اقتصاد

الذكاء الاصطناعي يرفع أسعار الموبيلات في عام 2026

يبدو أن الراغبين في تحديث هواتفهم الذكية خلال العامين المقبلين قد يواجهون واقعًا أكثر كلفة مما اعتادوا عليه، إذ تشير تقارير متخصصة إلى موجة ارتفاع ملحوظة في أسعار الهواتف عالميًا، مدفوعة بعامل غير تقليدي يتمثل في التوسع الهائل في تقنيات الذكاء الاصطناعي ومراكز بياناته العملاقة.

ووفقًا لدراسة حديثة صادرة عن مؤسسة Counterpoint Research، فإن الطلب المتسارع على البنية التحتية للذكاء الاصطناعي بدأ يفرض ضغوطًا غير مباشرة على سوق الإلكترونيات الاستهلاكية، وعلى رأسها الهواتف الذكية.

فمع تسابق الشركات الكبرى على بناء وتشغيل مراكز بيانات متقدمة، باتت هذه المرافق تستحوذ على مكونات أساسية كانت تُستخدم تقليديًا في تصنيع الهواتف، ما أدى إلى اضطراب في سلاسل الإمداد وارتفاع واضح في التكاليف.

الذاكرة في قلب الأزمة

وتتمثل نقطة الاختناق الرئيسية في رقائق الذاكرة، وخاصة DRAM، التي تُعد عنصرًا حيويًا لكل من الهواتف الذكية الحديثة وخوادم الذكاء الاصطناعي المتقدمة.

ففي الوقت الذي تعتمد فيه الهواتف على هذه الرقائق لضمان سلاسة الأداء وتشغيل التطبيقات الثقيلة، تحتاجها مراكز البيانات بكميات ضخمة لتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي المعقدة.

غير أن مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي، خصوصًا تلك المعتمدة على أنظمة متطورة من شركات مثل “إنفيديا”، توفر هوامش ربح أعلى لمصنعي الذاكرة مقارنة بقطاع الهواتف الذكية، ما يدفع الموردين إلى إعطاء الأولوية لها، على حساب الإلكترونيات الاستهلاكية.

ارتفاع التكاليف وانعكاسه على السوق

ويحذر محللو Counterpoint من أن هذا الخلل في العرض والطلب لن يكون مؤقتًا، بل مرشح للاستمرار حتى عام 2026، مع توقعات بارتفاع أسعار الذاكرة بنسبة قد تصل إلى 40% خلال النصف الأول من ذلك العام.

وقد بدأت آثار هذه الزيادات بالظهور بالفعل على تكلفة مكونات التصنيع (BoM) للهواتف الذكية.

وتشير البيانات إلى أن الهواتف الاقتصادية، التي يقل سعرها عن 200 دولار، كانت الأكثر تضررًا، حيث ارتفعت تكاليف إنتاجها بنسبة تتراوح بين 20% و30% خلال عام واحد فقط، بينما شهدت الهواتف المتوسطة والفاخرة زيادات أقل نسبيًا، تراوحت بين 10% و15%.

ومع استمرار الضغوط، تتوقع Counterpoint انكماش شحنات الهواتف الذكية عالميًا بنسبة 2.1% في عام 2026، على عكس توقعات سابقة كانت تشير إلى نمو محدود في السوق.

المستهلك يدفع الثمن

وترجح المؤسسة البحثية أن يعجز المصنعون عن امتصاص هذه التكاليف لفترة طويلة، ما سيؤدي إلى نقل جزء كبير منها إلى المستهلك النهائي وبناءً على ذلك، من المتوقع أن يرتفع متوسط سعر بيع الهواتف الذكية عالميًا بنسبة 6.9% في عام 2026، وهي زيادة تفوق التقديرات السابقة بشكل ملحوظ.

ومع ذلك، لا تتأثر جميع الشركات بالقدر نفسه؛ إذ تتمتع علامات كبرى مثل آبل وسامسونج بقدرة أكبر على مواجهة هذه التحديات، مستفيدة من حجمها الضخم وعلاقاتها القوية مع الموردين، إضافة إلى تركيزها على الفئات السعرية العليا ذات الهوامش الربحية المرتفعة.

في المقابل، تواجه الشركات الأصغر، ولا سيما تلك التي تركز على الهواتف المتوسطة والاقتصادية، ضغوطًا أشد، ما يدفع بعضها إلى تقليص المواصفات أو الاعتماد على مكونات أقدم، أو الحد من وتيرة الابتكار التقني لتعويض ارتفاع تكاليف الذاكرة.

وفي ظل هذه المعطيات، يُتوقع أن يعيد المصنعون النظر في استراتيجياتهم، مع ميل متزايد نحو تعزيز الفئات الأعلى سعرًا مثل إصدارات “Pro”، القادرة على تحقيق أرباح أفضل. أما المستهلكون، فقد يجدون أنفسهم أمام خيارات أقل وبأسعار أعلى خلال العامين المقبلين، ما يجعل اقتناء الهواتف الحالية، في نظر كثيرين، الخيار الأكثر توفيرًا في المدى القريب.

Follow us on Google News Button

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى