عام

فخار الغروري يئن.. نار الحطب تلتهم رزق العمال والغاز ما زال حلمًا

في قلب قرية الغروري التابعة لمركز طامية بمحافظة الفيوم، تُكافح ورشة الفخار العتيقة للبقاء وسط أزمات متراكمة، أبرزها غياب الغاز الطبيعي، وارتفاع أسعار الحطب، ما جعل العمال يرفعون نداء استغاثة للمسؤولين، وعلى رأسهم الدكتور أحمد الأنصاري، محافظ الفيوم، لإنقاذ ما تبقّى من إرثٍ حيّ، يتعرض حاليًا لخطر الانقراض.

ورشة تصنع التاريخ.. لكن تحترق في صمت

ورشة فخار الغروري ليست مجرد مبنى بسيط يعمل به عدد من الحرفيين، بل هي معمل صغير يحمل بين جدرانه ذاكرة أجيال، وقطعًا فنية لا تخرج إلا من بين أيدي عمالها المتقنين. الزير، الجرة، القُلّة.. كلها تُصنع هنا، يدويًا، بنفس الأدوات التي عرفها الأجداد.

لكن وسط تلك الأيادي الماهرة، يزداد القلق يومًا بعد يوم، فغياب الغاز الطبيعي عن الورشة يفرض على العمال استخدام الحطب كمصدر وحيد للنار، والذي أصبح سعره يفوق طاقتهم.

“بنصرف أكتر من اللي بنكسبه”

جمعة علي، أحد العمال، يتحدث بحسرة: “كل يوم بنشتري خشب بأسعار مولعة، وبنحاول نكمل الشغل عشان نأكل عيالنا. لكن الحقيقة؟ إحنا بندفع من جيوبنا. الفخار مش بيكسب زي زمان، والحطب بيزود الخسارة.”

أما عماد القراديشي، وهو من أقدم الحرفيين بالورشة، فيشير إلى مشكلة أخرى لا تقل خطورة: “الورشة مفيهاش سور، أي حد ممكن يدخل، ومفيش أي حماية. طالبنا كتير بالسور وبالغاز، بس كله وعود.”

تراث في خطر.. وأسر مهددة

لا تقف المشكلة عند حدود صعوبة العمل، بل تمتد إلى الخوف الحقيقي من توقف الورشة، وهو ما يعني ضياع مصدر رزق لعشرات الأسر، وضياع جزء أصيل من التراث الفيومي العريق.

ويخشى العاملون أن تتحول الورشة إلى ذكرى، خاصة مع تجاهل مطالبهم المتكررة، وعدم تدخل الجهات المسؤولة لوضع حلول عملية، تبدأ بتوصيل الغاز، وتمر بتأمين الموقع، وتنتهي بتقدير هذه الحرفة كقيمة ثقافية تستحق البقاء.

رسالة مفتوحة للمسؤولين

بكلمات بسيطة ولكنها صادقة، يناشد العمال محافظ الفيوم، ورئيس مركز طامية، بسرعة الاستجابة لمطالبهم، قبل أن تُغلق الورشة أبوابها للأبد، وتخسر المحافظة أحد كنوزها الحرفية التي لا تُعوّض.

Follow us on Google News Button

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى