عاممقالات

رسائل “مادلين” .. متى توقظ الصامتين ؟

فى ظل فقدان المجتمع الدولى لإنسانيته وقيمة ومبادئة وإهدار كل ما يتعلق بحق الإنسان فى الحياة والعيش بسلام، وفى ظل الهوان العربى والخذلان الإسلامى تجاه ما يحدث فى غزة وفى أهلنا بغزة من إبادة جماعية يومية وحرب تجويع والقضاء على كل ما يتعلق بسُبل البقاء على قيد الحياة من قِبل كيان صهيونى محتل غاصب و بدعم كامل ومباركة من الشيطان الأمريكى الذى لا يخجل من مساندته العلنية وحمايته للمحتل من أى قرار دولى بوقف هذه المجازر وتلك الإبادة، يلوح فى الأُفق شُعاع نور يحاول أن يشُق طريقة وسط العتمة والظلام الدامس الذى إرتضاه الجميع واستأنسه رغم مشاهدتهم الحية لأبشع إبادة جماعية فى التاريخ مكتفين بمصمصة الشفاه و«الحسبنة» على القتلة الفجرة من بنى صهيون، وكأنهم يريدون أن يقنعوا أنفسهم بأن هذا كل ما لديهم.

مجموعة من أصحاب الضمير الحى، أصحاب قيم وإنسانية ورحمة، قرروا أن يشقوا هذا الظلام، فلم يعُد لديهم طاقة و لم يعُد ضميرهم يتحمل هذا الصمت المخزى الذي يصل إلى حد التواطؤ مع المحتل، فعقدوا العزم على كسر حصار التجويع لشعب بأكمله فى أكبر جريمة لمحتل عبر التاريخ.

١٢ إنساناً بكل ما تحمله الكلمة من معانى الإنسانية من الرجال والنساء عقدوا العزم واستقلوا سفينتهم الصغيرة والتى أطلقوا عليها إسم “مادلين” وهو اسم فتاة من غزة، وذلك رغم علمهم بما قد ينتظرهم من مخاطر، قد تصل لفقدان حياتهم ولكن ضميرهم الإنسانى أصبح محركهم وبوصلتهم، وأخذوا معهم بعض الطعام والدواء والأجهزة الطبية.

وعلى مدار تسعة أيام، أبحرت “مادلين” والتي بدأت رحلتها من ميناء كاتانيا بإيطاليا وعلى متنها هؤلاء الابطال من سبع دول من (ألمانيا وفرنسا وتركيا والبرازيل والسويد وهولندا وأسبانيا) حتى وصلوا اليوم إلى مشارف سواحل غزة الأبية، ولكن الإحتلال الصهيونى المجرم حاصر “مادلين” واعتقل من فيها وأصطحبهم إلى ميناء أشدود ولا يُعرف مصيرهم حتى كتابة تلك السطور.

هؤلاء الأبطال الذين أرادوا كسر جدار الصمت والخوف والخُذلان والضعف، فى رأيى إنهم أرادوا أن يوصلوا عدة رسائل بعد أن رأوا أن الجميع إكتفى بمشاهدة شعب غزة يُذبح ويقصف يوميا بالسلاح الأمريكى، ويتم تجويعه حتى الموت، ويتم هدم المستشفيات والمنظومة الصحية بأكملها، على يد مجرمين نازيين ويتم هذا على الهواء مباشرة ً أمام أعيُن العالم أجمع بمسلمية وعربه.

الرسالة الأولى : هى إستغلال الزخم الإعلامى المتابع لرحلة السفينة لإبقاء قضية غزة فى واجهة الإهتمام العالمى وكشف هذا الحصار الجوى والبحرى والبرى لتجويع شعب بأكمله.

الرسالة الثانية : أن قضية غزة ليست قضيتهم وحدهم ولكنها قضية ضمير إنسانى وقضية تضامن دولى وهو ما يؤكده تشكيلة مجموعة الأبطال على متن السفينة والذين ليس بينهم من ينتمي لدولة عربية أو إسلامية.

الرسالة الثالثة: كشف الوجه القبيح للكيان الصهيونى المحتل، فهؤلاء النشطاء الأبطال يعلمون جيدا أن الكيان المحتل لن يسمح لهم بالوصول إلى شواطئ غزة وتقديم المساعدات لأهلها ويتوقعون العديد من السيناريوهات وأى منها ستكشف عن وجه الإحتلال القبيح وهو ما حدث بالفعل من إعتقالهم ومعاملتهم بطريقة خشنة ولا يُعرف مصيرهم حتى الآن، والعالم كله يُتابع الحدث.

الرسالة الرابعة: أن رحلة التضامن تلك هى البداية وستفتح الطريق للعديد من المحاولات الأخرى لرحلات التضامن حتى يتم فك حصار التجويع عن أهل غزة.

الرسالة الخامسة : على المؤسسات والمنظمات الدولية أن تضطلع بدور أساسي ومحوري في فك حصار التجويع الذي يفتك بشعب بأكمله حتى لا تفقد معنى وجودها ونشأتها ودورها فى الحياة.

وفى النهاية: هل تكون رحلة ” مادلين ” بداية لإستيقاظ النائمين الصامتين الخانعين من العرب والمسلمين، أم أنهم سيظلون على موقفهم الحالي أذلاء صامتين، يتوارون خجلاً، أو ربما لم يعد لديهم خجل.

Follow us on Google News Button

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى