
شاهدت وتابعت ما لم يكن يتخيله أحد ….
شاهدت واستمعت إلى المشادة أو المعركة بين الرئيس الأوكراني ” زيلينسكى ” وبين السيد ” ترامب ” رئيس الولايات المتحدة الأمريكية فى المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض ….
هذه المهزلة التي تعكس مأزقا غير مسبوق لـ ” زيلينسكى ” وجميع أطراف التحالف الغربى الداعم والمؤيد له وأصبح بقاء ” زيلينسكى ” نفسه فى السلطة محل شك …!!
لم يكن أشد المتشائمين يتوقع أن تنتهى مقابلة ” زيلينسكى ” مع ” ترامب ” فى البيت الأبيض بمشادة … ولكن هذا ما حدث …
وهو أسوأ سيناريو يمكن تصوره لأوكرانيا بصفة عامة ولرئيسها بصفة خاصة ….
ولقد تراوحت تفسيرات ما حدث من انتهاك ” زيلينسكى ” للأعراف الدبلوماسية بما وجهه من انتقادات علنية للرئيس الأمريكى أمام الإعلام، إلى طلب ” زيلينسكى ” إرسال قوات أمريكية لأوكرانيا كشرط لتوقيع اتفاقية سلام !!؟؟
وهو أمر لا يوافق عليه ” ترامب ” لأنه يعنى ببساطة توريط أمريكا فى مستنقع أوكرانيا بشكل مباشر وهو الأمر الذى كان هو ذاته السبب الرئيسى فى إشعال الحرب …
إذ أن ضم أوكرانيا للناتو كان أساس المشكلة ولذلك فإن استنتاج ” ترامب ” بأن ” زيلينسكى ” غير مستعد للسلام وأنه يسعى لإشعال حرب عالمية له أساس قوى.
على ضوء تلك المشادة التى هى قمة الفشل والإخفاق فى علاقة “زيلينسكى ” بأمريكا ومسارعة أوروبا بالاشارة لمواصلة دعم وتشجيع الرئيس الأوكراني، يبدو استمرار الدعم الأمريكى لحرب روسيا / أوكرانيا موضع شك كبير …
ومن غير المرجح أن تكون أوروبا وحدها قادرة على مواصلة دعم أوكرانيا بنجاح فى تلك الحرب الشرسة والصعبة.
لاشك أن وضع أوكرانيا سيكون أصعب كثيرا وأن استمرار ” زيلينسكى ” نفسه فى السلطة سيكون على المحك خاصة أن شرعيته السياسية مطعون فيها كون مدة ولايته انتهت فى مايو من العام الماضى وما زال مستمرا فى الحكم بدون انتخابات .. !؟
إن ما حدث أمام العالم يمثل سابقة خطيرة لم تحدث من قبل … وهو أمر بالغ الخطورة وانقلاب سيء في أسلوب التعامل ما بين الدول على مستوى الرؤساء والقادة … لست أبدا متعاطفا مع المدعو ” زلينسكي”
ولن أكون … لكن ما حدث معه كان أمرا مخجلا خاصة وأن الرجل أتى بموجب دعوة رسمية … وحسب البروتوكولات الدولية والأعراف والقواعد الدبلوماسية المتبعة في هكذا مواقف فإن الاجتماعات على هذا المستوى الرفيع يكون الإعداد لها إعدادا جيدا … وتكون كافة الأمور متفقاً عليها ومنتهية قبل عقد مثل هكذا اجتماع … ويصبح اللقاء مجرد تبادل عبارات الإطراء والثناء مع البعد تماما عن أي نقاط أو أمور خلافية …
ولقد كان واضحا أن الأمور قد تم الترتيب لها مسبقا
فكان تواجد نائب الرئيس الأمريكي والذي بدا متحفزا مستفزا وهو يتحدث للرئيس الأوكراني كما كان السيد ” ترامب ” متعاليا ….
ما حدث أعاد لنا ذاكرة لقاء ملك الأردن ونجله مع الرئيس الأمريكي … تذكرنا كيف كان الملك ممتقع الوجه بادي الاضطراب حينما اكتشف الفخ الذي نصبوه له … لكنه تمكن بخبرة السنين أن يجتاز الموقف ويتحاشى الصدام …
إن ما فعله ” ترامب ” ونائبه ينذر بخطر عظيم ويضرب بأسس العلاقات الدولية في الصميم .. وأصبح من الواضح أن العالم قد دخل في نفق مظلم لمدة أربع سنوات بدأت مع تولي السيد ” ترامب” حكم أمريكا … عالم ستحكمه الأهواء وسوف تفرض فيه قوانين القوة والغطرسة … من الواضح أن ساكن البيت الأبيض الجديد قد انتوى أن يتعامل بطريقة تفرض على الجميع أن يكونوا تحت سيطرته، يطلب ما يشاء وقتما وكيفما وأينما شاء … يطلب التريليونات من هذا … ويغتصب الأرض من ذاك …
لم يعد يهمه حلفاء أوروبيون … ولا أصدقاء وشركاء استراتيجيون .. فهو لا يجيد سوى لغة المال …
ردود الأفعال الدولية عقب ما حدث تؤكد أن الجميع مستاؤون قلقون غير راضين …
وبالمقارنة … اظن أنه من الواضح عند وجود خلافات عميقة فإن اللقاء المباشر قد لا يكون محبذا، وهنا فإن تأجيل زيارة الرئيس المصرى لواشنطن قرار سليم … قرار حكيم …
خلاصة القول … أن العالم أصبح في خطر …
أعتقد أن جراب الحاوي ” ترامب ” ما زال متخما وممتلئا بالمفاجآت …






