اليوم.. افتتاح مقبرة الملك أمنحتب الثالث

تشهد منطقة وادي الملوك غرب محافظة الأقصر صباح اليوم السبت حدثًا تاريخيًا بافتتاح مقبرة الملك أمنحتب الثالث، وذلك لأول مرة منذ اكتشافها عام 1799، بعد انتهاء أعمال الترميم والصيانة التي استمرت ما يقرب من عشرين عامًا بدعم من منظمة اليونسكو والحكومة اليابانية.
افتتاح مقبرة الملك أمنحتب الثالث
ويأتي افتتاح المقبرة بعد ثلاث مراحل من العمل المتواصل داخلها منذ عام 2004 وحتى عام 2024، لتصبح جاهزة الآن لاستقبال الزوار والجمهور من مختلف أنحاء العالم، بحضور وزير السياحة والآثار شريف فتحي، والأمين العام للمجلس الأعلى للآثار الدكتور محمد إسماعيل، وعدد من قيادات وزارتي السياحة والآثار.
ويعد عهد الملك أمنحتب الثالث، المعروف بلقب “فرعون الشمس” ومعناه “آمون سعيد”، واحدًا من أعظم العصور الفنية في تاريخ مصر القديمة، وربما في تاريخ الفن العالمي بأسره.
فقد ورث الملك أمنحتب الثالث إمبراطورية عظيمة تتمتع بالثراء والقوة عن أسلافه من الملوك الفاتحين العظام، أمثال أحمس الأول وتحتمس الأول وتحتمس الثالث وأمنحتب الثاني وتحتمس الرابع.
وحكم أمنحتب الثالث، الذي اعتلى العرش بعد وفاة والده الملك تحتمس الرابع في سن الثانية عشرة تقريبًا، الدولة المصرية لمدة ثمانية وثلاثين عامًا، ليكون الملك التاسع من ملوك الأسرة الثامنة عشرة في عصر الدولة الحديثة، وقد شهد عهده رخاء وازدهارًا غير مسبوق على مستوى الإمبراطورية المصرية القديمة، مما جعله رمزًا لعظمة وحضارة مصر في تلك الفترة.
أمنحتب الثالث
من المقرر أن يشهد افتتاح مقبرة الملك أمنحتب الثالث حضور عدد من قيادات وزارة السياحة والآثار ومجموعة من الأثريين، ويُعد هذا الحدث إضافة مهمة لرصيد مصر الحضاري، ويؤكد استمرار الدولة في جهودها لحماية آثارها وإبراز قيمتها التاريخية والإنسانية.
يُعد أمنحتب الثالث أحد أعظم ملوك الأسرة الثامنة عشرة في مصر القديمة، وقد حكم في القرن الرابع عشر قبل الميلاد خلال فترة تُعد من أزهى عصور الدولة الحديثة. هو ابن الملك تحتمس الرابع والملكة موت إم وي، وزوجته الرئيسية الملكة تيي، التي لعبت دورًا محوريًا في الحياة السياسية والدينية، على الرغم من أنها لم تكن من الأسرة الملكية. أنجب منها عدة أبناء، من بينهم أخناتون الذي سيقود لاحقًا ثورة دينية كبرى.
امتد حكم أمنحتب الثالث لأكثر من خمسة وثلاثين عامًا، تميز خلالها بالسلام والاستقرار الداخلي والازدهار الاقتصادي والتجاري. لم يشن الملك حروبًا كبيرة، بل اعتمد على الدبلوماسية وأقام علاقات قوية مع ممالك الشرق الأدنى مثل ميتاني وبابل وآشور، كما تدل على ذلك الرسائل المتبادلة التي وُجدت لاحقًا في أرشيف تل العمارنة.
شهد عهده طفرة كبيرة في مجالي البناء والفن، حيث شُيّدت معابد ضخمة وقصور فخمة، من أبرزها معبد الأقصر وقصره الضخم في غرب طيبة، إلى جانب تمثالي ممنون العملاقين اللذين لا يزالان قائمين حتى اليوم. وقد تميز الفن في عهد أمنحتب الثالث بالدقة والفخامة، كما صُوّر الملك في تماثيله بمظهر إلهي يعكس مكانته وسلطته وقوة حكمه.
من الناحية الدينية، ظل أمنحتب الثالث مخلصًا لعبادة الإله آمون، لكنه بدأ في الوقت نفسه بإدخال بعض عناصر عبادة آتون، ما مهد الطريق للتغييرات الدينية الكبرى التي حدثت لاحقًا في عهد ابنه أخناتون. بعد وفاته، دُفن الملك في وادي الملوك، في المقبرة رقم KV22، الواقعة في الجهة الغربية من مدينة الأقصر. تم اختيار هذا الموقع كمقبرة ملكية بعيدة عن لصوص القبور، ونُقشت جدرانها بمناظر دينية معقدة تصور رحلة الملك في العالم الآخر. وعلى الرغم من تعرض المقبرة للنهب في العصور القديمة، فقد تم توثيق بعض بقاياها وكنوزها، كما تم التعرف لاحقًا على مومياء الملك ضمن المومياوات الملكية المحفوظة.
يمثل عهد أمنحتب الثالث ذروة القوة والثراء والهيبة في التاريخ المصري الفرعوني، ويُعتبر نموذجًا للعظمة الملكية والفن المتقن في عصر الدولة الحديثة، ما يجعله أحد أعظم ملوك مصر القديمة وأكثرهم تأثيرًا في تاريخ الحضارة المصرية والعالمية.






