكن أن يحمي ضد التضخم الناتج عن ارتفاع الأسعار بسبب صدمات العرض، فإن حدوث هذا النوع من الارتفاعات في الأسعار أصبح أقل احتمالا اليوم، مقارنة بالماضي، أي أن احتمال حدوث صدمات شديدة في الإمدادات لم يعد كما كان في السابق.. فقد تم تخفيف الصدمات التي تتعرض لها إمدادات النفط العالمية من خلال المخزونات الضخمة والقدرة الإنتاجية الزائدة.
وتابعت الصحيفة أنه من المفترض أن يؤدي النمو الأقوى أيضا إلى رفع معدلات التضخم. وعادة ما يشكل النفط والنحاس وسيلة جيدة للحماية من التضخم الناجم عن النمو مع ارتفاع الطلب على كليهما، إلا أنها أشارت إلى أن الانفصال بين الاقتصادين الأمريكي والصيني بسبب التعريفات الجمركية قد يعيق هذا التأثير بالنسبة للولايات المتحدة. والصين هي المصدر الأكبر للطلب على المواد الخام.
كما أضافت أن الرسوم الجمركية قد تؤثر سلبا على أسعار النفط والمعادن الصناعية، لأنها تؤدي إلى تباطؤ في الاقتصاد العالمي، مما يقلل من الطلب على هذه السلع. وقد يواجه الذهب أيضا صعوبات مع دفع الرسوم الجمركية للدولار إلى الارتفاع، مما يميل إلى إضعاف سعر الذهب وتقليل احتمالات خفض أسعار الفائدة.
وأشارت إلى أنه إذا نجحت الإدارة الأمريكية في تقليص أعداد المهاجرين غير الشرعيين، فإن الأجور قد ترتفع للعمال ذوي الأجور المنخفضة، بسبب المنافسة بين الشركات لاستبدال العمال الذين غادروا، وهذا سيؤدي إلى زيادة الإنفاق وكثرة الطلب على السلع، مما يدفع أسعار السلع إلى الارتفاع.
وأوضحت أن التعريفات الجمركية لها تأثيرات دقيقة على التضخم، ويتمثل التأثير المباشر في رفع الأسعار تماما، مثل ضريبة المبيعات، فضلا عن دفع الدولار إلى الارتفاع. وفي الأمد الأبعد، من المتوقع أن تؤدي التعريفات الجمركية إلى إبطاء الاقتصاد مرة أخرى، مثل زيادة الضرائب وهو ما من شأنه أن يقلل من الضغوط التضخمية.
وذهبت ” وول ستريت جورنال” إلى أن التأثيرات المختلطة من السياسات الاقتصادية، مثل الرسوم الجمركية أو السياسات الأخرى، تؤدي إلى توقعات أعلى للتضخم على المدى القريب، ولكن توقعات التضخم على المدى البعيد (بعد خمس سنوات) لا تتغير كثيرا.
وفي صعيد متصل، أظهرت استطلاعات صحفية أن الأمريكيين يرون أن التضخم هو القضية الرئيسية التي ينبغي للرئيس المنتخب دونالد ترامب معالجتها خلال أول 100 يوم من ولايته.
واختار نحو 35 بالمئة من المشاركين في الاستطلاع التضخم باعتباره القضية التي ينبغي لترامب أن يركز عليها في مقابل 30 بالمئة للهجرة، و27 بالمئة للوظائف والاقتصاد العام.
وقال 23 بالمئة آخرون إن ترامب، الذي سيؤدي اليمين الدستورية في 20 يناير المقبل، يجب أن يركز على توحيد البلاد.