عاممقالات

د. محمد فاروق .. يكتب: الدولار والأزمات المفتعلة .. نظرة مختلفة (2)

بعدما تحدثنا في الحلقة الأولى من هذه السلسلة، عن الظروف الاقتصادية الصعبة التي مرت بها البلاد لسنوات متتالية والتي كان لها العديد من الأسباب ومن أهمها الفجوة الدولارية بين ما نستورده وبين مواردنا الدولارية، وهي الفجوة التي ساهمت كثيراً فيما وصلنا إليه، نتناول في الحلقة الثانية ماذا فعل البسطاء بأنفسهم في أزمة الدولار، وساهموا دون أن يعلموا في تردي أحوالهم، وهم يظنون أنهم رابحون !.

ظن الكثير من البسطاء أن حلم الثراء السريع قد يتحقق من خلال تجارتهم في النقد الأجنبي، وبسبب قلة إدراكهم، كانوا يتحصلون علي أموال باليد اليمني وينفقون أكثر منها باليد اليسري.

منهم من باع مصاغ زوجته أو غامر بـ «تحويشة العمر» أو اقترض للتجارة في العملة، ولم يفهم أن ذلك سوف يؤدي حتما إلي انخفاض القيمة الشرائية للجنيه، ولأنه تاجر صغير فإن ما يتحصل عليه من فروق هي زهيدة جدا مقارنة بما سوف يتكبده من مصروفات زائدة في كل احتياجاته نتيجة انخفاض سعر الجنيه وزيادة الأسعار .. لم يستوعب أنه ضحية ما صنعت يداه، وأنه وهو يحاول أن يحسن من أوضاعه ساهم دون أن يدري في تفاقهما أكثر، فهو سيعاني حتما من ارتفاع اأسعار كل السلع والخدمات وإذا قام بجمع كل الزيادات التي طرأت عليها سيتبين له أنه يخسر.

من يكسب ويتربح فعلا هما التجار الكبار الذين يمتلكون كميات كبيرة وحصيلة ضخمة من النقد الأجنبي تكونت عبر جمعها علي مدار فترات طويلة وبأسعار منخفضة، مما يجعل مكاسبهم كبيرة وتأثرهم بأي انخفاض في سعر العملة الأجنبية محدود جدا.

وبالتالي فإن هؤلاء البسطاء قد ساهموا دون وعي في انخفاض قيمة الجنيه المصري دون تحقيق استفادة مباشرة لهم بل علي العكس، تعرضوا لخسائر غير مباشرة تفوق أضعاف المكسب المباشر، وخدموا كبار التجار بشكل مباشر.

وهنا يكمن السؤال: من المسئول عن الشرح المبسط لهؤلاء باللغة التي يمكن فهمها ليستوعبوا خطورة ما يفعلون علي أنفسهم ومجتمعاتهم، وماذا لو كانت هناك برامج هادفة تعمل علي زيادة وعي الناس فيما يخص المصلحة العامة والتي ترتبط ارتباطا وثيقا بالمصلحة الشخصية؟.

ماذا لو كانت هناك آلية إعلامية منظمة تعمل فقط من أجل زيادة الوعي بقضايا كثيرة مثل الاستهلاك وزيادة الانتاج وغيرها وغيرها من الاستراتيجيات الكبري التي تؤثر علي كل ما يخص المواطن في يومه وغده ؟ .. إنني أتطلع إلي ذلك اليوم الذي يتحقق فيه ذلك.

معركة الوعي من يكسبها يربح كل شئ، ومجتمعنا بحاجة ماسة إلى خوض هذه المعركة، اليوم قبل الغد، نخوضها معاً متسلحين بالعلم والإيمان وحب الوطن، وإعلاء المصلحة العامة على ما سواها، بهذا فقط، ستمضي سفينة الوطن، دون أن يخرقها أحدهم ظناً منه أن ذلك أفضل لجلب الماء.

Follow us on Google News Button

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى