عاممقالات

د. مفيدة إبراهيم علي .. تكتب: رمضان .. في كل الأزمان

جاء الإسلام نورًا وهدىً للناس، يهديهم سبيل الخير في الدنيا والآخرة، ويدفع عنهم شرور هذه الحياة وعذاب الآخرة.

وقد تضمنت تشريعات الإسلام كل شيء من العقائد التي تتمثل في الإيمان والشرك والردة والكفر، ومن التشريعات الفقهية والمعاملات والفرائض التي تمثل هوية المسلم.

ومن المسلّم به أن الله سبحانه لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون، فإنه جل عُلاه لم يحرم الاجتهاد، بل أعلى شأن العقل وميّز به الإنسان على سائر مخلوقاته؛ فعلم الله الإنسان ما لم يكن يعلم وذكر في قرآنه الحكمة من أشياء وسكت عن ذكر الحكمة في أشياء أخرى قد يكشف عنها العلم الذي ييسر الله كشفه للإنسان كلما أعمل عقله وفكر وتأمل وبحث واستكشف.

ومن الأشياء التي ذكرت لنا الحكمة فيها، اختيار شهر رمضان، موعدًا يلتقي فيه المسلمون معه من كل عام لأداء إحدى الفرائض الخمس التي كتبها الله على المسلمين، تقربًا وعبادة ودوامًا للاتصال به.

هو شهر أنزل الله فيه القرآن جملة إلى السماء الدنيا، وتتابع نزوله على مدى ثلاث وعشرين سنة تبعًا للمواقف والأحداث التي مرت بها الدعوة الإسلامية، وليس القرآن وحده هو الذي شرف به رمضان، بل إن صحف إبراهيم وتوراة موسى وزبور داود وإنجيل عيسى قد شرف رمضان بنزولها فيها، مع اختلاف اسم رمضان من زمن إلى زمن.

وقد يكون لاختيار الله لرمضان شهرًا للصوم حكم أخرى اختص بها علمه غير ما علمنا به من كتابه الكريم وأحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم، تمامًا كما لم يعلم الناس في عصور سابقة تفاصيل أسرار حكمة الصوم نفسها التي بسطها لنا الطب الحديث وشاء الله لنا أن نعلمها زيادة يقين في أن الله ما فرض شيئًا إلا وفيه الخير لعباده المؤمنين.

ولقد فرض صيام شهر رمضان في قوله تعالى :”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ” البقرة -183.

وفرض صوم رمضان في السنة الثانية من هجرة الرسول إلى المدينة، وفي رواية للنسائي، أن رسول الله قال: “إن الله فرض صيام رمضان، وسننت لكم قيامه، فمن صامه وقامه إيماناً واحتساباً خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه”.

يبدأ صيام شهر رمضان بتحري القمر من شخص عدل ويكفي إخبار القاضي بذلك. روي عن ابن عمر قَالَ:‏ ‏(‏ تَرَاءَى النَّاسُ الْهِلالَ فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي رَأَيْتُهُ فَصَامَهُ وَأَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ ‏)‏ أو بإكمال عدة شهر شعبان ثلاثين يوماً لأن الشهر لا يزيد عن ثلاثين لما روي عن ابن عمر رضي اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ‏: (إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لا نَكْتُبُ ولا نَحْسُبُ الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا يَعْنِي مَرَّةً تِسْعَةً وَعِشْرِينَ وَمَرَّةً ثَلاثِينَ‏)‏.

ويبدأ الصيام من طلوع الفجر، والإفطار عند غروب الشمس، والآن مع تقدم التكنولوجيا، قاموا بتحديد لحظة الغروب لحظياً مثلما ترى في الإمساكية وعندها يؤذن المؤذن للفجر أو للمغرب فالإفطار عند قول الله أكبر الله أكبر في أذان المغرب.

والصائم يرتبط بالمكان الموجود فيه، بمعنى مراعاة فروق التوقيت، فتقوم بالإفطار بمجرد سماع أذان المؤذن بالمسجد الذي بجوارك إن وُجد وليس الذي بالراديو أو بالتلفزيون.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تزال أمتي بخير ما أخروا السحور وعجلوا الفطور).

Follow us on Google News Button

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى